السؤال
السلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
سيدي الفاضل! لا شك أن صلة الرحم أمر بالغ الأهمية في شريعتنا، لكن مشكلتي هي أن بعض الأقارب -وخصوصا أعمامي من الأم- هم ممن يصدق فيهم القول التالي: لا يرجى خيرهم، ولا يؤمن شرهم؛ لذا تجدني في حيرة من أمري، وفي لوم دائم؛ لأنني أجد في صدري كراهية كبرى لهم، ولا أريد أن أرى أحدا منهم.
للإشارة؛ فإن والدي متوفى، وكانوا يحقدون عليه كثيرا، وكانت أمهم تعامله معاملة سيئة؛ لأن والدته توفيت وهو ابن سبع سنوات، وهو دائما يعاملهم معاملة حسنة كان سببا في عمل بعضهم، ينفق عليهم، ويسببون له المشاكل مع الناس، ويردون الخير بالشر، حتى إن أحدهم أراد قتل والدي حقدا وحسدا، فأراد أن يضرب والدي انحرفت يده، وجاءت في زجاجة النافذة، ووقع له نزيف شديد، دخل على إثره إلى المستشفى، ومع ذلك حمله والدي ـ رحمه الله ـ إلى المستشفى، ودفع ثمن العلاج، واشترى له عصيرا -كنت آنذاك ابن السابعة من عمري- ولما كبرت، قلت لننس الذي فات، لكنهم -كما قلت في البداية- لا يرجى خيرهم ولا يؤمن شرهم، كلما قربت لدغت بطريقة أو بأخرى.
الآن أخذت الموقف التالي: إذا التقيت بأحدهم، أقول له السلام عليكم، إذا كانت مناسبة العيد ـ مثلا ـ أهنئهم بالعيد باقتصاد شديد، لكني لا أحضر مناسباتهم كالزفاف مثلا، أريد منكم أن تنصحوني، وتوجهوني؛ لأنني لا أريد أن أكون قاطعا للرحم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مروان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أهلا بك ومرحبا في موقعك الشبكة الإسلامية، ونرجو أن تجد فيه بغيتك.
اطلعت على رسالتك، والتي تتعلق بالتعامل مع أقاربك من جهة أبيك، كما وقفت على تعاملهم مع أبيك.
أخي الكريم! أعلم أن ديننا الحنيف يختلف عن غيره من الأديان، فقد وضع منهجا واضحا للتعامل بين الناس، ومن هذا المنهج أخي:
1- أن العفو والصفح مبدأ أساسي، ولهذا يقول الله تعالى: ((خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين))[الأعراف:199]، ويقول تعالى: ((فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين))[الشورى:40].
2- أن الإسلام لا يجعل هذه الدنيا دار جزاء ولا مكافأة، إنما جعل دار الجزاء هي الأخرى، ولهذا ربما لا يكافأ الصالحين في الدنيا، بل ربما يبتليهم، وكلما كان الإنسان قريبا من الله بالعمل الصالح كلما أحبه الله، وعندما يحب الله العبد يبتليه.
ومن هنا فمهما تصرف الآخرون، فإن على المسلم ما أمكن أن يقابل ذلك بالعفو والصفح.
إذا كان الأمر يتعلق بصلة الرحم، فإن هذا له حكم خاص، وهو أن هذه الرحم يجب المحافظة عليها وصلتها.
ومن هذه المبادئ أخي، فإن التصرف الذي حصل مع والدك لا ينبغي أن يكون باقيا في نفسك حتى اليوم، فهذا ليس من الإسلام في شيء، وعليك أن تفتح معهم صفحة جديدة، وتنسى الماضي، فإن قبلوك وتعاملوا بخير فتكون قد كسبت الدنيا بصلتهم، وكسبت الآخرة برضاء الله تعالى، وإن رفضوك واستمروا في قطيعتهم، فهنا قد أعطاك الإسلام العذر، وتتركهم .
لهذا، عليك أن تفتح صفحة جديدة، وتصالحهم، وتنسى ذلك الماضي، وفي هذا خير لك عند الله تعالى.
نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير والرضا.