أكون طبيعيا مع الأصدقاء ويتغير الحال مع وجود الغرباء!

0 173

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من استشارات وفوائد في هذا الموقع.

أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي، فصرت أنعزل عن الأصدقاء وأماكن التجمعات الاجتماعية والعملية، مثل: المجالس، والإمامة في المسجد، والتحدث أمام الجمهور، حيث يصيبني ارتعاش وتعرق شديد، وسرعة في نبضات القلب، واحمرار في الوجه، وتغير في نبرة الصوت، وإحراج شديد، علما أني في الجلسات الودية مع الأصدقاء أكون طبيعيا، ويتغير الحال مع وجود الغرباء، وكثرة العدد.

قبل ثلاثة أشهر كنت أصاب بالحالة في المناسبات والصلاة وأمام مجموعة أشخاص، ولكن بعد موقف مازح من صديق، وشعوري بالإحراج، اعتزلت الجميع، وبدأت بكثرة التفكير، والشعور بالقلق والتوتر.

قبل سنة ونصف راجعت طبيبا نفسيا، فوصف لي الباروكسات، واستمررت في أخذه ثلاثة أشهر، ثم راجعته، فرفع الجرعة، وطلب الاستمرار ثلاثة أشهر أخرى، فلم أقتنع، وتوقفت عن الدواء بعد شهر بالتدريج، حيث إنه سبب لي الخمول.

ما زالت ذاكرتي تحتفظ بذكرى مواقف حصلت بيني وبين بعض الناس، وسببت لي الإحراج والقلق والخوف، وما زلت أعيش نفس الشعور كلما قابلتهم، ومشكلتي أني أشعر بتوتر لمدة أيام عندما أتعرض لموقف معين، ويضطرب نومي وتتغير نفسيتي، بالإضافة أنني مصاب بالتشنجات الكهربائية في الدماغ، وأستخدم كيبرا وفمبات منذ سنتين تقريبا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

من الواضح أنك تعاني بالفعل من درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي، ولا بد أن تعرف أنها درجة بسيطة، وأهم علاج تحتاجه هو أن تصحح مفاهيمك حول الرهاب، وفي هذا الخصوص أوضح لك الآتي:

أولا: الرهاب ليس جبنا أو ضعفا في الشخصية أو ضعفا في الإيمان، إنما هو خوف مكتسب، وفي بعض الأحيان يكون اكتسابه ناتجا من حوادث بسيطة جدا، فمثلا على سبيل المثال: أنت في الأصل لديك القلق الاجتماعي، لكن حين قام صديقك هذا بالمزاح بما لم يرضك، ترسخت في ذهنك فكرة المخاوف، ومن ثم أصبحت تطاوع نفسك في الانسحاب الاجتماعي.

النقطة الثانية – وهي مهمة جدا -: أنا أؤكد لك أن شعورك بالأعراض مبالغ فيه، وأن الناس حولك لا تشعر بأي شيء، ما اعتقدته أنه تلعثم أو رجفة أو تعرق ليس ظاهرا للعيان، أنا لا أقول لك أنك تتخيل أو تتوهم، لا، هنالك شيء بسيط من الأشياء التي تحدثت عنها لكن ليست بالحجم والشكل والكيفية التي تراها أنت، فصحح مفهومك حول هذا الموضوع.

النقطة الثالثة: أنا أؤكد لك أنك لن تفقد السيطرة أمام الناس، وأن الناس لا يقومون برصدك أو مراقبتك، هذا أؤكده لك.

رابعا: لا بد أن تبني مفهوما أن الناس سواسية، وأنه لا فضل لإنسان على آخر إلا بالتقوى، ولماذا تهاب الناس؟ ولماذا تخاف؟ لا بد أن تلقي على نفسك هذا النوع من الفكر.

النقطة الخامسة: أن تحقر فكرة الخوف تماما، وأن تطبق برامجك السلوكية والتي تعتمد أولا على تطوير المهارات الاجتماعية البسيطة، مثلا: حين تسلم على الناس سلم عليهم سلاما حارا وانظر إليهم في وجوههم، وتذكر أن تبسمك في وجه أخيك صدقة.

النقطة السادسة: لا تتجنب، أخطر شيء هو التجنب، شارك الناس في مناسباتهم، اذهب لزيارة المرضى، اذهب إلى الأعراس، امش في الجنائز، قم بزيارة أرحامك، هذا النوع من التواصل سوف يفيدك.

وقد وجدنا أن الانضمام لحلقات القرآن هو من أفضل ما يروض الإنسان ونفسه من حيث إزالة الرهاب الاجتماعي، فأرجو أن تقدم على هذه الحلق، ففيها الخير والخير الكثير جدا.

الحمد لله تعالى أنت في بعض الأحيان تقدم للصلاة بالناس، وهذا يعني أنه أصلا لا مشكلة لديك، فاقدم على الصلاة مع الجماعة، وكن دائما في الصف الأول وخلف الإمام، وإن طلب منك أن تصلي بالناس، ما دمت تأنس في نفسك متطلبات الإمامة، فاقدم على ذلك، ولن تفقد السيطرة على الموقف أبدا.

ممارسة الرياضة والتمارين الاسترخائية أيضا من العلاجات الضرورية، فالتطبيقات السلوكية مهمة، ويجب أن تكون يومية، هذا هو العلاج الرئيسي.

أما بالنسبة للدواء: فالدواء يساعد، الزيروكسات أو الباروكسات دواء جيد، ويوجد دواء آخر ممتاز جدا وهو الـ (زولفت) والذي يعرف علميا (سيرترالين)، أرى أن هذه المرة يمكن أن تجرب هذا الدواء، فهو دواء بسيط، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، خمسة وعشرين مليجراما (نصف حبة) ليلا لمدة أسبوعين، ثم حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

أخي الكريم: هذا دواء سليم، والجرعة بسيطة، وهو لا يتعارض مع أدوية تنظيم الشحنات الدماغية، لكن من الأفضل أن تخبر طبيب الأعصاب حين تراجعه في المرة القادمة، قل له أنا قد نصحناك بتناول الزولفت لعلاج المخاوف وبجرعة صغيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات