أصبحت متأكداً أنني مصاب بالفصام الشخصي، فماذا أفعل؟

0 220

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 24 عاما، أعمل مهندسا، أعاني من مشكلة كبيرة جدا، كنت أشعر بأن زملائي في العمل يكرهونني ويتحدثون عني، ومن يعاملني بلطف منهم يشفق علي، علما بأنني عملت بالشركة بسبب الواسطة فقط، ثم تطور الأمر، وبدأت أشعر بأن بعض زملائي يتعمدون استفزازي وإخباري بأني مريض نفسي، وأحد زملائي قام بشتمي بطريقة غير مباشرة، وعند تكرر هذه الحالة فقدت أعصابي وقمت برد الشتيمة بالتلميح له، ثم تطور الأمر ليقوم كل زملائي في العمل بما فعلت، وتكررت هذه التلميحات من أسرتي والناس في الشارع، علما بأنني أتضايق من التلميحات، فأنا لا أعاني من هلوسة بسببها.

عندها أدركت بأنني مصاب بالفصام، وأن جميع الناس يتصرفون معي لإقناعي بأنها وساوس فقط، كنوع من العلاج السلوكي، وأن كل الناس يعرفون ذلك، ويتصنعون مواقف معينة ليعرفوا رأيي فيها، ولكي يعرفوا طريقة تفكيري ليخبروا بها الطبيب النفسي، كما أنهم يتعمدون إسماعي بعض الأصوات ليختبروا ردة فعلي، وهل أستطيع تحديد الصوت أم لا؟ علما بأنني لا أعاني من -هلوسة سمعية أو بصرية، ولكن أعاني من هلوسة شمية، فأحيانا أشتم رائحة كريهة مني-، ما يدل أنهم يضعون لي أدوية مهدئة في شرابي.

أود إخباركم بأن هناك وساوس غريبة كانت تأتيني وأنا صغير، مثل الخوف أن يعرف الناس ما يجول في خاطري، وأنني لست ابنا لأسرتي، وأنهم يخفون عني ذلك، ولكن لست مقتنعا بها أبدا، كما أنني أشعر بأنني شخص معدوم الأهمية، ولا أملك شيئا مميزا، لذلك أغرق في أحلام أنني أملك مواهب متعددة، وأتخيل الناس وهم معجبون بها، ثم ما ألبث حتى أعود إلى الواقع المرير، وأسخر من نفسي وأزداد اكتئابا، أنا الآن متأكد تماما بأني مصاب بالفصام، وأن كل شيء أمامي مسير، وأن أسرتي تعرف ذلك منذ صغري -رغم إنكارهم-، ويعالجونني مدى الحياة، فماذا أفعل؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أيها الفاضل الكريم: مما ذكرته في رسالتك واضح، وأستطيع أن أقول أن لديك بعض الأفكار الظنانية التلميحية، لكن لا أراها وصلت من المرحلة التي نستطيع أن نقول إنها قد أوفت المعايير المطلوبة لتشخيص مرض الفصام، نعم هنالك ظنانيات، هنالك شيء من سوء التأويل، هنالك شيء من التلميح -كما ذكرت-، لكن نسبة لاستبصارك حولها هذا يضعف تماما احتمالية أنك مصاب بمرض الفصام المعروف، فحالتك هذه فيها جوانب وسواسية بسيطة، فالذي أراه هو أنك تعاني من الظنان الوسواسي، أو الوسواس الظناني، وهي مرحلة أقل بكثير من مرض الفصام.

ما يأتيك من أفكار أنك تتخيل الناس وهم معجبون بك: هذا ليس دليلا أبدا على وجود مرض الهوس مثلا، هو جزء من الأفكار الظنانية.

أرى -أيها الفاضل الكريم- أنه يجب أن تقابل طبيبا نفسيا، ويجب أن تقتنع اقتناعا تاما أنك بحاجة لشيء من المساعدة الطبية النفسية، وليس هنالك عيب -أخي الكريم- في أن يقتنع الإنسان بعلته، ويسعى لعلاجها، خاصة أن حالتك بسيطة -من وجهة نظري- لكن تركها دون علاج قد يعقد الأمور، فنصيحتي لك هي أن تأخذ الأمور بانفتاح تام وبقبول تام، وتقدم نفسك للطبيب الذي تراه مناسبا، وتظل تتابع معه.

هذه الحالات تستجيب بصورة رائعة جدا لجرعات صغيرة من الأدوية التي تستعمل في علاج الفصام، أو الذهانيات عامة، وربما تحتاج لشيء من مضادات الوساوس في ذات الوقت، دواء أو دواءان كل ما تحتاجه، فيا -أخي الكريم-: لا تحرم نفسك أبدا من نعمة العلاج والشفاء -بإذن الله تعالى-.

وفي ذات الوقت يجب أن تحقر هذه الأفكار، يجب ألا تعطيها أهمية أبدا، لأن تجاهلها وتحقيرها يعتبر جزءا من العلاج السلوكي، ودائما حاول أن تحسن الظن بالناس، وهذا مطلوب شرعا، حيث قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث).

ما وصفته بالهلاوس الشمية والذي ينحسر في أنك تشم رائحة كريهة من نفسك: هذا أيضا قد يكون تحت باب الظنانيات، ومضاد الذهان بجرعته الصغيرة سوف يفيدك، وفي بعض الأحيان وجود هلاوس شمية، قد يجعلنا ننصح بإجراء تخطيط للدماغ، وعمل صورة مقطعية للرأس، للتأكد من عدم وجود أي علة في الفص الأمامي، أو في الفص الصدغي للمخ، لا تشغل نفسك بهذا، أنا أعتقد أن الأمر جزء من حالة الظنان التي تعاني منها، لكن وددت أن أوضح لك الاحتمالات الأخرى، حتى وإن كانت ضعيفة.

بارك الله فيك وجزاك خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات