منذ طفولتي حرص والداي على عدم خروجي فأصابتني عادات سيئة

0 172

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 18 سنة، أدرس في الجامعة، وأعيد البكالوريا كمترشح حر، أعاني من مشاكل كثيرة، أحببت أن أخفف عن نفسي، وأتلوها لكم، لأني لا أحكي ولا أسرد حوائجي لأحد.

مشكلتي أنه تارة أكون رائعا مع نفسي، وتارة أمل من الحياة التي أعيشها، عند ما كنت صغيرا في السن في فترة الابتدائي كان والداي منغلقين عني، وأنا في المنزل لا يتركاني ألعب أو أقوم بشيء أو أخرج لأكتشف العالم الخارجي.

كنت دائما في المنزل، في حين أشاهد أصدقائي يمزحون ويتسلون، وهذه الحالة أثرت علي في علاقتي مع زملائي، بحيث لا أتحدث معهم، ولا يتحدثون معي، كنت وحيدا، ودائما ما أتشاجر معهم، وصرت أعاني من هذه المشكلة، بحيث أن علاقتي مع الناس شبه منعدمة، أجد نفسي أنا فقط من يتصل أو يعرض للجلوس في مكان معين، ولا أتلقى نفس المعاملة ـ حسنا لا علينا، فأنا مللت وتقبلت الوضع الذي أنا فيه في هذا الجانب.

مشكلتي أني مللت من الحياة، وأرى الناس في مثل سني لا يخصهم شيء في العلاقات، ولا في الاحتياجات المالية، أنا أعرف أن هذه الأشياء (الأرزاق) بيد الله، لكني أغار وأحلم كثيرا، في حين أني لا أملك شيئا، وفي قضية التعايش أرى أن الناس تضحك وتمزح، في حين أني إذا تلقيت المزاح لا أعرف كيف أمزح، وكذلك لا أعرف كيف أتحدث! ولا يحصل جو من المحادثة.

لما أجلس في جماعة أجد نفسي لا أقول شيئا، ولا أتحدث حتى يسألني أحدهم لماذا أنت منغلق على نفسك؟! حتى مللت وأصبحت أجلس وحيدا، لا أحد يهتم لأمري أو يسألني كيف حالي، حتى تعلمت التدخين وأصبحت أدرك أن السيجارة رفيقي، رغم أن التدخين مضر بالصحة، لكني لم أستطع الاستغناء عنه، وأيضا أصبحت أمارس العادة السرية لكي أنسى الضغط الذي في نفسي، أصبحت أخاف المستقبل، وكيف سوف أعيش حياتي؟! حتى كرهت الدراسة.

صرت لا أهتم كثيرا، حيث أني أخذت شهادة البكالوريا بأقل جهد، فروح المثابرة في الدراسة لم تعد تتوفر عندي، أصبحت أقول في نفسي "أتركها كما هي" ثم أتنازل عن هذه الكلمة، وأقول " كيف أعيش حياتي في كبري، إن لم أدرس فليس لدي شيء يضمن حياتي المستقبلية أسوى دراستي، أعقد العزم ثم يتلاشى، وأقنط حتى إني توقفت من المغادرة إلى الجامعة سوى حضور الحصص التي تجنبني التشطيب.

أصابني الكسل لا أقدر على فعل أي شيء سوى عندما أنوي التدخين أنهض مسرعا كأنه لدي موعد مهم، وعندما أعود للمنزل أعود للنوم حتى إني أصبحت أحلم كثيرا كامتلاكي لحياة الرفاهية، وما شابه ذلك، وأقضي يومي لا أدري لماذا أنا لست كالآخرين أعيش وأمضي يوما جميلا! فأنا كل يوم أمضيه متحسرا، وكارها لهذه الحياة وقسوتها.

كذلك مشكلتي مع والدي، فهما يفرضان علي عدم الخروج كثيرا من المنزل، إلا في أوقات معينة، فعلاقتي بهم جدا ضعيفة، أكاد لا أتحدث معهم.

لماذا أنا هكذا؟! والله لقد مللت، أريد تغيير حياتي، لا عبقرية، لا مال يتوفر لدي لأشتري ما أشتهيه، لا حظ في التعامل مع الناس، ولا في الحصول على فرص الحياة، ولا هواية ولا رياضة أمارسها، ورغم كل ذلك أبتسم للعالم الخارجي، الكثير من أفراد عائلتي ينعتونني بالفاشل، والله يئست من هذه الحياة.

أنا أكتب هذه الكلمات وأنا أدمع، فساعدوني أرجوكم، وانصحوني كي أتغلب عن هذه الأوجاع، لقد مللت وأنا على هذه الحال، أريد أن أعيش حياتي وأن ألبي حاجياتي، ولكن كيف؟! ربما أنكم سبب لنصائح مهمة أعمل بها لكي أغير حياتي نحو الأفضل، فأنا هكذا أطمع أن أعيش كشخص ناجح في الحياة فهذه أمنيتي، ولكن كيف أحققها رغم أنها بعيدة جدا.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك وفي حياتك، ولا شك أنه وضع مؤلم، أعانك الله ويسر لك الخير والفلاح.

واضح من سؤالك أن فهمك جيد لبعض ظروف حياتك وتصرفاتك، ولكن أرجو أن لا تجلد نفسك في معرفة لماذا أنت في هذا الحال الذي وصفته في سؤالك، فما أنت إلا نتيجة التربية والنشأة التي تربيت عليها في طفولتك من حماية والديك المفرطة، فلم يتيحوا لك الاختلاط والتواصل الاجتماعي مع الأصدقاء، وبالتالي فأنت تشعر بالوحدة والعزلة عن الناس، فالشخص في كثير من حياته إنما يكون نتيجة التجارب التي مر بها، وليس لعيب أو مرض فيه.

يبدو أنك في هذه المرحلة من حياتك ومن طرح الأسئلة، ما يفيد أن تبدأ بتذكر الإيجابيات الكثيرة التي وهبك الله إياها، من الإيمان والصحة، ومن الأسرة، وهكذا أمور كثيرة، وكما يقول تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم) (النحل 18) وكما يقول: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم...) (إبراهيم 7).

بعض الناس يحاول أن يجدد حياته، إلا أنه يبدأ بالنكران للإيجابيات والنعم التي أنعم الله بها عليه، وليس هذا بالأمر الحكيم، فعليك أن تبدأ بتقدير هذه النعم، مع الحرص على الحفاظ على حسن علاقاتك الأسرية وبداية توسعة علاقاتك الاجتماعية والصداقات.

عندي شعور من خلال رسالتك أن الأمر الأهم، بعد الأمور التي ذكرتها، هو أن تعتني بنفسك، وهذا مأخوذ من قول رسولنا الحبيب: صلى الله عليه وسلم (إن لنفسك عليك حقا) فنحن أحيانا مع انشغالنا بأعباء الدنيا ننسى أنفسنا أو نهملها، فنترك هواياتنا وما نستمتع به، وبعد فترة نجد أنفسنا قد ضعفت همتنا وقل نشاطنا، ومما يبدو أن هذا هو الحال عندك.

أرجو أن تعمل على الاهتمام بنفسك، فبعد العبادات والصلة الطيبة مع الله تعالى، أن تحرص على التغذية السليمة والنوم المناسب والنشاط الرياضي، فبعد كل هذا ستجد نشاطا وهمة في حياتك، تعين على الاستمرار في حياتك الدراسية والاجتماعية.

أرجو أن لا تبالي كثيرا في كلام الناس عنك، من ناحية أنك فاشل، ومثل هذا الكلام، فإرضاء الناس غاية لا تنال، كما يقال، فاحرص على التواصل مع صديق أو صديقين، مما يمكنك القيام معه ببعض الأنشطة الاجتماعية والرياضية مما يعطيك النشاط والهمة.

أرجو أن يكون في هذا عون لك، ووفقك الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات