السؤال
السلام عليكم..
جاءتني حالة لا أدري ماذا تسمى، ولم أستطع عبر كثير من الأطباء الذين ذهبت لهم أن أعرف بماذا تعرف هذه الحالة، لكن الأطباء يفهمون ماذا أقول، حتى قبل أن أكمل الحديث عن نفسي يبادر الطبيب بطرح السؤال علي للتأكد! مثلا: قلت للطبيب: "أحس أني أضايق الناس، أو أضايق أهلي..." وسألني: "لو مررت على أناس في الشارع يتحدثون، فهل تحس أنك المقصود في الحديث؟" قلت: "نعم"، وسألني: "هل تحس بأنك المقصود عندما تشاهد التلفزيون؟" قلت: "نعم".
وهذه المسألة كانت تؤرقني؛ لأنها تسبب لي وسواسا، وأنا طيب بطبيعتي، ولا أريد إيذاء الآخرين، والتسبب بإيذائهم، أو تعكير مزاجهم، فهم مرتاحون قبل مجيئي، ومن اللؤم أن أفسد صفاءهم، وألفتهم، واتفاقهم! كان هذا الشعور لدي خفيفا جدا من قبل، لدرجة أني لا أجد شخصا يقبل بي كصديق أو أخ حتى لو كانت الإخوة في الله، أو حتى الإخوة في المعصية.
وهذا الشعور ـ حقيقة ـ أسنده إلى انفصال والدي عن بعضهما، وشراسة الوالد وزوجة الأب بعد الانفصال، وعدم قبولهما بي، أو الاعتراف بي كإنسان على الأقل! لكن الذي حصل حصل، والمشكلة النفسية صارت، وكنت أجرب الأدوية بحسب الأطباء، ولم يفعل الدواء مفعوله! حتى يئست من الأدوية، وصارحت طبيبي الأخير بعدم قبولي بهذا الوضع، لكن واجهني الطبيب، وقال: "لابد أن تصبر، فمدة ستة أشهر لا تكفي، لابد أن ننتظر حتى سنة كاملة، واعلم أن هذا الدواء هو الذي سوف ينفعك، صدقني!"
وكان قد أعطاني دوائين: الأول له اسمان على الكرتون والشريط، الاسمان هما: Zyprexa وOlanzapine، والثاني Tegretol، الجرعة للأول وصلت حتى 10 ملي جرام صباحا، و10 مساءا، والثاني حبة ونصف 200 ملي جرام صباحا، ومثلها مساء، وفعلا مع الدواء، والاعتماد على النفس والاستبصار، والحكمة، واتخاذ قرارات لأمور كانت معلقة، عدت لتوازني! ولكن بعد سنتين، وليس سنة! وأحسست بقيمة الدواء، وقدرتي على التحكم بنفسي، ومنع إيحاءات الآخرين أن تتحكم بي، لكن لا زالت الحالة ترجع لي بين الفترة والأخرى.
والآن لي 4 سنوات على الحالة واستعمال الدواء، لكن حبة 10 ملي جرام للأول، وحبة 200 ملي جرام للثاني، فما رأيك بحالتي، والدواء، والمدة الطويلة في استخدامه؟ ولا أستطيع ترك الدواء؛ لأن هذا يجعلني أبقى في البيت، ولا أمل، أو أطفش بعد عزلتي، إلا للزيارات القصيرة.
وبعد التقاعد أنا عمري 35 سنة، هل آخذ دواء آخر يجعلني أخرج من البيت، لأني تعافيت من حالة وسقطت في حالة أخرى هي العزلة؟ والحقيقة لا أدري: هل العزلة مذمومة إلى هذه الدرجة لأنه لا يستحق الأمر أن أخرج من البيت؛ فالعائلة متفككة أساسا، ومنقسمة على شكل أحزاب، ولا أحب نوع الأسرة بهذا الشكل.
أيضا الأصدقاء تفرقوا، وليس بيننا علاقة إلا بالتلفون، أو الزيارة كل ستة أشهر، والتجمعات الشبابية ـ مثل النوادي الرياضية ـ لا أحبها، ولا أحب طبيعتها؛ فهي تجعلني غريبا.
أنا الآن مكتفي بالزيارات الاجتماعية بالحد الذي لا يسبب قطيعة، مع أني مقل بها أيضا، ومكتف بعائلتي الصغيرة التي كونتها، والعكوف على الإنترنت بالساعات، وخلق اهتمامات تنحصر في البيت والأنترنت، وهي تأخذ كل وقتي، مع محاولة اكتساب صداقات تناسب وضعي هذا، ووجدت ـ الحمد لله ـ صديقا واحدا حتى الآن، وهناك مشكلة لدي بين نزعاتي وأهوائي، وبين تعاليم الدين.
بالأخير: هل أنا طبيعي؟ وما هي الحالة التي بدأت بها أول الكلام؟ وما تقييمك لنفسيتي وحالتي إجمالا وتفصيلا، ووضعي الجديد؟ وعلما أنه يوجد بأسرتي حالات نفسية كثيرة، هل هناك تقبل جيني للمرض، وربما النشأة أو القسوة المفرطة التي عشتها في طفولتي؟