السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 20 سنة, منذ أن أصبحت واعيا لما يدور حولي وأنا أعاني من عدة أمور, منها المشاكل التي تدور بيني وبين أفراد أسرتي، وأكون أنا المذنب من وجهة نظر والدي، فيقومان بضربي وتحقيري وإذلالي أمام إخوتي, حتى توفي أبي وأنا في عمر 17 سنة.
أصبحت الحياة أصعب، ورغم ذلك نجحت في الثانوية العامة وبامتياز، وأكمل الآن تعليمي الجامعي، ولكن كل هذه السنوات قضيتها وأنا أتحمل الإهانات من إخوتي وأمي، فلا أستطيع المذاكرة كما يجب بسبب التفكير الدائم بمشاكلي معهم، حيث إني مكروه بالنسبة لهم، ونحن نعيش في بيت أخي الأكبر غير المتزوج، لأننا لا نملك منزلا خاصا.
أمي تنظر إلي نظرة دونية، وتحتقرني، وتراني بلا فائدة، وتطلب مني أن أستقل بحياتي بعيدا عنها، لكنني لا أستطيع لظروفي المالية القاسية، علما أني أعمل ليلا وأدرس نهارا، ولا أجد ما يهون علي مصيبتي، وأنا -الحمد لله- مواظب على صلواتي، حافظ لبعض السور منذ الصغر، ولكن بلا تقدير من أهلي، فكرت مرارا بترك التعليم الجامعي، والعمل في أي مجال، ولكني أخشى من تنفيذ هذه الخطوة.
أحب أمي لكنها لا تبادلني الشعور، وكلما تذكرت نظراتها واحتقارها لي عجزت عن المذاكرة، ووصلت لمرحلة اليأس بهذا العمر.
وأعاني أيضا من التفكير المستمر في المستقبل المجهول، والذي فقدت الأمل فيه بسبب روتين الدراسة والعمل الذي بصعوبة يكفي رسوم الجامعة والمواصلات والمصاريف الخاصة، حتى أني أشعر باستحالة الزواج مستقبلا.
أرغب في الاستقلال بحياتي، وتغيير نمط معيشتي، بعيدا عن أمي وإخوتي، فقد سئمت من كل شيء، وما يمنعني من الانتحار خوفي من الله، فهل أترك الدراسة وأجتهد في العمل للحصول على منزل، أم أصبر حتى أنهي تعليمي؟ كيف أتصرف مع أمي وإخوتي؟ أرشدوني لحل جذري لمشكلتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتمنى أن تجتهد في معرفة سبب هذا التعامل معك؛ لأنه إن عرف السبب بطل العجب، وأمكن بإذن الله إصلاح العطب.
عليك بالصبر فالصبر مفتاح الفرج، وقد أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام به وهو قادر على نصره، فقال: (واصبر وما صبرك إلا بالله ۚ ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون).
والصبر يحتاج إلى تمرين النفس عليه كما يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (ومن يتصبر يصبره الله)، وأحسن التعامل مع إخوانك وأمك، فادفع بالتي هي أحسن دوما، يقول تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
أنت تسير في الطريق الصحيح -إن شاء الله-، فسر على بركة الله، فالعظماء يولدون من رحم المعاناة، وأتوقع أن يكون مستقبلك مشرقا، فبالرغم من هذه المعاناة التي ذكرتها إلا أنك تكابد وتكافح، فلقد تميزت في الثانوية العامة، وها أنت تعمل وتواصل دراستك الجامعية، وما هي إلا أيام وإذا بك قد تخرجت من الجامعة، وسوف تلتحق في سلك العمل -بإذن الله-.
من فضل الله عليك أنك على شيء من الاستقامة، فوثق صلتك بالله أكثر، وقو إيمانك بالله، واتق الله حيثما كنت يجعل لك مخرجا من كل ضائقة يقول تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)، ولازم الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهما من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب.
يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).
لا تعط لنفسك الرسائل السلبية، فإن العقل يتفاعل معها، ولكن أرسل لعقلك الرسائل الإيجابية، كأن تقول: سأنجح في حياتي وسأجتاز العقبات، وسأكون إنسانا ناجحا.
لا تفكر في المشاكل كثيرا، فهذه أمور تجدها في أكثر من بيت، وركز جهدك حول دراستك ومستقبلك.
بر بأمك وتودد إليها مهما كانت تصرفاتها، فهي سبب في وجودك، والله أمرك بالإحسان إليها وقرن برها بتوحيده، وحاول أن تدخر لها ولو جزءا يسيرا مما تتقاضاه من عملك، فالأم تفرح كثيرا بعطاء الولد ولو كان قليلا، وتلمس رضاها واطلب دعاءها.
أكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
نسعد كثيرا بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك، ونسأل الله لك فرجا ومخرجا ومستقبلا زاهرا، إنه سميع مجيب.