تمت خطبتي وارتحت لخاطبي، لكني أوسوس في عدم إكمال ذلك.

0 211

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 22 سنة، كلما خطبت يحدث شيء، ولا تكتمل الخطبة، وقبل أسبوع خطبني شاب سمعته ممتازة، والكل يقول عنه أنه ذو أخلاق ومحافظ على الصلاة، ولكني أخاف أضع أملي به، ثم يحدث شيء وتنفسخ الخطوبة.

سأبدأ من البداية، أنا خطبت كثيرا، كل مرة أستخير وربي يصرفهم عني، -والحمد لله- (بعضهم اكتشفنا أنهم سيئون)، بصراحة لم أكن مرتاحة للزواج بأي من الشبان السابقين، ولكن عندما خطبني هذا الشاب واستخرت الله شعرت بالراحة وتغيرت وجهة نظري، مع أني في البداية كنت ضد الزواج بهذا الرجل لعدة أسباب، لكن بعد الاستخارة المستمرة، شعرت بالراحة جدا لهذا الشاب، وحتى تغيرت نظرتي له، حتى أن أمي وخالاتي كانوا لا يشجعون، ويقولون إنه ليس جيدا، ولكن بعدما استخاروا أيضا، تغيرت آراؤهم، وأمي تقول أنه مذكور بخير في كل مكان.

مشكلتي ليست هنا، بل هي أني أحاسب نفسي وخائفة مما سيحدث، لقد استخرت ويجب أن أثق بالله، فهل أؤثم إن خفت من أنه لن يكون هناك نصيب مع هذا الشاب أيضا؟ لأنني والله شعرت بالارتياح لهذا الرجل مع أن النظرة الشرعية لم تحصل بعد، ولكنني خائفة أنني سأترك مثلما حدث بالسابق.

في المرة السابقة (قبل سنة ونصف تقريبا) عندما خطبت، قطع أهل الخاطب الاتصال فجأة بعد الإلحاح المستمر أنهم يريدونني لابنهم، وهذا الشيء جعلني أخسر الكثير من ثقتي بنفسي.

بدأت أوسوس وأقول إن بي شيئا خاطئا، ومستحيل الناس ينسحبون هكذا، أو أن أحدا تكلم عني بكلام، ووالله إنه الهم والوساوس وعدم الثقة بالنفس جعلني أخاف أكثر، إلى أن جاء يوم وظهر أن الولد نفسه سمعته جدا سيئة (قبل أشهر)، بعدها شكرت الله ورضيت بقضاء الله مع أني من قبل كنت أريد أن أتزوج للفكرة فقط، وليس لأنني ارتحت للمتقدمين.

نعم، شعرت بالارتياح ولله الحمد، ولكنني فقدت الكثير من ثقتي بنفسي مع أن أكثر الناس يثنون علي، شعرت بأنه من المستحيل أن أتزوج، ولا أستطيع تخيل ذلك، ولكن بعدها استغفرت رب العالمين، وعدت للدعاء المستمر، -ولله الحمد- هذا الرجل خطبني، واستخرت كثيرا جدا، ولكنني خائفة من تجاربي القديمة، أقول يمكن أنه من النظرة الشرعية سيرفض الزواج بي، مع أن الكل يقول أنني جميلة (وانخطبت كثير جدا، ولكن لم يحصل النصيب)، ينتابني خوف أنه من الممكن أن أمه لن تتصل مرة أخرى مثل ما حدث بالسابق، أحيانا أحطم نفسي فقط؛ لأنني لا أريد أن أحمل أملا من الممكن أن يتحطم بالمستقبل.

ارتحت جدا بعد الاستخارة، وكانت مخاوفي أكثر بكثير من الآن، ولكن الوساوس تلاحقني وتجعلني أشكك بنفسي وبدعائي أيضا.

فهل آثم على خوفي مع أنه يجب أن أتوكل على رب العالمين؟ وماذا علي أن افعل لأشعر بالثقة بنفسي؟ وكيف أبعد عن نفسي الوساوس وأتفاءل بالخير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maram حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وأسأل الله الكريم أن ييسر لك الزواج، وأن يسعدك في الدنيا والآخرة، وأما الجواب على ما جاء من أسئلة.

أما سؤالك فهل آثم على خوفي مع أنه يجب أن أتوكل على رب العالمين؟

الجواب: لقد أحسنت بالاستخارة لله في كل مرة يتقدم لك خاطب، واحمدي الله كثيرا على صرفه من تقدم لك، وتبين لاحقا أنهم غير متدينين، وهذا من فضل الله عليك، ومن المعلوم أن الحكمة من صلاة الاستخارة أن المستخيرة مترددة في أمرها كالزواج من فلان مثلا، ولا تعلم هو خير لها أم لا؟ فتصلي الفتاة الاستخارة وتفوض الأمر لله تعالى، وتتوكل عليه، وتثق أن ما يقدره الله فهو خير، ثم تمضي في أمرها فإن تيسر -فالحمد لله-، وإن لم يتسر فتعلم أن الله لم يقدر لها ذلك، والخيرة في غيره.

وأما مسألة الإثم فلا أرى أنك تأثمين؛ لأن هذا الخوف إنما هو أمر طبيعي؛ لأنه خوف من المستقبل المجهول وأنت تخافين من الفشل، فليس عليك إثم، ولا يتنافى هذا مع التوكل على الله تعالى.

- وأما سؤالك وماذا علي أن أفعل لأشعر بالثقة بنفسي؟

فالجواب ينبغي للمرأة المسلمة أن يكون لديها ثقة في نفسها، ولا ينبغي أن يدب اليأس إلى قلبها، ومما يعزز الثقة والتفاؤل وأن الخير أمامك بإذن الله عدة أمور:

* منها كثرة ذكر الله والاستغفار.

* ومنها إحسان الظن والتوكل على الله تعالى.

*ومنها الكلمة الطيبة تقولها المرأة في نفسها بأن لديها صلاحا وجمالا، وأن الله سيرزقها بالزوج الصالح.

* ومنها ترك الانشغال بالمخاوف التي تعتريك من الخوف من الفشل في الزواج؛ لأن هذه من وسواس الشيطان حتى يوقعك في اليأس.

- وأما سؤالك وكيف أبعد عن نفسي الوساوس وأتفاءل بالخير؟

فالجواب: للخلاص من الوسواس يكون باتباع عدة أمور:

* أعلمي أن الوسوسة من كيد الشيطان وكيده ضعيف إذا قوي المؤمن بذكر الله وقراءة القرآن.

* قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما تطرأ عليك الوسوسة.

* قولي أيضا: آمنت بالله ورسوله، أو قولي: آمنت بالله ورسله.

* اتركي الاستطراد في الوسوسة فلا تلتفي لما جاء فيها من تشكيك في أي أمر من حياتك.

قال ابن حجر الهيثمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك، لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها".

- أشغلي نفسك بكل نافع ومفيد من القراءة، والجلوس مع الصالحات وغير ذلك.

أما كيف تكونين متفائلة؟ فهذا أيضا له معالجة واضحة من خلال اتباع الآتي:

* اعزمي من قلبك على تفويض كل أمورك إلى الله تعالى وأحسني الظن به سبحانه.

* بعد الاستخارة لله تعالى امضي فيها من غير تردد، ولا ينبغي للتشاؤم أن يوفقك عن المضي فإن تيسر كان خيرا لك وإن لم يتسر عرفت أن الله صرفه عنك.

- وأما سؤالك أنك استخرت ويجب أن تثقي بالله، صحيح؟ فهل أأثم إن خفت من أن لن يكون هناك نصيب مع هذا الشاب أيضا؟

الجواب لقد تكرر نفس المعنى في سؤال سابق، والمهم ليس عليك إثم في هذا الخوف، لكن ينبغي أن لا يتحول هذا الخوف إلى وسواس أو تشاؤم يؤدي إلى القنوط من رحمة الله تعالى.

ومن المعلوم أنه لو حصل- لا قدر الله- أن مشروع الزواج بهذا الشاب لم يتم، فمن مقتضى الإيمان بالقضاء والقدر عليك أن تسلمي، وتقولي قدر الله وما شاء فعل، ثم سيأتي آخر خير منه، وهكذا الحياة دائما، ونحن لا نعلم ما قدر لنا إلا بعد وقوعه.

وفقك الله لمرضاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات