السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله كل خير على هذا العمل الخيري، وجعله الله صدقة جارية في ميزان حسناتكم.
أرجو أن تنيروا دربي، فحياتي انقلبت رأسا على عقب، حيث بدأت حكايتي في الصيف سنة 2013، عندما ذهبت إلى صالون نسائي وكان رأسي مبللا، وكان المكيف مفتوحا والهواء باتجاه رأسي، ولم أكترث في ذلك الوقت، لكن في المساء أثناء عودتي للبيت أخذت أفكر في الأمر، وخشيت أن يسبب لي ذلك مرضا خطيرا، وبعد بضعة ساعات بدأت أشعر بألم في رأسي، وأصبحت تنتابني وساوس بوجود ورم في الرأس، وبعد فترة تخرجت وانشغلت، ونسيت القصة.
منذ ذلك الوقت كلما أشعر بألم في رأسي أقول في نفسي: لقد بدأ الورم يتطور، حتى تطور الألم في الصيف الماضي فأصبحت أعاني من دوخة، وألم شديد في الرأس والعينين، فأحيانا تكون الدوخة في الرأس فأشعر أن الأشياء تدور حولي، وأحيانا تكون الدوخة في العينين وحولهما، فذهبت لطبيب العيون، وبعد الفحص تبين ضعف بصري، ولبست النظارة فتحسن حالي، ثم نسيت الموضوع مرة أخرى حتى قبل شهر رمضان بأيام، حيث أصبحت أشعر بدوخة وألم طفيف في رأسي، فتذكرت قصة المكيف، وانتابني خوف رهيب ووساوس، ثم تحسنت حالتي قليلا.
بعد رمضان تحسنت قليلا، ولكن في هذه الأيام عادت لي الدوخة مرة أخرى، وشعرت كأن الورم أصبح في درجة متقدمة، وانتكست حياتي، فأصبحت أعيش في وساوس وخوف من المرض والموت، وفي الأسبوع الماضي شعرت بطرقعة في الأذنين عند البلع، فذهبت إلى الدكتور، وبعد الفحص تبين وجود مشكلة في الأنف وليس الأذن، وأخبرني أنني أعاني من حساسية شديدة أدت إلى انتفاخ وانسداد القناة التي بين الأذن والأنف، وهو الأمر الذي يسبب الطرقعة، وعندما أخبرته عن الدوخة، قال لي: إنها ليست من أعراض الأذن، بل بسبب القلق، وأخبرني أن القلق يظهر بوضوح علي منذ أن رأني، فوصف لي أدوية للحساسية، ولكنني ما زلت أعاني من الطرقعة حتى الآن.
أحيانا أعتقد أن حالتي بسبب العينين، لأنني لا أرتدي النظارات، وأحيانا بسبب القلق لأنني متوترة كثيرا، ولكنني أكاد أجن من فكرة الإصابة بالسرطان، فكيف السبيل للتخلص من هذه الأفكار؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بالنسبة لموضوع الصوت الذي تسمعينه في الأذن عند البلع، فهو صوت دخول الهواء عبر أنبوب تهوية الأذن الوسطى، والذي يدعى نفير أستاشيوس، حيث أن عضلات البلعوم مرتبطة بفتحة هذا الأنبوب من طرف البلعوم، وعند البلع تتقلص هذه العضلات وتفتح الأنبوب ليتم تعديل الضغط، والشخص الطبيعي يحس بهذا الصوت، ولكن إن كان زائدا عن الطبيعي، أو ترافق مع انسداد، أو الإحساس بضغط في الأذن، فهذا معناه التهاب في الأذن الوسطى، وانسداد جزئي أو كامل في أنبوب التهوية (أوستاشيوس).
وفي هذه الحالة عليك بالالتزام بالعلاج الذي لديك لحساسية الأنف (والتي قد تكون السبب في نقص تهوية الأذن الوسطى)، وخاصة استخدام بخاخ الكورتيزون الأنفي الموضعي تحت الإشراف الطبي، مع إجراء مناورة تهوية الأذن الوسطى والتي تدعى مناورة فالسالفا.
وهي كالتالي: إغلاق فتحتي الأنف باليد، ثم ضغط الهواء بزفير قسري صعودا من الصدر باتجاه البلعوم، بالأنف (وليس الفم) والاستمرار بالضغط حتى يتراكم ضغط كاف لفتح نفير أوستاشيوس (الأنبوب الواصل بين الأذن الوسطى وبين البلعوم الأنفي)، وعبر هذا الأنبوب يمر الهواء قسريا نحو الأذن الوسطى.
في حال عدم التحسن على هذه الحركة، فلا بد من زيارة طبيب الأذن والأنف والحنجرة، لتقييم الأذن الوسطى والضغط فيها، ومدى تهويتها عبر نفير أوستاشيوس، وقد يلزم تخطيط معاوقة غشاء الطبل، وقياس الضغط في الأذن الوسطى, وفي حال وجود ماء في الأذن الوسطى وعدم تحسنه على العلاج المحافظ، يمكن استخراجه أو سحبه جراحيا، مع وضع أنبوبة تهوية للأذن الوسطى عبر غشاء الطبل.
بالنسبة للشكايات الأخرى من الدوخة، فهي على الأغلب عينية المنشأ، وعليك بارتداء النظارة الموصوفة لك، أو إعادة التقييم العيني مرة أخرى، وأما القلق من وجود مرض خبيث، فهو غير مبرر مطلقا، خاصة أنك تراجعين الأطباء المناسبين، وأن الفترة لشكاياتك هي ثلاث سنوات، وهي فترة طويلة جدا بالنسبة لأي ورم خبيث، ولو كان لديك ورم في الدماغ -لا قدر الله- لكانت الأعراض كبيرة وواضحة، تترافق مع صداع شديد، وشلل في الأطراف، واضطراب في الوعي، مختلفة تماما عما تعانين منه حاليا, فإن أردت الإثبات الدامغ بعد كل هذه التطمينات، فعليك بمراجعة اختصاصي الأمراض العصبية، وطلب إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للرأس.
ويمكنك استشارة الاختصاصي النفسي لحل مشكلة القلق لديك، حيث قد يكتفي بالتطمين والمعالجة السلوكية، وقد يصف لك بعض المهدئات الخفيفة لفترة قصيرة، تستطيعين فيها التغلب على هذه المخاوف.
مع أطيب التمنيات لك بدوام الصحة والعافية من الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: باسل ممدوح سمان، استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة.
وتليها إجابة الدكتور: عبدالعزيز أحمد عمر، استشاري الطب النفسي وطب الإدمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخت الكريمة: الوسواس القهري: هو فكرة معينة، أو هاجس، أو حتى شعور يتكرر على الشخص بصورة مستمرة بدون استئذان، ويحاول الشخص مقاومته، ولكنه لا يستطيع، فيشعر بقلق وتوتر، فيقوم بالإتيان بأفعال لتخفيف هذا القلق، ويكون هذا مؤقتا، وسرعان ما تبدأ الدورة مرة أخرى من التفكير المستمر.
وهذا ما حصل معك -يا أختي الكريمة-، وسواس الخوف من المرض، خاصة المرض الخبيث، خاصة الخوف من وجود ورم، هذه الفكرة تتكرر عليك بصورة مستمرة، تقاومينها، لا تستطيعين، تشعرين بالقلق فتذهبي لإجراء فحوصات للتأكد، يخف القلق لفترة، ولكن الوسواس مستمر؛ لأن هذا الاضطراب هو اضطراب نفسي في المقام الأول.
أهم شيء: كسر هذه الدورة الخبيثة، الذهاب للفحص يؤدي إلى الراحة المؤقتة، والراحة المؤقتة تؤدي إلى التكرار، تكرار الأفكار ويحصل غصبا عنك، ولكن الذهاب إلى الفحص يؤدي إلى راحة مؤقتة، وبالتالي يتم تكرار الفحص باستمرار، ولكن لا طائل منه، لأنه ليس هناك مرض عضوي، فالرجاء الانقطاع عن الذهاب إلى الأطباء والتردد عليهم وعدم الفحص، حتى ولو أدى هذا إلى زيادة التوتر والقلق، وسيكون هذا لوقت ثم ينتهي، لأن هذا يدعم دائرة الوسواس، ويجعلها مستمرة ويغذيها.
المطلوب منك: تحويل التفكير من المرض إلى شيء آخر، لا تقاومي التفكير الوسواسي، ولكن حولي التفكير إلى تفكير في أشياء أخرى، إلى أشياء جميلة عملتيها في الحياة، إجازة قضيتها، رحلة قمت بها، المهم فكري في أشياء أو في لحظات سعيدة في حياتك مرت عليك، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى: يمكنك كلما بدأت هذه الأفكار تتوالى على ذهنك، أن تصرخي بصوت في داخلك: (قف، قف، قف) وهذا قد يساعدك -بإذن الله-.
والشيء الأخير: حاولي الاسترخاء، الاسترخاء مهم جدا للتخلص من القلق، الاسترخاء الجسدي بممارسة الرياضة الخفيفة مثل المشي، وبعض الرياضات المنزلية، وممارسة الهوايات الحركية، والانشغال عن الوسواس بعدم الخلو بالنفس، وأن تكوني مع الناس في معظم الأوقات.
وفقك الله وسدد خطاك.