السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 20 سنة، ووزني50، عانيت من الرهاب الاجتماعي طيلة خمس سنوات، وتوقفت عن الدراسة، وعن الأعراس وأشياء كثيرة تعطلت في حياتي، ثم دلني أحد الأصدقاء لدواء السيروكسات 20مل، ومن هنا بدأت المعاناة التي أعيشها الآن -ولله الحمد- استخدمته نصف حبة أول يوم، ونصف حبة لليوم الثاني، فأحسست ببرودة شديدة، وطبعي تغير كثيرا، فخفت على نفسي وتوقفت عنه.
بعد فترة عاودت المحاولة، اجتهادا من نفسي، فأخذت أول يوم ربع حبة، وبعد 12ساعة ربعا، وبعد 12ساعة الربع الثالث، وكانت على جوع، هذا كان قبل تقريبا ثلاثة أسابيع، وبعدها تعبت جدا، وحصلت لي أشياء أخافتني لدرجة كل يوم وأنا في الطوارئ، إحدى المرات ارتفاع في الضغط الحالة هي كالتالي أول ما استيقظ من النوم يبدأ التوتر والشد العصبي، لدرجة أن كلامي يكون عنيفا بعض الأحيان، وأشعر بنرفزة شديدة وتعرق وتصل بعض الأحيان إلى تشنج، وبعد التشنج تعب شديد، وخمول، واكتئاب، وأحس كأني منهار عصبيا جدا، ثم تتوقف هذه الحالة قبل النوم، وأثناء النوم أحس براحة جدا -ولله الحمد-، وأيضا بعض الأحيان استفراغ ما رأيك يا دكتور؟
رحت لدكتور الباطنية وصف لي فيتامينات ومثبطا لتهيجات المعدة، وقال إن العلاج الذي استعملته خطير جدا، خصوصا أني استعملته دون وصفة طبية ( السيروكسات) فهل هذه الأعراض طبيعية؟ وهي انسحابية أم ماذا؟
أرجوك أفدني، وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي الكريم: الزيروكسات ليس دواء خطيرا كما ذكر لك الطبيب، بالرغم من احترامي الشديد لرأيه، بل هو من الأدوية السليمة، لكن بعض الناس تحدث لهم ردود فعل سلبية جدا من الدواء، والسبب في ذلك غير معروف، هنالك بعض الآراء والاجتهادات التي تقول أن بعض الناس ليس لديهم توافق جيني مع الدواء، ليس هنالك توافق وراثي مع الدواء.
فكما تعرف - الأخ العزيز فارس - أن الأدوية تعمل من خلال ما يسمى بالاستقلاب أو التمثيل الأيضي، وهو تحت تحكم أنزيمات معينة في الكبد، وهذه الأنزيمات تتحكم فيها الجينات الوراثية لدى الإنسان، فبعض الناس لديهم عدم توافق بالنسبة لعملية الاستقلاب؛ لأن جيناتهم غير متوائمة مع الدواء، وهذا قد يكون الذي حدث لك، وهذا يحدث لحوالي 10% من الذين يتناولون هذه الأدوية المضادة للاكتئاب، علما بأن هذه الظاهرة تختفي بعد أن يتناول الإنسان الدواء لمدة أسبوعين أو ثلاثة مثلا.
وقرارك أن تتناول الدواء بجرعة صغيرة هو قرار حكيم جدا؛ لأن الآثار الجانبية دائما تكون أقل حين يبدأ الإنسان بجرعات صغيرة.
عموما الأعراض التي أتتك معظمها متعلقة بالجهاز الهضمي، وكما تفضلت هنالك توتر وشد عصبي، وشعور بالنرفزة والتعرق، هذا أعتقد أنه آثار جانبية للدواء نسبة لعدم توافقه مع مكوناتك الوراثية والجينية التي يتم من خلالها استقلاب هذا الدواء في الجسم.
هذا هو التفسير العلمي، وكما ذكرت لك: هذه الظاهرة نشاهدها كثيرا، لكن الدواء ليس دواء خطيرا، وقطعا أن يتم تناول الدواء من خلال الوصفة الطبية هذا أفضل، لكن هذه الأدوية معروف أنها سليمة، جيدة، وتسهيلا على الناس بعض الدول تسمح بالحصول عليها من الصيدليات دون وصفة طبية.
هذا هو الذي أود أن أفيدك به، وأعتقد أنه من الأفضل لك أن تقابل طبيبا نفسيا في المرة القادمة إذا رأيت أن الرهاب لا زال يهيمن عليك، ويسيطر عليك، ولجوؤك للسبل والطرق والآليات السلوكية قد يكون جيدا، قد يحلك تماما من مشكلة الرهاب هذه، وسلوكيا لا تهتم بالرهاب، تجاهله تماما، اعرف أنك لست أقل من الآخرين، كن شخصا رائدا بأن تأخذ دائما مبادرات إيجابية، خاصة داخل أسرتك، في صفك الدراسي، مع أصدقائك... هذا الصهر الاجتماعي والتدريب الاجتماعي واكتساب المهارات الاجتماعية هي وسيلة ممتازة جدا لأن تعالج الرهاب الاجتماعي إن كان لديك شيء منه حتى الآن.
وممارسة الرياضة أيضا أوصيك بها كثيرا؛ لأن الرياضة تساعد في إفراز المواد الكيميائية الدماغية التي تنشطها الأدوية، فالرياضة يمكن أن تقوم بدور الدواء إذا تناولها الإنسان بصورة صحيحة، ونم النوم المبكر، هذا أيضا فيه خير كثير لك.
احرص على صلاة الجماعة؛ لأنها من أفضل السبل التي نعالج من خلالها الرهاب الاجتماعي، -وإن شاء الله تعالى- يكتب لك الأجر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.