السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 24 سنة، وعيني اليسرى كسولة ليس فيها حول أو انحراف، لكن هذا الكسل سبب لي دمارا كبيرا، وهو ألم وصداع في أعلى مقدمة العين، وألم في الجهة اليمنى من عيني اليمنى أيضا، مع الشعور بالتنميل والزغللة في الجزء الأيسر من الوجه، يستمر هذا الشعور إلى مؤخرة رأسي، وينزل إلى نهاية أصابع قدمي اليسرى.
عندما أستلقي على السرير، وأرخي جسمي بشكل كامل ألاحظ أن أصابع قدمي اليسرى (الوسطى والسبابة) تتحرك قليلا بشكل لاإرادي بسبب الزغللة، مع ذكر أن هناك تصدعا صغيرا في الأذنين، وعدم القدرة على التركيز في عيون الأخرين عند التحدث معهم، إلى جانب الشرود والتفكير الدائم في الأمور التافهة، والألم والتآكل في منتصف الصدر يصاحبه ضيق شديد، خاصة عندما أتعرض لأي موقف محرج.
كانت تأتيني نوبات فزع عند النوم فأستيقظ فزعا، وقلبي ينبض بسرعة وكأنه سيخرج من مكانه، الأن لم تعد تنتابني هذه النوبات -والحمد لله-، لكن الأعراض التي ذكرتها سابقا ما زلت مستمرة، وأشعر طوال الوقت بشد وتوتر، وشعور يشبه عدم التوازن في جميع عضلات جسمي وحنجرتي، وأحيانا عندما أشرب الماء أشعر أنني لا أستطعمه، وكأنه يدخل من فمي ويسقط مباشرة في معدتي.
أنام بعمق لكن نادرا ولا أستمتع بذلك، وقليلا ما أستمتع بالجلوس مع الناس، وداخل تجويفي الأنف أشعر أحيانا أن الهواء الذي أتنفسه جاف ويألم أنفي، مع أنه ليس جاف فعلا، وأصبحت أحرك أقدامي أو أمضغ العلكة بسرعة للتنفيس عن هذا الشعور السلبي، مع أنه معروف عني أنني صاحب حضور ومواقف ممتعة عند الكثير من الناس، لكن هذا التوتر أصبح عائقا كبيرا لي.
لا أحد غيري يصدق أن عيني الكسولة هي السبب وراء كل ذلك -أخي الحبيب-، أنا الذي تأكدت بنفسي أن عيني هي السبب، فعندما أجلس في الظلام لفترة طويلة أشعر أن عيوني تسترخي قليلا، يصحبها استرخاء في جميع خلايا جسمي أيضا عند الاستحمام بالماء الساخن، وأحس بنبضات كبيرة من الراحة في عيوني، وكأنها كانت من قبل تحت تخدير الألم، وأستمتع بذلك جيدا عند التدليك، والخشوع الجيد في الصلاة.
استعملت النظارات الطبية، وجربت جميع القياسات التي عرضها علي الأطباء، لكن الأعراض التي ذكرتها بقيت لا تفارقني مهما حاولت، ولا أعرف إن كان الله سيكشف عني هذا العذاب في يوم من الأيام، لأنني أتعذب ولا أريد الإفصاح عن ذلك أمام أحد، ولا أعرف إن كانت هناك وصفة طبية لبعض الأدوية التي تخفف عني الشعور بهذه الزغللة، والتنميل والتصدع الجسدي الذي يأخذ مني أجمل لحظات حياتي، عندما أكون مع أصدقائي، ويحدث شيء مثير للراحة والبهجة فأراهم سعداء ويمرحون، فأبتسم وأتظاهر أنني سعيد مثلهم، لكن في الحقيقة لا أشعر مثلهم بالسعادة، بل أشعر بغصة وغضب شديد على هذا التوتر الذي يحرمني من كل شيء، كما أن كلامي به تأتأة، فلم أعد أعرف طعم الراحة في جميع الأوقات، وفي أكثر الأماكن، وباختصار، أصبحت مضطرب الشخصية.
أنا إنسان مؤمن وراض بقدر الله العظيم، وأحمده على كل شيء، فما تشخيصكم لحالتي؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ youssef حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الجانب النفسي واضح جدا في أعراضك، بل أعتقد أن مساهمات القلق النفسي أكبر بكثير من المشكلة الحقيقية، وهي كسل العين اليسرى، واضح أن التوتر النفسي والقلق النفسي والمخاوف النفسية والوسوسة حول ما تعاني منه هي المهيمنة عليك، لذا تأتيك هذه الأحاسيس السلبية، أحاسيس الكدر، التوتر، عدم الطمأنينة، الانقباضات التي تأتيك في عضلات القفص الصدري وتسبب لك الشعور بالكتمة والضيق وصعوبة التنفس: هذا مثال قوي جدا على أن القلق هو المهيمن، واعرف -أيها الفاضل الكريم- أن التوتر النفسي كثيرا ما يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات القفص الصدري والبطن والرأس وأسفل الظهر، لذا نجد الكثير من الناس يشتكون من آلام وانقباضات في هذه المناطق.
يجب أن تفصل تماما بين علة العين -وهي علة بسيطة من وجهة نظري، وسوف يفيدك الأخ استشاري العيون حول هذا الموضوع- يجب أن تفصل بين هذا العرض وبقية حياتك، لا تجعل هذه العلة البسيطة كابوسا يهيمن عليك في كل تصرفاتك، كثير من الناس يعانون من هذه المشكلة، بل من مشاكل أفظع منها وتجدهم في كمية التكيف مع ظروفهم، فكن على هذه الشاكلة.
أنت محتاج لأن تعزز السلوك الإيجابي من خلال ممارسة الرياضة، الرياضة مهمة جدا لإزالة القلق والتوتر والانقباضات العضلية، فالنوم الليلي المبكر مطلوب، والتوازن الغذائي، وأن يكون لك أهداف في الحياة، وجود أهداف وأن يضع الإنسان الآليات التي توصله إلى أهدافه يصرف الانتباه تماما عن الأعراض النفسوجسدية من النوع الذي تعاني منه.
فهذا هو الذي أنصحك به، وأريدك أيضا أن تذهب إلى طبيب نفسي إن كان ذلك ممكنا، وإن لم يكن ممكنا فقطعا تناول أحد العلاجات المضادة لقلق المخاوف التوتري سوف يفيدك كثيرا، الدواء الذي أنصح بوصفه يعرف باسم (ديروكسات CR)، واسمه العلمي (باروكستين) دواء جيد جدا، تبدأ في تناوله بجرعة 12.5 مليجرام لمدة شهر، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله، دواء سليم وفاعل، ومفيد لعلاج مثل هذه الحالات وإزالة القلق والتوتر.
لديك إيجابيات عظيمة في حياتك يجب أن تتذكرها، ودائما تسعى لتطويرها وتفعيلها؛ لأن التفكير الإيجابي هو قوة عظيمة مضادة للشعور بالكدر والوسوسة والتفكير السلبي.
بارك الله فيك وجزاك خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتور: شادي زهير طعمة، اختصاص أمراض العيون وجراحتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا علاقة للأعراض التي ذكرتها -أخي الكريم- بالكسل الوظيفي، فالكسل لا يسبب ألما أو صداعا، أو إحساسا بالتنميل، وإنما هو نقص بالنظر غير قابل للتصحيح بالوسائل التقليدية، كالنظارات والعدسات، وعمليات التصحيح بالليزر.
سبب الكسل حرمان العين المذكورة من النظر الواضح بمرحلة الطفولة الأولى، والتي هي مرحلة تشكل الذاكرة البصرية، وسبب هذا الحرمان هو تفاوت أسواء الانكسار الكبيرة بين العينين، حيث يعتمد الدماغ على الصور المرسلة من العين الأوضح، ويهمل صور العين الأقل وضوحا، أو يعود الحرمان البصري لوجود عتمات، وأوساط غير شفافة بالعين المصابة تحرمها من النظر.
الكسل قد يكون سببا للصداع نتيجة الإجهاد البصري على عين واحدة، وليس بسبب الكسل بحد ذاته، ولا يوجد علاج للكسل بعد سن 12 - 13 سنة.
مع أطيب التمنيات لك بدوام الصحة والعافية.