أرجع إلى الماضي كثيرًا وأندم على مواقف سابقة، فكيف أتخلص من ذلك؟

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي حالة غريبة، أحيانا أشعر بأنها مرض أو ضعف في الشخصية، وسأشرح لكم ذلك فيما يلي على شكل أمثلة أو مواقف:

أكون جالسا مع شخص، وأتناول الغداء معه، ونلعب ألعاب الفيديو وغيرها، ونخرج، وينتهي اليوم، ولكن عندما ألتقي به صدفة، لا أرغب أن يراني، وأحاول تجنبه والابتعاد حتى لا يراني.

عندما تعرفت إلى أشخاص في مقهى، دامت علاقتنا لمدة عامين، وعندما تفرقنا لم يبق أحد منهم على ذلك الوفاء، وكأن لم تكن بيننا علاقة، فأشعر بالندم الشديد على معرفتي بهم.

دائما أتذكر الماضي والمواقف وأشعر بالندم على بعض التصرفات، وعلى إضاعة بعض الفرص، وهكذا.

عندما أحتار بين أمرين، أندم بعد فترة على الأمر الذي لم أختره.

أشعر أنني أوسوس كثيرا، فمثلا هل أقفلت الباب أم لا؟ وفي الصلاة أوسوس: هل صليت ثلاثا أم أربعا؟ هل سجدت سجدتين أم سجدة؟ هل صليت الظهر؟

كنت أعمل في وظيفة، وحدثت مشكلة بيني وبين أحد الزملاء والمدير، ولم يكن منصفا، وتركت العمل، وعندما أتذكر ذلك أشعر بالندم.

أتمنى لو تعود الأيام وأغير بعض الأمور مثل: تخصص دراستي، أو علاقاتي وأصدقائي.

عندما لا أقابل أحد الأصدقاء لفترة طويلة، لا أرغب في الالتقاء به بعد ذلك، وأريد أن أتهرب منه، وألا ألتقي به أبدا.

طولي 168 سم أو 170 سم، أتمنى لو أنني أطول من ذلك.

لا أعلم هل هو عدم ثقة بالنفس أم ماذا؟

للأسف، أنا أدخن الشيشة، أتركها فترة وأعود، وأندم وأتركها مرة ثانية وثالثة وعاشرة، وأندم، ولا أعلم كيف أتصرف؟ لدرجة أن أحدهم اقترح علي أن أحلف بألا أعود إليها.

عندما أكون مع مجموعة من الأصدقاء، لا أشعر باهتمامهم، فهم يتحدثون ويمزحون ولا يتركون لي فرصة للحديث، ولكن عندما أغيب يسألون عني.

لقد أتعبني هذا الشعور بالندم، وأريد حلا، فكيف أتخلص منه؟ وما تشخيص حالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Aban حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

لقد طرحت عدة أمثلة مرتبطة بمشاعرك وسلوكياتك وأفعالك وردود الأفعال، وكذلك علاقتك بالآخرين، ومن الواضح أن شخصيتك حساسة جدا، ولا تخلو من التردد الوسواسي، ولديك أيضا قلق توقعي.

حساسيتك الشديدة فيما يتعلق بأبعاد شخصيتك؛ أعطتك يقظة دائمة وفرض رقابة شديدة على أدائك في كل شيء، وكذلك ردود الأفعال ومشاعر الآخرين تجاهك.

هذه هي السمات التي أراك تحدثت عنها، لا يوجد مرض نفسي رئيسي، ولا يوجد اكتئاب نفسي حقيقي، وأعتقد أن كل ما تحتاجه هو شيء من تحديد الأولويات، وهذا مهم جدا، أولوياتك فيما يتعلق بعملك، وأولوياتك فيما يتعلق بتواصلك الاجتماعي.

اجعل لحياتك معنى - وهذا مهم جدا - فأنت رجل متزوج، ولديك مسؤوليات، ولديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، فلا تجعل الفكر المشوه، والفكر الذي لا طائل منه ولا فائدة فيه، والفكر الوسواسي، تغلق أمامه الباب، ولا تجعله يسيطر عليك، حقره، وهذا من وجهة نظري سيكون علاجا جيدا.

أنت محتاج أيضا لبناء صداقات حقيقية، صداقات قوية، تكون مؤسسة، وبناء الصلات الاجتماعية الجيدة مع من تثق بهم هو الذي سيجعلك أكثر ثباتا على ما تؤمن به أو ما تريده لنفسك من حياة طيبة.

الشعور بالندم لا بأس به إذا كان ذلك سيجنبك الأخطاء المستقبلية، وحتى التوبة تتطلب الندم، لكن هذا الندم يجب ألا يكون على توافه الأمور.

أرى من المهم جدا لك أن تنخرط في برامج اجتماعية ملزمة، أخي الكريم: فالأعمال الخيرية والاجتماعية تبني دائما ثوابت الإنسان الإيجابية وتجعلها أكثر صلابة، فلماذا لا تجعل لنفسك نصيبا من هذه الأنشطة الاجتماعية؟

الرياضة كممارسة يومية عائدها الصحي كبير جدا، وهنالك ما نسميه بالشوائب النفسية - أي التفكير السلبي والمتردد والوسواسي الذي لا يرتقي أو لا يصل للمرحلة المرضية، لكنه يبعد الإنسان تماما عن اكتمال صحته النفسية - وهذا يعالج من خلال ممارسة الرياضة، فالأبحاث كلها تشير إلى أن الرياضة تؤدي إلى توازنات ممتازة جدا في كيمياء الدماغ، مما يجعل الإنسان في وضع نفسي أفضل.

لا أراك محتاجا لأي علاج دوائي، فكل ما تحتاجه هو أن تطبق ما ذكرته لك، وأن تقيم ذاتك تقييما صحيحا، فلا تحقرها، ولا تشعر بانتفاخ الذات، أعطها حقها، واسع لتطويرها دائما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات