عمري يضيع في أحلام اليقظة والحديث مع نفسي.. ساعدوني

0 241

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا شكرا لكم جزيلا؛ لأنكم موجودون لخدمتنا وسماع شكوانا، وأخذها على محمل الجد.

أنا طالبة جامعية في سنتي الثالثة, في الحقيقة لدي مشكلة, أنا لا أفهم نفسي, دائمة السرحان بأحلام اليقظة بشكل مبالغ فيه، لدرجة أني أضيع ساعات من وقتي وأنا أشرد، وأتحدث مع نفسي وكأني أحدث شخصا ما, دائما أحلم بالأشياء التي لا أستطيع تحقيقها, كأن أكون محبوبة ولدي قيمة في المجتمع، ولدي أحلام عظيمة, وفي الواقع أنا لا أملك ثقة كبيرة بنفسي، ولست اجتماعية كثيرا، ولا حتى لدي أحلام.

أضيع وقتي على المسلسلات، ولم أعد أهتم لشيء, ولم يعد لدي اهتمامات ولا حتى نظرة جدية للحياة, أشعر أني مدفونة في الحياة, فليس لدينا وسائل ترفيه غير الانترنت، ولا حتى الخروج ولا السفر نستطيع عليه، وفوق كل هذا لست اجتماعية، ولدينا ظروف مادية في المنزل ومشاكل.

أصبحت هكذا بعد حالات فزع ووسواس قهري كانت قد جاءتني في فترة مراهقتي، وذهب لكن لم أعالجه، بقيت أتخبط بسببه حتى ماتت الحياة بنظري، صلاتي أصبحت متقطعة بعد ما تعبت من ملاحقة وسواس الكفر والصلاة والوضوء.

أنا ذكية وكاتبة رائعة وخيالي واسع، لكنني أشعر أني مت وقلبي مات أكثر عندما ابتعدت عن الله, لكن لا شيء حولي يحفزني ليتغير حالي للأفضل، وأنا هنا أكتب لكم لعلكم تعطوني حلا أعود فيه إلى الحياة، فلا أريد أن أغمض عيني وأفتحها وأجد نفسي قد شارف عمري على الانتهاء.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة نور داغ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال، ومعذرة على تأخر الجواب بسبب الارتباطات!
من الواضح أنك تحسنين التعبير عما في نفسك، وكما ورد في سؤالك أنك -ولله الحمد-، ذكية وكاتبة رائعة، وصاحبة خيال واسع، -ما شاء الله-، وحفظ عليك نعمه كلها.

وإذا عدنا لموضوع الخيال والسرحان، فكيف يمكن أن يعيش الإنسان لولا فسحة الخيال وحديث النفس، فحقائق اليوم خيالات الأمس، وخيالات اليوم حقائق الغد، كما يقولون. ومن المعروف أن الكثير من أحلام اليقظة والسرحان إنما هي وظيفة تعويضية عما يمكن أن يشعر الإنسان بالحرمان منه، ولكن وككل شيء آخر ما زاد عن حده انقلب إلى ضده!

فكيف نستعمل هذا الخيال وحديث النفس هذا وأحلام اليقظة، وبالحد المعقول، فلا يزيد عما هو "طبيعي" وأن نستعمله أيضا بالشكل "الطبيعي".

ولا أنصحك بأن تضعي لنفسك هدفا هو الامتناع الكلي عن عالم الخيال وعن أحلام اليقظة، فالأمر ربما يصعب جدا ربما يستحيل، وستشعرين بالانتكاس في أقرب وقت؛ لأنك اعتدت عليه، مما قد يؤثر سلبيا عليك وعلى نفسيتك، فيزيد من ضعف ثقتك في نفسك.

من الواضح أنك قد انتبهت لمحاذير هذا السرحان ولذلك كتبت لنا، وقد بدأت من نفسك تحاولين الخروج أو التخفيف من هذا السلوك، وهذه بداية حسنة، وهو بفضل جهودك الخاصة، فاستمري عليه.

طبعا وكما هو واضح من سؤالك أن الأمر قد أصبح مصدر حرج اجتماعي لك، وربما يدفعك هذا للاستمرار في تغيير هذا السلوك، ولا شك أن هذا سلوك مكتسب متعلم، وهذا يعني أنك تستطيعين تغيير هذا السلوك، وتتعلمين بدلا عنه سلوكا أكثر قبولا وصحة، نعم ليس سهلا، إلا أنه ممكن.

حاولي أن تشغلي نفسك ببعض الأمور المفيدة والمسلية، كالقراءة والرياضة وقضاء الوقت مع الصديقات؛ فكل هذا سيساعدك باستعادتك لحيويتك وإقبالك على الحياة، وطبعا كل هذا مع الصلاة والتلاوة والدعاء لله تعالى.

حفظك الله ورعاك ووفقك لكل خير، وننتظر أن نقرأ لك بعض الكتابات الأدبية، بعون الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات