ضعف الشخصية والشعور بالنقص تسببا في اكتئابي!

0 168

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، أعاني من حالة نفسية سيئة من ضعف الشخصية، وأشعر بالنقص بين الناس، وأحيانا أخاف من مواجهة الناس ولقائهم، حتى في الأمور التي تخصني، وأعاني من الاكتئاب الصباحي أحيانا، وأشعر بأني عاجز في الحياة وفاشل، وأحب العزلة، وأحيانا أشعر بالقوة، علما أني مرضت نفسيا عندما كان عمر 18 سنة، وتركت الدراسة الثانوية، وتعالجت عند طبيب نفسي بالأدوية، وساعدني صديقي معنويا، حتى تجاوزت المحنة، وعدت للدراسة.

ثم ضعفت ورجعت إلي الحالة وأنا عمري 21 سنة، وتركت الجامعة سنة، وكنت في السنة الثالثة، ثم حصلت علي عمل في شركة، وتحسنت حالتي، وأكملت دراسة الدبلوم العالي ميكانيكا التبريد، علما أني حافظ للقرآن، وأدرس الأولاد، وأصلي بالناس.

رجعت إلي النوبة النفسية الآن، وأصبحت لا أرغب في شيء من تدريس القرآن والصلاة بالناس, وكانت لدي رغبة في الزواج، أما الآن فتأتي الرغبة في الزواج وتذهب، وأشعر بأن أموري غير منظمة.

تعالجت عند طبيب نفسي، ووصف لي (cymbalta 30 mg) صباحا بعد الفطور، وتناقشت مع الطبيب وشرحت له وضعي، وسألته إن كانت حالتي نفسية أم عينا وسحرا، وأني أرقي نفسي، فقال لي: دع عنك الوساوس، القرآن علاج للأخلاق، وتطمئن به القلوب، وليس علاجا للأمراض, فنقلت له كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله- أن القرآن طب للقلوب والأبدان، ولكنه لم يقتنع.

هل إذا تقدمت لخطبة فتاة يجب علي إخبار أهلها بحالتي؟ مع أن أمري خفي، وسمعتي جيدة بين الناس، أرجو إرشادي، وأعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أخي: من الواضح أن لديك بالفعل أعراضا اكتئابية، لكن هنالك نوع من التضخيم أو التجسيم لهذه الأعراض، والسبب في ذلك أنك تقيم نفسك تقييما سلبيا، ولا تقيمها بصورة صحيحة، فأول ما تبدأ به هو أن تعيد النظر في فكرك، أنك ضعيف الشخصية أو أنك تشعر بالنقص، لا، ليس هنالك نقص، أو يجب ألا يكون هنالك شعور بالنقص.

الناس سواسية - أيها الفاضل الكريم - غنيهم وفقيرهم، صغيرهم وكبيرهم، متعلمهم وجاهلهم، مساراتهم واحدة في الحياة، وتأتي الخلافات فقط من خلال الاجتهاد ومن خلال المثابرة ومن خلال العمل الصالح، فلا تقلل من شأنك أبدا، الله قد أكرمك يجب أن تكرم نفسك من خلال إعطائها حقها، نعم انتفاخ الذات والشعور بذلك أمر سيئ ولا نحبه أبدا، لكن أن نقلل من شأننا هذا أمر ليس صحيحا.

أنت شاب في هذه الأمة الإسلامية، ويجب أن تكون عالي الهمة وقوي الشكيمة، ولا تقدر نفسك بصورة سلبية. من له مثل هذه الإنجازات العظيمة التي حباك الله بها؟ كم من الناس يحفظون القرآن؟ كم من الناس يعلمون القرآن الذين هم خير الناس، كما في الحديث: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)؟ فأنت بفضل من الله تعالى ما تقوم به وما حباك الله به يجب أن تقدره.

والاكتئاب النفسي يأتي من خلال التفكير السلبي، كثير من علماء النفس والسلوك يرون أن الاكتئاب ليس مرضا مزاجيا في المقام الأول، إنما هو مرض فكري معرفي، أي الشعور بالسلبية، والشعور بالإخفاق وعدم تقدير الذات والتشاؤم حول الحاضر والماضي والمستقبل والعالم من حولنا هو الذي يولد الاكتئاب، وحين يتولد الاكتئاب على هذه الأسس الفكرية يأتي عسر المزاج والشعور بالكدر. إذا يجب أن نصحح أفكارنا، ويجب أن نكون مثابرين.

هذا المنهج السلوكي أريدك أن تنتهجه، وأريدك الآن أن تحكم على نفسك من خلال أفعالك، ليس من خلال مشاعرك أو أفكارك، وحين تحس أن الأفكار ضعيفة والمشاعر سلبية يجب أن تجتهد في الأفعال، لأن الشعور بالإنجاز هو أكبر مكافئة نفسية يقدمها الإنسان لنفسه؛ مما يحسن من فكره ومن مشاعره.

رتب أمورك، أحسن إدارة وقتك، واجعل لنفسك أهدافا، والأهداف واضحة جدا بالنسبة لك، الزواج أقدم عليه - أيها الفاضل الكريم - وليس هنالك ما يدعو أن تتكلم عن علتك، حيث إنها ليست علة شديدة، ليس اضطرابا نفسيا قويا، هو مجرد نوع من عسر المزاج، و-إن شاء الله تعالى- تجد المودة والسكينة والاستقرار التام في الزواج.

ممارسة الرياضة أمر مهم جدا، الرياضة ذات فوائد عظيمة في بناء النفس.

ما ذكره لك الطبيب حول القرآن: القرآن شفاء - أيها الفاضل الكريم - وأعتقد أن الطبيب حين قال لك ليس علاجا للأمراض، يعني ألا نكون اتكاليين في هذه الأمور، أن ندعو الله أن يعافينا وأن يشفينا، وأن نحافظ على صلواتنا، وأن نرتل قرآننا ونتفهمه ونستنبط ما فيه، فهو ذخيرة لنا، وقطعا يعالج ما في نفوسنا، لكن في ذات الوقت يجب أن نأخذ بالأسباب التي أتاحها الله لنا من أجل العلاج والتشافي، لذا أنت الآن تسأل من خلال هذه الاستشارة، وقد اجتهدنا بفضل الله تعالى، وقدمنا لك النصح الذي نسأل الله أن ينفعك به.

ختاما: موضوع العين والسحر محسوم، اسأل الله أن يحفظك، ارق نفسك، واعرف أن الإنسان مكرم، وأن الله خير حافظ، وأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك، وهذا يكفي.

السيمبالتا عقار رائع، لكن يجب أن ترفع الجرعة إلى ستين مليجراما ليلا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات