السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، أشعر بحزن دائم، وملل وضيق وكسل, لا أشعر بوزني حين أتحرك، ولا أسمع صوتي حين أتحدث, أتخيل لو فتحت جسمي لن أجد فيه قلبا أو رئة أو أعضاء, أنا حزينة جدا، وأبكي دائما، وأكره غرفتي وأهلي وكل شيء، لا أعرف السبب لما أعاني منه, دراستي صعبة جدا, عائلتي جافة جدا, دائما أخذل من الأقارب والأصدقاء, ربما أتوهم، لا أعلم؟
ما يؤلمني أنني كنت شخصية جميلة جدا، ومحل إعجاب الكثيرين، ومن هم أكبر مني في العمر، ولكن الآن لا أحد يطيق النظر لي، أو حتى الجلوس معي لدقائق بسبب ضيقي الشديد، وتصرفاتي السلبية التي أندم عليها، فالجميع ينفر مني, والكثير يندهش من تغير شكلي وملامحي، وأمي تتعذر بصعوبة الدراسة, أصبحت أتتعتع في الكلام, ولا أنطق الكلمات بصورة سليمة، وأتحدث بجمل مبعثرة، كالأعجمي إذا تكلم العربية.
أتمنى الموت، ولولا خوفي من الله لفعلت، أمي تعاملني بصورة سيئة جدا، وربما هي السبب في معاناتي، وربما أنا السبب، لأنني ضعفت وقصرت في نفسي حتى وصلت لهذه المرحلة.
لا شيء يهمني سوى دراستي, لكنني بدأت أفشل فيها، رغم كوني من المتفوقات، قضيت 6 أيام في دراسة مادة واحدة، وعند الاختبار لم أجب سوى على 5 أسئلة فقط من 30 سؤال، تدهورت في كل المواد, لا أريد أن أرسب، ولا أرغب بحذف الفصل الدراسي، ولا أريد الجلوس في المنزل مع أمي، أتعذر دائما بالجلوس في غرفتي للدراسة، أعاني من آلام المعدة، وتشنج المريء، وقرحة في الفم باستمرار، وأعلم أن ذلك كله لأسباب نفسية كما ذكر لي الطبيب.
أعتذر على الإزعاج، وأرغب بتوجيهكم لي؟
أفيدوني بنصحكم جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا على هذا الموقع، وأعانك الله، وأنت لم تزعجينا أبدا، فلا داعي للاعتذار.
من خلال مضمون سؤالك هناك احتمال كبير أنك حقيقة تعانين من حالة من الاكتئاب النفسي، وبالإضافة للأعراض التي وردت في سؤالك، فربما هناك بعض الأعراض الأخرى مثل: اضطرابات النوم، وتبدل الشهية للطعام، بالإضافة لضعف التركيز، وضعف القدرة على تحمل القيام بالأعمال اليومية التي اعتدت عليها.
والاحتمال الآخر، أنه لا يوجد اكتئاب، إلا أنك تعانين من محاولة التكيف مع بعض ظروف الحياة الصعبة، وقد أشرت لبعضها في رسالتك، وسواء كان الاحتمال الأول أو الثاني، أو مزيجا من الاثنين، فأنت لا شك في حاجة للدعم والمساعدة، ممن يمكن أن يقدم لك المساعدة في طريقة التكيف مع هذه الظروف.
أرجو في زحمة الحياة وتحدياتها التي أشرت لبعضها، ومع محاولة التكيف من هذه التبدلات، ومن ثم العمل على العمل والدراسة، في أثناء كل هذا أرجو أن لا تهملي رعاية نفسك، والرسول الحبيب يقول لنا: "إن لنفسك عليك حقا"، فبالرغم من كل المسؤوليات والواجبات أرجو أن تخصصي وقتا خاصا لك، لتمارسي ما تحبين من الأنشطة والهوايات، لتبقين في حالة نفسية طيبة، ولتستطيعي العمل والدراسة وأنت في حالة من الاسترخاء والراحة.
أنا لا أعتقد أنك وصلت لهذه المرحلة الدراسية إلا لأنك مقتدرة -ولله الحمد-، فأرجو أن لا تعممي من تجربتك الأخيرة حيث درست مادة لستة أيام ولم تتوفقي فيها، فهذا لا يعني أنك فاشلة، إلا أن هناك عوامل متعددة لعدم النجاح هذا، ومنها أنك متعبة جدا، مع ضعف التركيز والانتباه، سواء بسبب التعب، أو بسبب الاكتئاب إن وجد.
حاولي أن تستفيدي مما ورد في جوابي، ولكن إن طالت المعاناة ولم تشعري بالتحسن المطلوب، فأرجو أن لا تترددي في أخذ موعد مع الطبيب النفسي؛ لينفي أو يؤكد وجود الاكتئاب، ومن ثم العلاج إن وجد الاكتئاب، والذي أصبح علاجه أمرا متوفرا في هذه الأيام، سواء علاجا نفسيا أو دوائيا.
وفقك الله، وخفف عنك.