لا أستطيع التعبير عما في نفسي لإيصال فكرتي، فما الحل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا: أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع.

ثانيا: أنا شاب، عمري 22 عاما، في السنة الأخيرة من الجامعة، أدرس الهندسة.

باختصار، أعاني من كوني انطوائيا، وليس لدي أصدقاء، وكم أود أن أكون اجتماعيا أكثر من المستوى الذي أعيشه؛ حيث إنني أحضر بعض دعوات الأقارب وبعض المناسبات كالأعياد، وأنا شاب خجول نوعا ما، وأحب الترتيب والتنظيم وقراءة الكتب، لكن بدأ ينتابني شعور بالخوف من مستقبل شخصيتي اجتماعيا؛ حيث إنني مقبل على التخرج والحياة العملية بإذن الله، والأكبر منها شأن الزواج.

كما أن هناك عادات سيئة لدي قد تساعد في استمرار مشكلة عدم إقامة علاقات الصداقة، كالعادة السرية، واستخدام الهاتف النقال لساعات، ثم إنني لا أجيد التحدث أمام الناس أو حتى في المجلس.

وأعاني أيضا من المجاملات، والضحك الزائف؛ مما جعلني انطوائيا ومهملا لنفسي. لا أريد أن أخسر مستقبلي، أريد أن أعيش يومي دون خوف ودون ارتباك وتفكير؛ مما أدى بي إلى النحافة وعدم زيادة الوزن، والذي يؤثر علي نفسيا نوعا ما.

وأدعو ربي دائما، ولكن {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وقد حاولت أن أتكلم مع نفسي، ولكن دون جدوى، كنت أعتقد أني قوي لكني تأكدت بأني ضعيف جدا.

أتأثر بسرعة، لكني لم أشتك لأحد غير ربي عز وجل، ولا أحب أن يعرف الآخرون ضعفي. لدي مشكلة في التحدث مع الناس بأريحية، أنا انطوائي حتى مع أسرتي في المنزل! أحس دائما أني لا قيمة لي في الحياة، وأني إنسان غير نشط وغير منفتح على الآخرين.

أعاني من الكسل والخمول، وما يحزنني هو أنني أحب تخصصي (الهندسة) كثيرا وأريد أن أطور نفسي فيه أكثر وأكثر، لكني لا أحرك ساكنا، وهو أيضا يتطلب اجتهادا وعملا كبيرين، لكنني أكتفي فقط بالحصول على معدل الانتقال، وهذا لا يرضيني، لأنني كنت قبل الجامعة دائما في المرتبة الأولى، ومتفوقا بامتياز.

والآن أنا لا أقوى على الدراسة والعمل، ولا أرضى بتحصيلي، وأحزن أكثر عندما أرى من كنت أفضل منهم قد سبقوني، وأنا أدري أنني أملك المهارات الكافية للتميز، لكنني راكد وجامد، ولا أقوى على التحرك والتغيير، ولاحظت أيضا أنني منذ دخولي إلى الجامعة فقدت طموحي وحبي للدراسة والحياة، وكأنني طاعن في السن بينما أنا في عز الشباب.

أيضا أعاني من الخجل السلبي؛ بحيث أني أخجل أن أطالب باسترجاع ما هو لي وأتركه حتى ولو كان ثمينا.

أيضا لا أستطيع أن أعبر عما في نفسي أو توصيل فكرة معينة، أي أن التعبير يخونني في توصيل الفكرة سواء كان في نقاش عمل أو أيا كان، ودائما ألوم نفسي على أشياء لا يحتاج الشخص أن يلوم نفسه عليها. الخوف غير المبرر الذي سيطر على مخيلتي، مثلا قد يكون لدي شيء يخصني، إذا استولى عليه شخص آخر أغضب في نفسي وأشتعل بركانا، ولكني لا أستطيع الذهاب لاسترجاع ما هو لي!

وفي بعض الأحيان عندما أكون في مجموعة وأرغب في التحدث أواجه صعوبة، فأنا لا أعرف كيف ألفت الانتباه.

فمثلا: أرغب في اتباع نظام صحي لزيادة وزني، وتغيير أسلوب حياتي، كما أود أن أستيقظ مبكرا، وأقوم بعمل التمارين الرياضية، وأتناول طعاما صحيا، وأقول: إني سأقوم باتباع نظام غذائي، وسأبدأ من الغد، أو من اليوم، وأكون مستعدا تماما لفعل ذلك، وفي غاية الحماس والرغبة لفعله، وأعزم على فعله، وأخطط كيف سأبدأ، وماذا سأفعل بكل حماس، ولكن بعد ذلك بعدة دقائق أشعر بأن ذلك أمر صعب، ومجرد التفكير بأنني سأفعل هذه الأشياء يشعرني بالخمول والكسل، ولن أستطيع القيام به، فلا أفعل شيئا مما خططت له.

أتمنى أن أجد ذلك الفتى الطموح المجتهد الذي لا يرضى إلا بالتميز، الواثق من نفسه، المتفوق المثابر الراضي عن نفسه.

رجاء انصحوني وأفيدوني، فأنا بحاجة إلى صوت مقنع محرك للضمير باعث للأمل، وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على هذا السؤال، والذي احتوى العديد من المواضيع، والتي تقريبا تتناول معظم جوانب حياتك، ومن الواضح أنك شاب طموح وتتطلع إلى الإنجاز، إلا أن الظروف الداخلية والخارجية ربما لم تساعدك كثيرا.

هناك أمور إرادية وتحت سيطرتك، وأخرى غير إرادية وليست تحت سيطرتك تماما، وربما من هذه العوامل الداخلية والتي تحت سيطرتك، هو الرهاب الاجتماعي، والذي عبرت أنت عنه بصيغ مختلفة كالخجل وضعف الصداقات وتجنب لقاء الناس، وعدم أخذ حقك منهم.

هذه وغيرها من المفيد أن نضع لها التشخيص الواضح، وهو الرهاب الاجتماعي، ومن باب "إذا عرف السبب بطل العجب"، ولكي يسهل علينا الحل أو العلاج، ويفيد أن تعرف بأن الرهاب الاجتماعي كثير ومنتشر بين الشباب، مما يحرمهم الكثير من المشاركات الاجتماعية، وبأن العلاج ليس بالهروب والتجنب، وإنما بالإقدام على لقاء الناس والاختلاط بهم، وبحيث بعد مدة تعتاد هذا الأمر كغيرك من الشباب، ولا يعود يربكك أو يحرجك.

مما أعجبني أنك تحب تخصصك الهندسي، وهذا شيء طيب، وربما هو مفتاح الحل، أي أن تجعل حبك لهذا التخصص يحركك ويدفعك للخروج والعمل ومقابلة الناس، وتذكر بأن النجاح يؤدي إلى المزيد من النجاح، وهكذا.

طبعا، معظم الناس يقعون فيما تقع فيه من التخطيط للعمل والرياضة والاستيقاظ المبكر، إلا أن عزيمتهم تخذلهم وتحول دون ذلك.

إذا سألتك سؤالا، سم لي عملا واحدا، مهما كان صغيرا، وكلما صغر كان أفضل، عملا واحدا يمكنك القيام به اليوم أو صباح الغد، عملا منذ فترة تحب أن تقوم به، إلا أنك لم تفعل لسبب أو لآخر.

أريدك أن تنسى مؤقتا كل المشاريع والأفكار الكبيرة، وتركز فقط على هذا العمل "الصغير"، وستجد بعد أن تقوم بهذا العمل "الصغير" أنك تحمست لإنجاز عمل آخر وثالث ورابع، وكما ذكرت لك عن النجاح، وسيصبح هذا العمل والإنجاز الصغير ككرة الثلج، تتسع وتكبر وتكبر.

أرجو أن يكون في هذا ما يعينك على الانطلاق، وعلى الخطوة الأولى على طريق التغيير، وكما يقال: "إن الطريق إلى ألف ميل يبدأ بخطوة واحدة".

وفقك الله، ويسر خطاك حتى تحقق أهدافك الكبيرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات