السؤال
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على ما تنفعون به الأمة.
منذ ثلاثة أسابيع عانيت من نوبة هلع مفاجئة، ونوعا ما تعافيت منها -والحمد لله- بمضادات الاكتئاب، ولكن أحس بالخوف من الجنائز ومن حضور الصلاة بالمسجد، ومن الحديث مع الناس.
أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا بهذا السؤال.
ليس مستغربا أن تترافق نوبات الهلع مع الرهاب الاجتماعي، وهو ما يبدو التشخيص الأنسب لما ورد في النصف الثاني من سؤالك، إذ يعاني بعض الناس من الخوف أو الخجل والارتباك في الظروف الاجتماعية، مما يمكن أن نسميه الرهاب أو الارتباك الاجتماعي.
مما يفيدك هنا أن تدرك طبيعة ما يجري أنها حالة من الانفعال النفسي، وبشيء من التدريب والتدرج على مواجهة الناس ستجد نفسك أكثر جرأة وأقل ارتباكا في مواجهة الناس، ولكن حاول أن تتحلى ببعض الصبر، وستجد تغيرا كبيرا، وفي وقت قصير، بعون الله.
بالنسبة لموضوع الرهاب الاجتماعي فلا بد من ذكر أن وضوح التشخيص هو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج، ومن أهم علاجات الرهاب والخوف والأكثر فاعلية هو العلاج المعرفي السلوكي، وكما هو واضح من اسمه أن لهذا العلاج النفسي جانبين، الجانب المعرفي، والذي يقوم على التعرف على الأفكار السلبية التي يحملها المصاب، والعمل على استبدالها بأفكار أكثر إيجابية، والجانب السلوكي والذي يقوم على إعادة تعليم المصاب ببعض السلوكيات والتصرفات الصحية كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، يقوم المصاب بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى "يتعلم" كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتوهم.
يشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الاختصاصي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات، وبالإضافة لهذه المعالجة المعرفية السلوكية يمكن للطبيب النفسي أن يصف لك أحد الأدوية، لا أقول التي تعالج الرهاب وإنما تحسن من ظروف العلاج، ويبقى العلاج الرئيسي هو العلاج السلوكي، وكما ذكرت، وهناك العديد من الأدوية المفيدة، ويتحدد الدواء المناسب بعد تقييم الطبيب النفسي لحالتك بالشكل الشامل والمناسب.
لكن تذكر أن الكثير من الناس الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي يعالجون أنفسهم عن طريق عدم التجنب، وعن طريق الإصرار على مواجهة الناس والاختلاط بهم والحديث معهم، ولكن إن طالت المعاناة، فأرجو أن لا تتردد كثيرا في مراجعة الطبيب النفسي.
وفقك الله ويسر لك الخير والفلاح.