هل صحيح أن ما أعاني منه بسبب التوتر والقلق؟

0 191

السؤال

السلام عليكم..
أطال الله في عمرك، وجعله في ميزان حسناتك.

أنا شاب، عمري 25 سنة، ملتزم أخاف الله، في أحد الأيام منذ حوالي 6 أشهر كنت ساهرا، فشعرت بخدر في قدمي، وسرعة في خفقان القلب، وفقدت التركيز، وانتابني شعور بأني سأموت، فأسرعت إلى المستشفى، وأعطوني إبرة لتهدئتي، وقالوا بإنها نوبة توتر وقلق فقط.

فعدت إلى المنزل، ونمت، وبعدها بأسبوع انتابني نفس الشعور، فانعزلت قليلا عن الخارج، وسيطرت علي فكرة الموت، فأصبحت أقول لماذا العمل ونحن سموت؟ لماذا أدرس وأنا سأموت؟ وبدأت أبحث عن نوع المرض فعزمت على أن أتخلص منه، وأصبحت أحتقره، فعدت إلى حياتي الطبيعية، وقررت عدم تناول الأدوية النفسية.

لكن مع مرور الوقت بدأت أحس بألم في صدري في الجهة اليسرى، وأحس بشيء عالق في حلقي، وبدأت تنتابني بعض الأفكار بأني مريض، وأن قلبي مريض، وأن صدري مريض، وأصبحت أفكر بالموت، مما جعلني دائم القلق والتوتر والخوف، أفكر كثيرا، وأراقب جسمي كثيرا، خاصة أني لم أقم بأي فحوصات طبية، أو رسم للقلب، أو أي تحاليل طبية.

سؤالي: هل أنا بحاجة إلى هذه الفحوصات؟ وهل أنا بحاجة إلى أن أذهب لطبيب نفساني؟ وهل الأدوية مفيدة لي؟ علما بأني لم أزر أي طبيب، وهل ما أعاني منه من آلام جسدية هي نتيجة التوتر والقلق؟ وهل هذا المرض يشفى منه.

أفيدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Roma حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونشكرك -أخي الكريم- على كلماتك الطيبة، ونسأل الله لكم ولنا ولجميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة.

رسالتك رسالة واضحة بذاتها، ومشكلتك هي هذه النوبات التي أتتك، وبدايتها كانت ناتجة من إجهاد السهر وتأخير النوم، وهذا أدى إلى ظهور نوبة هلع أو فزع أو هرع -كما تسمى- وهي فعلا تجربة مخيفة، لكنه مجرد قلق نفسي حد، قد يظهر دون سبب، وفي بعض الأحيان قد تكون هناك مسببات بسيطة مثل الذي حدث لك.

النوبة هذه دائما تؤدي إلى الشعور بالخوف من الموت، ويصبح الموت هاجسا للإنسان، نعم الموت يجب أن يكون هاجسا للإنسان لكن يكون هاجسا شرعيا وليس خوفا مرضيا يمعنا عن الاستعداد لما بعد الموت، نخاف من الموت شرعيا، ونسعى لذلك بالأعمال الصالحات والطاعات ونعمل لما بعد الموت، ولكن يجب ألا نشغل أنفسنا بالموت مرضيا يقعدنا عن العمل والسعي في الحياة جدية وأمل ورجاء؛ لأن الخوف من الموت لا ينقص من عمر الإنسان لحظة، ولا يزيد في عمره لحظة واحدة. فأرجو أن تتمسك بهذا المفهوم، فهو مفهوم مفيد جدا.

المشكلة الأخرى التي تعاني منها هي: أنك بدأت تؤول وتفسر أعراضك تفسيرا وتأويلا وسواسيا، وهذا قطعا أدخلك في حلقة مفرغة من القلق والخوف والوسوسة، أصبحت تدور في هذا الفلك.

والمشكلة الثالثة: وهي إن شاء الله بسيطة وسوف تحل، وهي أنه لديك توجهات سلبية نحو العلاج الدوائي، وهذه من وجهة نظري مشكلة، لأن الإنسان يكون قد حرم نفسه من علاج طيب ولم يأخذ بالأسباب، ولم يأخذ بالآليات العلاجية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام)، وقال: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، فتداووا عباد الله)، والإنسان المؤمن الكيس الفطن يجب أن يأخذ الأمور في مصلحته، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها.

أنا أقول لك أن حالتك نفسية مائة بالمائة، لكن يفضل أن تذهب وتقابل الطبيب العمومي أو الطبيب الباطني لتجري فحوصات عامة، وتتأكد من مستوى السكر، والهيموجلوبين، ووظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، وترسيب الدم، ومستوى فيتامين (ب12) وفيتامين (د)، وتقوم بإجراء رسم عادي للقلب، ليس أكثر من ذلك. هذه قاعدة طبية رصينة، أن تجري الفحوص، لأن النتائج السليمة والجيدة سوف تكون حافزا ومطمئنة لك، فأرجو أن تخطو هذه الخطوة.

والخطوة الأخرى - وهي خطوة علاجية وتكون قد اطلعت عليها من خلال الاستشارات السابقة - وهي: تجاهل هذه الأعراض، والحرص على ممارسة الرياضة، والحرص على تمارين الاسترخاء، وأن تصرف انتباهك عنها بقدر المستطاع، حقر الأفكار الوسواسية والتخويفية، ولا تناقشها، ولا تخضعها للمنطق؛ لأن ذلك يزيد من حدتها وشدتها ويجعلها أكثر إطباقا.

بقي بعد ذلك العلاج الدوائي: نعم، الأدوية مهمة، الأدوية مطلوبة، الأدوية مفيدة، وعقار (سبرالكس) والذي يعرف علميا باسم (استالوبرام) سيكون هو الأفضل في حالتك، دواء رائع، دواء سليم، لنا تجارب طويلة وعميقة معه، ولم نشاهد منه إلا الخير للناس، لا يسبب الإدمان، أحد آثاره الجانبية البسيطة هو أنه قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن لدى بعض الناس، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية لدى بعض الرجال، لكنه لا يؤثر على الوضع الهرموني أو الصحة الإنجابية للرجل.

إن ذهبت إلى طبيب نفسي أعتقد أنك سوف تقتنع بتناول السبرالكس أو أي دواء آخر، عموما هي: أن تبدأ بخمسة مليجرامات يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها عشرة مليجرامات يوميا لمدة شهر، ثم عشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات