لدي خوف ووساوس من المرض والموت. ما العلاج؟

0 224

السؤال

السلام عليكم
أشكركم على كل المجهودات المبذولة، وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.

أنا شاب بعمر 24 سنة، غير مدخن، لا أتناول المنبهات من القهوة والشاي إلا نادرا، لدي خوف ووساوس من المرض والموت.

بدأت عندي هذه الأعراض منذ عام ونصف، كنت نائما وفجأة نهضت وأنا أشعر بخوف شديد! دام هذا الخوف عدة أيام، خصوصا في الليل، ثم أصبحت تأتيني وساوس الأمراض، مثل ضيق التنفس والشعور بأن شخصا ما يخنقني.

ذهبت إلى الطبيب وبعد الفحص تبين أني سليم، والحمد لله، ومنذ ذلك اليوم اختفت هذه الأعراض حين طمأنني الدكتور، وقبل 9 أشهر توفي أخي الصغير في حادث مرور، فازدادت حالتي سوءا، وأصبحت كثير الخوف والوساوس من الموت والمرض، وهذه الأعراض تقل وتزداد في فترات متقطعة.

أما الأعراض التي أعاني منها اليوم هي توهم الغثيان، خصوصا في الليل، لكن بدون قيء أو ألم، حيث أصبحت أنام نهارا وأنهض ليلا، وأخاف جدا حين يحين موعد الأكل، مع زيادة ضربات القلب، ورجفة، وشعور ببرد شديد في الأطراف، وأرق شديد عند النوم، وإسهال فوري بعد كل نوبة فزع، وإسهال مع الصباح الباكر، وبعد قضاء حاجتي أشعر بأنني لم أفرغ كل شيء.

اليوم يأتيني وسواس مرض ربو وغدا سرطان وبعد غد بروستاتا، فقدت إحساسي بالحياة، وتوفقت عن الصلاة، وأنا اليوم أمكث في غرفتي 23 ساعة يوميا، أفكر تارة وأبكي تارة.

أنهيت دراستي الجامعية بصعوبة شديدة، وها أنا اليوم ماكث في غرفتي أنتظر الغد لتكرار نفس الروتين! هذه جزء من معاناتي مع الحياة.

أرجو مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية، ونسأل الله لأخيك الرحمة والمغفرة، ولكم الصبر وحسن العزاء، وأن يكتب الله تعالى لكم الأجر، وإن شاء الله تكون آخر الأحزان، وأذكركم بقوله تعالى: {ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.

أيها الفاضل الكريم: أنا تدارست رسالتك، وما ذكرته، واضح جدا بالنسبة لي من الناحية التشخيصية.

حالتك هذه تندرج تحت ما يسمى بقلق المخاوف الوسواسي، وهي حالة منتشرة جدا خاصة في زمننا هذا، ولا أريدك أبدا أن تتهم نفسك بالضعف أو بالهشاشة، لا ضعف ولا هشاشة لا في شخصيتك ولا في إيمانك، إنما هذه الأعراض هي أعراض مكتسبة في معظم الأحيان، تأتي من بعض الخبرات الحياتية السابقة والسالبة، مثلا الإنسان إذا تعرض لنوع من الخوف أو التخوف في الطفولة إذا قرأ عن مرض ما، إذا حدثت وفاة لشخص ما وكان يعاني من مرض معين، هذه كلها قد تكون روابط ومثيرات لهذه الحالات.


أنا أقدر جدا مشاعرك، وأقدر جدا المعاناة التي تعاني منها، لكني أريدك أن تقنع أن هذه الحالات بسيطة، وأنه يمكن التخلص منها، ويمكن علاجها بصورة ممتازة جدا.

كل الأعراض التي تأتيك من إسهال وتوترات وخوف وغثيان ووساوس حول الموت، هذا كله ناتج من قلق المخاوف الوسواسي، وحالتك نعتبرها من الدرجة البسيطة.

تجاهل الأعراض مهم جدا، وأن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تعني: أن تنام نوما ليليا مبكرا، أن تمارس الرياضة، أن تحرص على عباداتك، أن تكون شخصا نافعا لنفسك ولغيرك، أن يكون لك مخططا حياتيا واضحا تنجز من خلاله الكثير والكثير، وأن يكون غذائك متوازنا، وأن تكون بارا بوالديك، أن تكون مشاركا بصورة إيجابية في شؤون أسرتك، وأن يكون لديك نسيجا اجتماعيا ممتازا.

هذا - يا أخي الكريم - هو الخط والطريق الذي إذا انتهجه الإنسان يدخل إدخالات كبيرة وعظيمة وجادة على صحته النفسية، من حيث الإيجابية والتطور وتطوير الذات وتنميتها.

بقي بعد ذلك أن أقول لك: حاول ألا تقرأ عن الأمراض أبدا، ويجب أن تستعين بالدعاء، وكما ذكرت لك الفعالية في الحياة تصرف انتباهك عن هذا، والبشرى التي أود أن أزفها لك هي أن هذه الحالات تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتاز، هنالك دوائين مهمين في حالتك: الدواء الأول والأساسي هو العقار الذي يعرف تجاريا باسم (سبرالكس)، واسمه العلمي (استالوبرام)، والدواء الثاني هو (دوجماتيل) واسمه العلمي هو (سلبرايد).

ابدأ بتناول الدوجماتيل بجرعة كبسولة صباحا ومساء لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدوجماتيل. أما السبرالكس - وهو علاج أساسي - ابدأ في تناوله بعد أن تكون بدأت في تناول الدوجماتيل لمدة عشرة أيام، وجرعة البداية بالنسبة للسبرالكس هي خمسة مليجرام، وهو حقيقة لا يوجد في هذه الجرعة، إنما يوجد في عيار عشرة مليجرام.

إذا تناول نصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم عشرين مليجراما يوميا، وهذه هي الجرعة العلاجية، تتناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء. أدوية سليمة فاعلة ومفيدة.

حين تأخذ بالعلاج الدوائي وتدعمه بالإرشادات السلوكية التي تحدثنا عنها سلفا هذا - إن شاء الله تعالى - يكون سببا بتمتعك بكامل الصحة والعافية، والتي أسأل الله تعالى أن يديمها علينا وعليك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات