السؤال
السلام عليكم
لدي صديق قريب عانى من مرض نفسي شديد قرابة عامين ونصف عام، الاكتئاب والهلع وبعض الوسوسة واختلال الأنية، وقد شفي تماما من مرضه، وتعافى بنسبة كبيرة، والمشكلة أنه ذات يوم كان في كامل عافيته، وقال لي: شعرت بانقباض شديد في رأسي، ووقعت في اختلاط أفكار ووساوس، لم أستطع الخروج منها ولم أتذكرها كي أعالج نفسي منها، واختلطت علي الأمور لمدة 20 يوما، ولم أستطع الخروج منها حتى أنه قال لي تمنيت أن أكون أعمى دون هذا المرض الخبيث فقد دعا الله أن يفقد بصره كي يستريح!
هل يجوز له أن يدعو على نفسه بالعمى بنية الشفاء من مرضه والخلاص منه؟ وكيف له أن يخرج من حالته؟ حيث قال لي إنني أتعذب كلما أرى جمال الدنيا وملذاتها، ولا أستطيع أن أتفاعل معها بسبب مرضي، عمى بصري أفضل من عمى قلبي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا يجوز للمسلم أن يدعو على نفسه بالشر والهلاك والمرض؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. ) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم:( لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون). رواه مسلم.
فالدعاء على النفس بالشر والهلاك حرام، وخاصة إذا كان ذلك تسخطا وتضجرا بسبب الأقدار المؤلمة التي أصابته وتدل على عدم الرضا بما قدره الله سبحانه.
فلا يجوز للأخ أن يدعو على نفسه بالعمى، بل المشروع في حقه أن يدعو بالشفاء لنفسه مما أصابه ويدعو بالعفو والعافية، ويصبر ويحتسب على ما أصابه حتى تكفر خطاياه بمرضه، وما يدريه أن مشكلته ستنحل بعمى بصره، بل ربما تزاد.
لذا عليه التوبة والاستغفار مما حصل منه، والرضا بما قدره الله عليه، وعدم التسخط على الله في ذلك، وعليه بالدعاء والالتجاء إلى الله في دفع ما نزل به من مرض، والأخذ بأسباب العلاج لهذا المرض من رقية شرعية، والاكثار من ذكر الله، والاستغفار، والاقبال على الله بقلبه وجوارحه، لعل الله أن يعجل له بالشفاء.
وكذا عليه مراجعة الطبيب المختص لعلاجه عضويا إن أمكن، ويثق في فضل الله وكرمه ولا ييأس من الشفاء، فإن من أخطر ما يصاب به العبد هو اليأس من رحمة الله، قال الله تعالى:( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).
وعليه أن يكون إيجابيا مع الحياة، ويجعلها سببا في سعادته من خلال محاولة إدخال السرور على نفسه مما يرى فيها من نعم وخيرات، وكذا الرضاء بقضاء الله فيما أصابه، -وإن شاء الله- تتغير نظرته لها بالتدريج، وعليه أن يعلل نفسه بما عده الله للمبتلى الصابر من خير ونعيم في الآخرة.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه ويعافيه مما نزل به.