السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنني فتاة حاولت أكثر من مرة أن أذهب إلى والدي لأسمعهما كلمة حب وأنهما أغلى ما لدي بعد الله والرسول عليه الصلاة والسلام، وأنني لا أستطيع الاستغناء عنهما، وأن لهما مكانة كبيرة في قلبي، ولكن لم أستطع فعله لشعوري بأنه سيكون مرفوضا، وأنهما لن يصدقاني، وذلك لما كان لهما من صد من الصغر.
إنني أريد أن أقبل يديهما وأحضنهما، خصوصا والدتي، لكن هناك شيء يمنعني من فعله، لم أعتد حضنهما من الصغر، ووضحت هذه النقطة لوالدتي، لكن لم يحصل أي تغير! إنني أبكي لعدم تمكني من فعل ذلك، أريد أن أشعرهم بأنني فعلا أحبهم وأحرص عليهم، إنني أحاول فعل ذلك عن طريق مساعدة والدتي بأمور البيت، ومحاولة توفير الجو الهادئ لها ومساعدتها بتربية أخي الصغير، أيضا أحاول أن ألتزم بما أمرني به ربي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مع أنهما غير ملتزمين كثيرا، ولم يشجعاني من الصغر على الالتزام بالصلاة وإعلامنا بأنها من الأمور المهمة التي يجب فعلها لتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى، والتي تجلب السعادة والطمأنينة لبناء حياة ناجحة.
والحمد لله الذي أرسل لي صديقة لتحثني على أداء الصلاة، بعد التزامي بدأ والداي يشعران بأنه لا كلمة ولا احترام ولا تقدير لهما، مع أن حبي لهما زاد، وكم أتقطع ليلا عندما أشعر بأنني فعلا أريد أن أنطق بقول كلمة (إنني أحبكما، وأحرص عليكما)، وأريد تطبيق ما أمرني به ربي؛ حتى أكون بنتا بارة بهما، وحتى لا أجعلهما يكسبان شيئا من الإثم عندما يعترضان على فعل ما أمرني به ربي والرسول عليه الصلاة والسلام.
وكي يتبين لكم الوضع جيدا أود أن أعرض عليك موقفا حصل بيني وبين والدتي حفظها الله:
بعد أن تخرجت من الثانوية العامة قررت والدتي أن تقيم حفلا بسيطا لذلك، وأن تستضيف بعضا من صديقاتها، وفعلا اتفقنا وكنا نخطط معا على إقامة تلك الحفلة، لكن كان هناك أمر تريد فعله لا يرضي الله والرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، وهو وضع الأغاني والرقص أمامهم، لم أقل لها موقفي في نفس اللحظة، بل عدت إليها بعد يومين وقلت لها: أماه! لي طلب بسيط لديك بخصوص الحفلة، بكل هدوء واحترام، فقالت: ما هو؟ قلت لها: أريد وضع أناشيد دينية خالية من الموسيقى للطلبة الذين تخرجوا من الثانوية العامة بدلا من الأغاني؛ فغضبت كثيرا، وظنت أنني لا أريد أن يكون لها صديقات، وأريد أن أفضحها، وأنني لا أحبها، ولا أكن لها المحبة أو الاحترام، وبأن ذلك تشدد، بل ظنت أنني سأصاب بالجنون؛ لأنني وصلت لتلك الدرجة من الإيمان، وغيره من الكلام الذي لا يطيب الخاطر!
وهناك كلمة كانت ترددها كثيرا منذ أن كنت صغيرة بأنني لا أحبها، أعاملها كأنها عدوتي، مع أن إخوتي حاولوا تغيير ما تفكر به، إنني أحاول قدر إمكاني أن أرضيها، لكن من الصعب جدا أن أكون مثالية دائما؛ لذلك إن أخطأت بأمر أو نسيت فكل ذلك الكلام يخرج منها، وكم شكل حواجز بيني وبينها!
وهناك موقف آخر حصل بيني وبين والدي -حفظه الله- قبل أيام، هو كالتالي:
جاء ابن عمتي لزيارتنا من بعد مجيئه من السفر، ولقد طلب مني والدي أن أذهب وأسلم عليه وأهنئه على الخطبة التي قد تمت خلال سفره، لكنني اعتذرت لوالدي؛ لأنني لا أشعر بالراحة للخروج والسلام عليه، والجلوس معهم؛ السبب الذي يجعلني غير مرتاحة هو ما فيه من اختلاط، وإنني أشعر بأن حيائي يقل كلما كنت أجلس معهم؛ لأننا كنا نخوض في نقاشات ومواضيع، لذلك قررت عدم فعل ذلك إلا إذا كان هناك ضرورة أو حاجة لذلك.
الآن رفضي لعدم الذهاب جعل والدي يظن أنني لا أحترمه ولا أقدره، وبأن ذلك معصية كبيرة، مع أنني قلت له: إنه لا حاجة لي للذهاب، يكفي ذهابك أنت وإخوتي لتهنئته والترحيب به، فقال: بل أنا أرى أنه من الحاجة والضرورة! ومع إصراره لفعل ذلك لم أوافق على تنفيذ طلبه؛ مما أدى إلى غضبه، وعدم التحدث إلي، ووصفي بما لا يطيب له خاطر المسلم، وإنني أشعر بألم وضيق لما قد حصل.
إنني أريد أن أعيد الحياء الذي فقدته؛ لأنني كنت في مدرسة مختلطة، وكان والدي يجعل ذلك حجة للجلوس مع ابن عمتي، لكن الآن بعد أن انتهيت أريد فعلا أن يعود الحياء إلى قلبي؛ لأنه أساس العفة والجمال في المرأة، ولأن الحياء شعبة من الإيمان أيضا، إنني حاولت إيصال هذه النقطة لهم، لكنهم لم يهتموا لذلك كثيرا، بل هم فخورون لأنني أستطيع التحدث جيدا مع الجنس الآخر، وإن كان هناك مجموعة من الناس، وأعرضوا عن فكرة الحياء التي يجب أن تكون في الفتاة!
وهناك شيء آخر أنه لا يتوفر اللباس الشرعي الكامل الخالي من الزينة، وإنني أسعى للبس النقاب؛ لذلك يجب أن أعود نفسي عدم الاختلاط بالجنس الآخر إلا إذا كان هناك ضرورة أو حاجة، ومن الشروط التي قرأتها في موقعكم للجلوس مع الأقارب مثل ابن العم وابن الخال وغيرهم من غير المحارم أنه يجب توفر الشروط التي ذكرت في فتوى رقمها 10463، وإلا فلا يجوز الجلوس معهم، وفضلوا فصل كل من الجنسين في مكان لمنع حدوث الفتنة.
أسأل الله العظيم أن يكون ذلك وافيا لفهم مشكلتي، وأسأل الله الميسر أن يجعلكم سببا لحل مشكلتي هذه، وأسأل الله الكريم أن يبارك فيكم وأن يجعل أعمالكم خالصة لوجه.