حالتي النفسية تقودني إلى الانتحار، فكيف أتخلص من هذه الحالة؟

0 195

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ترددت كثيرا قبل أن أكتب هذه الاستشارة، خائفة جدا لا أعلم لماذا هناك الكثير من المواقف والمشاكل السيئة التي لا أستطيع البوح بها، وسبب إرسال استشارتي هذه هي معاناتي الطويلة مع الهلاوس والكوابيس.

فأنا مشوشة لا أستطيع التركيز حتى فيما أكتب، وأشعر بأني بخير وإيجابية ولا ينتابني ذاك الخوف والهلع والأحلام، ولكن سرعان ما تسوء حالتي في ثواني.

أسمع أصواتا تناديني، أو شخصا ما يناديني حتى أنني في بعض المرات لا أستطيع التمييز إن كان هذا الصوت مصدره من رأسي أم أنه بالفعل هناك شخصا يناديني، وأكره رؤية النقط أو الدوائر السوداء في بقعة بيضاء عندها يصيبني الذعر ويقشعر بدني من هذا المنظر، وأحاول أن لا أترك أي شيء فيه عيون أو دوائر في غرفتي؛ لأنني في بعض الأحيان أراها تتحرك بشكل جنوني وكأنها كائنات، وهذا يصيبني بالجنون.

وأيضا أي مكان أكون فيه أبدأ بالحديث، الكل يحبني ويود أن يتعرف علي وذات شعبية، ولكنني أبحث عن أي فرصة للهروب؛ لأن طاقتي في التمثيل بعكس ما في داخلي تنفذ مع مرور الوقت.

أصاب بالهلع من الظلام، والأفكار المخيفة تسيطر علي لدرجة أنني لا أستطيع التحرك من زاوية الغرفة، ولدي مشكلة التأتأة عندما أكون جادة أو عندما أتكلم بصدق المشاعر، أو عندما أحاول البوح بشيء ما، أو حتى عندما نتحدث مع العائلة بشكل جدي أشعر بأن فكي يرتجف وأفقد السيطرة عليه تدريجيا.

وأشعر بأن هناك من يتتبعني وأنني مراقبة، وأشعر بالتعب فجأة، ولا أقوى على فعل أي شيء، ثم لماذا نعيش؟ كل شيء ممل، وليس هناك ما يستحق العناء.

وأعاني من مشاكل صحية كثيرة لا حصر لها، وأنا أعيد ذلك للحالة النفسية، وعدم مقدرتي على النوم بسبب الكوابيس أو بسبب استيقاظي إثر النداءات المخيفة والصياح، أو الشعور بأن هناك شخصا ما واقف.

وفي أيام ليست ببعيدة كنت أرى أشخاصا لا أعلم إن كان ذلك حقيقة أم كان يهيئ لي، في لحظتها شعرت أنني سأفقد عقلي من الهلع ثم اختفاء مفاجئ.

أنا متعبة جدا، وأفكر في الانتحار، ولكن لا يجب علي أن أخبر أحدا بذلك، إذا كنت سأفعل ذلك سأفعله دون علم أحد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فيروز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أولا ما أبدأ به هو: إذا كنت تفكرين في الانتحار فيجب أن تذهبي إلى طبيب نفسي، واعلمي أن الله حرم على الإنسان قتل نفسه، لأنه لا يملك نفسه، وقد قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} وقال: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} فأحسني إلى نفسك ولا تفكري في الانتحار أبدا ولا يأتي على بالك ولا على خاطرك، وإذا أصابتك مصيبة فاسترجعي وقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} وقولي: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش الكريم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم).

والإنسان ينبغي أن يكون كيسا وحكيما وراشدا، ليس هنالك ما يدعو الإنسان أبدا بأن يحل مشكلة بمشكلة أفظع منها، والمنتحر هو الذي يخسر – يخسر الدنيا والآخرة – ومآله سيئ وقبيح، ويترك آلاما لمن كان يحبونه، فمصير المنتحر ليس محفوفا بالورود أو إلى جنات النعيم، إنما كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا).

عموما لا أتمنى أبدا أن تكون لديك فكرة الانتحار على هذه الشاكلة، وإذا كان لا بد الإنسان متمنيا للموت فليتبع ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي).

بالنسبة لحالتك فقد تدارستها، ما تسمعينه من أصوات، وما تحسينه من هلاوس بصرية: لا أعتقد أنها هلاوس حقيقية، وهذه تسمى بالهلاوس الكاذبة، والسبب فيها أن درجة الاستشعار القلقي لديك عالية جدا، من الواضح أنك قلقة، وهذا يجعلك في حالة شديدة من اليقظة والتوجس، وهذا يؤدي إلى المخاوف، يؤدي إلى ظهور الهلاوس الكاذبة من النوع الذي تحدثت عنه.

اعتقادك بأنه لديك شعور بأن أحد يتابعك وأنك مراقبة: هذا لا أراه في إطار الأفكار الضلالية والظنانية التي نشاهدها في حالة الأمراض العقلية، أنا أعتقد أنه ناتج من الحالة الوجدانية، حالة عدم الطمأنينة والتوتر، وهذا جعلك ثقتك بالنفس تهتز بعض الشيء.

أنا أرى من الأحسن أن تذهبي إلى طبيب نفسي، هذه الحالات تعالج ببساطة من خلال التوجيه والإرشاد النفسي والمساندة، وأنت في حاجة لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وهي كثيرة جدا. وشغلني كثيرا حديثك عن الانتحار، لذا أحتم أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا، ولا تكتمي ولا تحتقني نفسيا، عبري عن ذاتك، أكثري من الاستغفار، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان، واجعلي الصلاة في وقتها، وكوني قريبة من والديك، هذا مهم جدا، وزيدي من فعالياتك داخل أسرتك، وتواصلي مع صديقاتك.

إذا الخلاصة: لا أرى أنك تعانين من مرض عقلي، كل الأمر مرتبط بقلق المخاوف، سببه درجة الحساسية واليقظة الشديدة التي تتمتع بها شخصيتك، والعلاج الدوائي سوف يفيدك كثيرا، بجانب ما ذكرته لك.

مشاكلك الصحة الأخرى -إن شاء الله تعالى- كلها سوف تتحسن، وأنا أرى أن صحتك النفسية هي التي أدت حتى إلى أعراضك الجسدية، وموضوع النوم سوف يتحسن كثيرا بعد أن تتناولي الدواء المضاد للقلق والمخاوف.

وقطعا النوم أيضا يمكن أن يتحسن من خلال:
- تجنب العشاء المتأخر، خاصة الطعام الدسم، وكل الكوابيس التي تأتيك سببها ربما يكون الإجهاد النفسي، أو تناول الطعام في فترات متأخرة.
- يجب أن تثبتي وقت النوم، اذهبي إلى الفراش في ساعة معينة كل ليلة.
- الحرص على أذكار النوم.
- تذكر شيء جميل قبل النوم.
- الوضوء وصلاة ركعتين ثم ركعة الوتر قبل النوم.
- تطبيق التمارين الاسترخائية قبل النوم، وقد أوردنا هذه التمارين في استشارة بإسلام ويب رقمها (2136015) أرجو أن تستعيني بها وتطبقي هذه التمارين، وسوف تفيدك كثيرا.
- لا بد أن تتجنبي تناول الشاي والقهوة وكل محتويات الكافيين بعد الساعة السادسة مساء.
- ممارسة الرياضة تعتبر ضرورة، وكذلك تجنب النوم النهاري.

وللفائدة راجعي حكم الانتحار أو التفكير فيه: (262983 - 110695 - 262353 - 230518).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات