السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب مسلم من مصر، أعاني من الخوف من الناس، والخوف من المشي في الشارع، وفي الأخص الشوارع المزدحمة، حيث إننى عندما أمشي في شارع مزدحم، أصاب بأعراض نفسية جسمية، مثل: العرق، وزيادة في ضربات القلب، وتهيج في الجسم، واحمرار الوجه، وتوتر شديد، وذلك بدرجة تجعلني أخاف من المشي في الشارع، إلى درجة أنني أذهب إلى المعهد الذي أدرس بصعوبة.
وأقضي تقريبا كل وقتي في المنزل، وأحيانا لا أنزل إلا للصلاة فقط، ومن أسباب ذلك أنني أعاني انعدام ثقة بالنفس، واعتقاد أن الناس تنظر إلي على أنني عبيط! وسبب ذلك أنني في الصغر في أيام المدرسة كان زملائي يضربونني، ويأخذون مني المصروف، ويتعاملون معي على أنني عبيط! مع أنني كنت لا أؤذي أحدا منهم، وكنت لا أتكلم مع أحد، وذلك كله أصابني بمرض الخوف المرضي من الناس، والخوف من المشي في الشارع؛ حتى لا تأتي الأعراض النفسية الجسمية.
وقد جعلني هذا الخوف لا أستطيع أن أنزل لشراء ملابسي وحدي، أو أي شيء آخر، مع وصولي لسن العشرين، مما بسبب لي الاكتئاب الشديد في بعض الأحيان، وقد نصحني بعض الأقرباء بالتحدي والمواجهة، ولكنني كلما حاولت تأتيني الأعراض النفسية، وهي انصباب العرق حتى في الشتاء، وتهيج واحمرار الجلد، والتوتر الشديد، وتظهر علي علامات الخوف، وذلك كله مع أنني ذهبت للدكتور مع والدي، وأخذت علاجا، ومستمر فيه، إلا أنني ليس لدي الإصرار والتحدي لمواجهة الناس.
أرجو من فضيلتكم إعطائي جدولا أمشي عليه للعلاج من المرض، وانعدام الثقة بالنفس.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يبلي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
كل الأعراض التي ذكرتها تدل على أنك مصاب بنوع من المخاوف المتعددة الجوانب، وإن كان يسيطر عليها الخوف أو الرهاب الاجتماعي، وكذلك الخوف من الأماكن المغلقة أو الضيقة.
ما نصحك به قريبك هو عين الصواب، ونحن نؤيده من الناحية المهنية المحترفة، وهو أن العلاج يكون بالمواجهة، فقط نضيف أن تعمل جدولا للمواجهة في الخيال أولا، فعلى سبيل المثال تخيل أنك في مكان جيد ومظلم، ولا مخرج من هذا المكان، حيث أن الباب الموجود به سوف يفتح بعد ثلاث ساعات مثلا، استمر على هذا التفكير، على أن يظل الاستمرار في التفكير لمدة لا تقل عن نصف ساعة، ثم بعد ذلك تنتقل إلى التأمل في مصدر آخر، مثل أنك كنت بالمسجد في يوم الجمعة وبالصف الأول، وتخلف الإمام لسبب ما، وطلب منك أن تقوم بإلقاء الخطبة والصلاة لما توسم فيك الناس من الخير، وأرجو أن تأخذ مثل هذا التفكير الخيالي بالجد المطلوب، وإذا طبقت ذلك بالصورة السلوكية الصحيحة، فسوف تحس بأنك بدأت تشعر بنوع من الخوف، وربما التعرق، مثل ما يحدث لك في الواقع، وهذه بشارة علاجية كبيرة إذا حدثت.
أرجو الاستمرار في هذه التمارين صباح ومساء لمدة لا تقل عن شهر.
لابد أن تبدد المشاعر السلبية حول شخصيتك، وإن كانت التنشئة أو الطفولة قد أثرت فيك سلبا، والمطلوب من الإنسان أن يعيش الحاضر بقوة، والمستقبل بأمل.
بعد أن تمارس التمارين الذهنية، عليك أن تنتقل للواقع، ويمكن أن تأخذ معك قريبا لك –مثلا- في الأيام الأولى للذهاب إلى إحدى المحلات والدكاكين الكبيرة، ثم تنتقل في نفس اليوم لمحل ثاني وثالث ...وهكذا .
لا شك أن الأدوية فعالة ومفيدة جدا، وأفضل دواء لعلاج المخاوف من هذا النوع هو الدواء الذي يعرف باسم زيروكسات (SEROXAT)، وتبدأ بجرعة نصف حبة عشرة مليجرامات ليلا لمدة أسبوع، ثم ترفع الحبة بمعدل نصف حبة كل أسبوعين، إلى أن تصل إلى حبتين في اليوم، وتستمر على هذا المنوال لمدة ستة أشهر، ثم بعدها تخفض العلاج إلى حبة واحدة، وتظل على ذلك لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضه إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، بعدها يمكنك التوقف عنه.
هنالك علاج إضافي آخر، يعرف باسم فلونكسول، وجرعته هي نصف حبة صباح ومساء يوميا، ويمكن أن تستمر عليه بصفة متواصلة مع العلاج الأول.
هذه الأدوية سوف تتطلب التوقف عن الأدوية الأولى، وذلك مع احترامي الشديد لطبيبك الذي وصفها لك .
لا تنس أن التواصل الاجتماعي يقلل من المخاوف، مثل حضور حلقات العلم والتلاوة، وكذلك المداومة على الرياضة، خاصة الجماعية منها، وتمارين الاسترخاء.
وبالله التوفيق.