أعاني من قلة التركيز والاستيعاب بعد إدماني على الهاتف، ما العلاج؟

0 267

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شخص -الحمد لله- متفوق دراسيا وصاحب معدلات عالية، لكني كثيرا ما أجلس على هاتفي لدرجة أني في الإجازة الصيفية الماضية قلت أني أريد أن أعطي عقلي إجازة ولن أعمل أي مجهود له، فصرت أستخدم الهاتف 24 ساعة ولا أتركه إلا قليل جدا.

استمررت على هذا الحال أربعة أشهر، بدأت الدراسة، وبدأت ألاحظت في شيئا جديدا صدمني، وهو أني صرت إنسانا ضعيف التركيز وضعيفا جدا في الاستيعاب، مع أني كنت على عكس ذلك، تركيزي كان قويا جدا -الحمد لله-، واستيعابي سريع، ولا أنسى، وأفهم بسرعة وأجيب مباشرة، لكن الآن أصبحت آخذ وقتا طويلا، وأرى أفواها تتحرك، وكلاما سريعا وأنا لا أعرف ما الذي يحدث! أصبحت كثير النسيان.

والله إني تعبت نفسيا من هذه المشكلة، أريد أن أعرف حلا يعيد تركيزي واستيعابي كما كان من قبل، أريد حلا، هل هذه حالة دائمة؟ وهل أصاب عقلي شيء؟ وما المشكلة؟

أنتظر الإجابة الوافية الكافية التي تريحني وتساعدني، أسعدكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا، وشكرا للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، فلولاها لما تمكنا من هذا التواصل الآن، ولكن هذه الشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل الاجتماعي إنما هي لخدمتنا، وليس العكس!

لقد أصبحت مشكلة التعامل مع الإنترنت ومع وسائل التواصل الاجتماعي مشكلة عند الكثير من الشباب، وهناك الآن حديث جدي عن "إدمان الإنترنت ووسائل التواصل"، و"إدمان الآي فون" وغيرها من هذه الوسائل، وهناك أيضا مراكز متخصصة لعلاج هذا الإدمان، والذي يدخل تحت مسمى "السلوك الإدماني".

ربما أهم نقطة في قضية إدمان الإنترنت ووسائل التواصل ليس كيف تتركها، وإنما ما هي الأعمال التي ستقوم بها عندما لا تكون على الإنترنت ووسائل التواصل، أي ما هي البدائل؟

فطالما لا يوجد عندك شيء مغري ويشجعك على قضاء بعض الوقت معه، فلماذا تترك الجهاز الجوال، ولماذا تهجر النت، طالما لا يوجد عندك بديل، فهذا أفضل من الجلوس هكذا تنظر في فضاء السماء.

فإذا، حدد أولا ما هي الأعمال، والأفضل ما هو العمل الذي تريد القيام به؟ وخاصة الدراسة مثلا طالما أنك تشتكي من ضعف التركيز والاستيعاب والدراسة، وأي مادة وأي كتاب وأي فصل تريد أن تدرس؟ فعندما تحدد ما هو مطلوب منك، ما هو العمل الذي تريد أن تجلس عليه ساعة أو ساعتين؟ فقد يسهل عندها ترك الكمبيوتر، والتفرغ لهذه الدراسة.

طبعا هناك أمور أخرى كثيرة يمكنك القيام بها، وأذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر:
• أغلق الجهاز، أو ضعه على الصامت، وضعه بعيدا عنك.

• أعط الجهاز لأحد أفراد أسرتك، واطلب منهم أن لا يعطوك إياه إلا بعد ساعتين مثلا أو أكثر.

• اترك الجهاز في البيت، وحاول أن تدرس وتنهي أعمالك في مكتبة المدرسة أو الجامعة أو المكتبة العامة.

• حدد وقتا لاستعمال الجوال، بحيث بعد ساعة مثلا أغلق الجهاز، أي لا تنقطع كليا عنه، وإنما حدد وقتا مخصصا.

• ادرس مع صديق لك، بحيث تلتزم بالجلوس معه طول مدة الدراسة.

• خصص جزءا من يوم في الأسبوع لا تستعمل فيه الجوال، وإذا استطعت يمكن أن تجعله ليوم كامل.

• حدد وقتا في المساء كآخر ساعة لا تستعمل فيه الجهاز، فمثلا لا استعمال بعد الساعة 9 مساء.

• حدد وقتا في أثناء النهار بلا جهاز، مثلا بين الساعة 12 ظهرا و8 مساء، وبحيث تكافئ نفسك على الدراسة باستعماله بعد هذه الساعة.

وهكذا ترى أن هناك وسائل كثيرة يمكننا من خلالها أن ننظم أمور حياتنا، بحيث نسيطر على ظروفنا ولا نجعل "ظروفنا" تتحكم بنا، وربما العنصر الأساسي في نجاح هذه الإجراءات هو صدق العزيمة، واتخاذ الأسباب، وكما يقول تعالى في موقف مشابه عن مدى استعداد الإنسان للقيام بعمل ما يحتاج صبرا وعزيمة، "ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة".

أرجو منك الآن، وبعد قراءة جوابي هذا أن تغلق جهاز الكمبيوتر أو الجوال، ولا تعود إليه إلا بعد ساعتين من الآن، وسترى كيف يمكنك علاج المشكلة، ومن نفسك، ولكن لا بد من اتخاذ الخطوات البسيطة هذه.

وأنا على يقين -بإذن الله- ومن خلال علاج حالات سابقة من إدمان الجوال، أن قدرتك على التركيز والانتباه ستتحسن بعد تنظيم وقت وتخفيف ساعات استعمال الجوال.

وفقك الله ويسر لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات