السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بدأت مشكلتي عندما كنت في الثانوية، تعبت فجأة وجاءتني أعراض نفسية عندما مرضت جدتي، فقبل المرض كنت جالسة معها، وكانت توصيني وتودعني لأنها كانت تشعر أنها ستموت، وأنا من بعد هذا الموقف أحس أن نفسيتي تأثرت، وماتت بعد أسبوعين، بعدها صرت أحس أن نفسيتي سلبية ولا أريد أي شيء، ومتضايقة، وأبكي، وأتغيب عن الدراسة لفترات طويلة، جلست على هذه الحالة لمدة سنة ونصف تقريبا، وتطورت حالتي وصرت أستفرغ، وأسقط، وأتعب، ونزل وزني 20 كيلو، وبعدها صرت أتأثر وأتعب وأمرض عندما أسمع بوفاة أي أحد من أقاربي، ولا أعلم ماذا أفعل؟
صرت أوسوس بالموت، حتى عادت لي كل أحداث طفولتي السلبية التي صارت معي وأنا صغيرة، منها حوادث السيارات فقد كانت كثيرة ولكن لم أتأثر منها، وكنت متفائلة دائما وأنسى، ولكن عندما توفت جدتي صرت أتعب وأتخيل تخيلات غير طبيعية لدرجة أنني أحس وأنا أمشي إن الذي يمشي ليس أنا، وأنني في حلم، وأتهيأ، ذهبت إلى شيخ وقال لي: أنني مصابة بالحسد، والعين، ومس من أقوى الأنواع، ومنذ شهرين وأنا أقرأ سورة البقرة، وأتمنى المساعدة؛ لأنني تعبت من القلق والتوتر والتعب الذي يصيبني، هل ما أشعر به مرض نفسي، أم عين، أم حسد؟ وكيف أتخلص من هذا؟ فأنا على هذه الحالة منذ خمس سنوات، وأريد رقم دكتور أو دكتورة أتواصل معه بالرسائل؛ لأن عندي عجز مادي يمنعني من الذهاب إلى الدكاترة.
مع الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت تعانين من قلق المخاوف، ويظهر أن شخصيتك شخصية حساسة ولطيفة في ذات الوقت، ولذا هيمنت وسيطرت عليك المخاوف، والمخاوف دائما مصحوبة بشيء من الميول الوسواسي، يعني أن الإنسان يفكر ويشرح ويحلل الأمور بصورة مترددة ووسواسية.
وفاة جدتك - عليها رحمة الله تعالى - كانت هي النقطة التي بدأت منها إثارة المخاوف لديك، ما كانت تعطيه جدتك من نصائح وما أسميته بالتوجيهات: هذا لا يعني أبدا أنها تعرف يوم موتها، أو لا يمكن أن تعرف يوم موتها، هذه النصائح والإرشادات التي وجهتها لك - رحمها الله تعالى - هو أمر طبيعي جدا، هي من قوة إيمانها وتفهمها للحياة، وأن الإنسان قد وصل عمرا بعده قد لا يعيش، الله تعالى يقول: {الله الذي خلقك من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة} ماذا ظنك بعد ذلك؟ ظنك هو: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون}، ولكن ليس معنى ذلك أن يعرف الإنسان متى يموت، لأن هذا من الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خمس لا يعلمهن إلا الله) وذكر منها: (الموت)، والله تعالى يقول: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت}.
فغيري مفهومك حول هذا الموضوع، الموت أمر محسوم، الموت نخاف منه الخوف الشرعي، الذي يجعلنا نحرص على عباداتنا وتقوى الله، الموت يجب أن نؤمن به كحقيقة مطلقة، ولا نخاف منه خوفا مرضيا، بمعنى أن الخوف من الموت لا ينقص في عمر الإنسان، ولا يزيد في عمره لحظة واحدة، وألا نخاف منه حتى يقعدنا الخوف عن عمل الصالحات والطاعات والقرب من الله، بل الخوف من الموت يجعلنا نعمل لآخرتنا ونعمل حسابا ليوم العرض على الله، {قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنت صادقين}، ولن نتمنى الموت بصدق إلا إذا كنا حريصين على عمل الخيرات والطاعات والصالحات، فمن خاف الله في الدنيا أمنه في الآخرة، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقائه.
لا أقول نتمنى الموت، ولكن نستعد للموت، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تمنوا الموت، فإن هول المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة)، وقال: (لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد وإما مسيئا فلعله يستعتب)، ومن كان فاعلا لا محالة فليقل: (اللهم أحيني ما دامت الحياة خير لي، وتوفني ما دامت الوفاة خير لي).
وإن توفي أحد من أقاربك أو من الذين تعرفين هذا هو قدرهم وقضي الأمر، ليس أكثر من ذلك، فلا تنظري للموضوع بتشاؤم أو تطير أو شيء من هذا القبيل، وفي ذات الوقت اسألي الله تعالى أن يحفظك، وأن يطيل عمرك في عمل الصالحات، احرصي على أذكار الصباح والمساء، فهي مطمئنة وناجية ومنجية إن شاء الله تعالى، لأن فيها أدعية من قالها في الصباح فمات من يومه دخل الجنة، ومن قالها في المساء فمات من ليليه دخل الجنة، واحرصي على تلاوة كتاب الله تعالى، وأدي صلاتك في وقتها، وكوني إنسانة فعالة، كوني بارة لوالديك، أحسني إدارة وقتك، مارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، تواصلي اجتماعيا مع صديقاتك، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، تجدين فيها خير ومعرفة كثيرة ومودة، هكذا تكون الحياة، هكذا تخرجي من هذا القلق والخوف والوسوسة التي أنت فيها.
ربما تحتاجين لعلاج بسيط مضاد لقلق المخاوف، وهذا ليس مكلفا أبدا، ويعطى في السعودية إن شاء الله دون وصفة طبية، الدواء يسمى تجاريا (زولفت) ويسمى علميا (سيرترالين)، وجرعته هي أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرون مليجراما) تناوليها ليلا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها حبة واحدة ليلا - أي خمسون مليجراما - تناوليها بانتظام لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
الدواء دواء سليم، دواء بسيط، دواء مفيد جدا، ولا يضر بالهرمونات النسائية، ولا يسبب إدمانا. وإن أردت أن تذهبي إلى طبيب الرعاية الصحية فهذا أيضا أمر جيد، معظم أطباء الرعاية الصحية يعالجون هذه الحالات البسيطة، والعلاج في الرعاية الصحية قطعا مجانا، وليست هنالك تكلفة مالية حقيقية.
تليفوني في قطر هو: 0097455800942
أما التواصل من خلال الرسائل عن طريق الإيميل: فهذا يصعب علينا أن نقوم بالرد عليه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.