السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقدم شكري للقائمين على هذا الموقع النافع والمفيد، وأسأل الله أن يجعل ما تقدمونه للمسلمين في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
أعاني من مرض الرهاب الاجتماعي منذ ثمان سنوات، واستقريت حاليا على استخدام حبوب السيبرالكس بجرعة 20، -والحمد لله- جاءت بنتيجة، تحسن مزاجي، وقل الاكتئاب والخوف، ووجدت نفسي قادرا على القيام ببعض واجباتي الاجتماعية، لكن مع ذلك أشعر أن هناك معركة بين الدواء والأفكار السلبية التي اكتسبتها بعد التجارب المريرة التي سببها لي الرهاب، كيف السبيل للخلاص منها واستبدالها بأفكار أكثر إيجابية؟!
تحياتي لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ذكرت أنك تعاني من مرض الرهاب الاجتماعي منذ ثماني سنوات، ثم ذكرت أنه حصل لك تحسن في المزاج، وقل عندك الاكتئاب والخوف، وهنا قد يختلط الأمر بعض الشيء، هل تعني بالرهاب أو القلق الاجتماعي المرض المعروف بأنه خوف غير مبرر وشديد ينتاب الشخص في بعض المواقف الاجتماعية، حيث يكون مواجهة مجموعة من الناس مثل التحدث أمام جمع من الناس، أو الأكل أمام مجموعة من الناس، أو حتى أحيانا إمضاء شيك أو شيء آخر أمام جمع من الناس، يكون الشخص مرتبكا، ويشعر بأنه محط أنظار الآخرين وأنه محط سخريتهم وانتقادهم؟
هذا ما يعرف بالرهاب الاجتماعي والقلق الاجتماعي، ويؤدي هذا الشعور بالقلق والتوتر والارتباك أثناء هذه المواقف إلى أن يحاول الشخص أن يتجنب هذه المواقف نهائيا أو جزئيا، هذا هو تعريف الرهاب أو القلق الاجتماعي، وهو اضطراب في حد ذاته، ويصيب نسبة كبيرة من الناس.
أما الاكتئاب فقد يكون ثانويا للرهاب الاجتماعي؛ لأن صاحب الرهاب الاجتماعي إذا لم يواجه المشكلة المعينة يكون في حياته طبيعيا، ولكن إذا كان يؤثر في عمله وفي علاقاته الاجتماعية تكون مشكلة في حد ذاتها.
القلق يحدث دائما أثناء المواقف، وليس بين المواقف، ولا يوجد هناك اضطراب في المزاج، المهم الرهاب الاجتماعي – يا أخي الكريم – علاجه يتم بواسطة الأدوية – كما ذكرت – خاصة مجموعة الـ (SSRIS)، والسبرالكس من الأدوية المفيدة في هذا الشأن، وجرعة عشرين مليجراما جرعة مناسبة.
كما أنه أيضا يتم علاجه بالعلاج السلوكي المعرفي، حيث يكون دائما عند المرضى الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي مشاعرهم تكون أقوى من تفكيرهم، هم يعرفون أن هذه المواقف - تفكيريا - غير طبيعية، أو غير واردة، لكن لا يستطيعون التغلب على مشاعرهم، فبواسطة العلاج السلوكي المعرفي يتم التدرب بصورة متدرجة ومنضبطة من خلال جلسات بواسطة مشرف للتغلب على هذه المشاعر – مشاعر القلق – في هذه المواقف.
إذا ليست هناك معركة بين الدواء والأفكار السلبية، ولكن بالرغم من الاستمرار على الدواء لم يتم التخلص من كل الأفكار السلبية، وهذا ما يتطلب العلاج النفسي مع العلاج الدوائي، لكي يتم التخلص من هذه الأفكار أو التخلص من الأعراض المتبقية؛ لأنهما – أي العلاج الدوائي والعلاج النفسي – مكملان لبعضهما، وأثبتت كل الدراسات أن الجمع بين العلاجين أفضل من العلاج بأحدهما عن الآخر.
إذا ما عليك إلا أن تمارس العلاج السلوكي – العلاج النفسي – مع العلاج الدوائي، -وإن شاء الله- تتخلص من كل هذه الأفكار السلبية، ومن هذه الأعراض التي تقلقك.
وفقك الله وسدد خطاك.