السؤال
السلام عليكم
منذ ولادتي وأنا أتجرع مرارة الأقارب وتعاملهم السيئ مع أمي، وكرهت أبي بسببهم، فجأة ظهر في حياتي شخص مسيحي غير حياتي، شعرت بطعم الحياة معه، وأشعر بالراحة لوجوده في مواقع التواصل، وأشعر بأني سأجن إن غاب يوما، وأبدأ في كتابة عبارات البعد فيفهم ويعود، والله يعلم أن حبنا طاهر، فلماذا يحرم زواج المسيحي من المسلمة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على تواصلك مع موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله أن يصلح شأنك، وأن يهديك إلى الحق والهدى.
أما الجواب على ما ذكرت في طلب الاستشارة، فيمكن أن يكون الجواب كالآتي:
لا يجوز شرعا أن تتواصل الفتاة المسلمة بأي رجل أجنبي مسلما كان أو غير مسلم؛ حرصا على سلامتها من الوقوع في مداخل الشيطان وإغراء كل طرف بالآخر، فقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن يختلي رجل بامرأة، حيث قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري برقم 5233، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان "رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2546.
لأنه يخشى أن يجر ذلك التواصل إلى ما يغضب الله تعالى من الوقوع في الحرام والعياذ بالله، وهذه العلاقة بين الفتيان والفتيات عادة دخيلة على بلاد المسلمين، وهي من التقليد لأعدائنا، فننصحك بقطع التواصل مع الشاب، وأما السعادة التي تحصل لك عندما تتواصلين معه فهذا من تزيين العمل السيئ استدراجا من الله تعالى، قال تعالى: "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ۖ فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ۖ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ۚ إن الله عليم بما يصنعون" [ سورة فاطر اية ٨ ].
لعل من أسباب تعلقك بهذا الشاب النصراني أنه يرسل لك كلام الحب ونحوه، وأنت كما ذكرت تعانين من مشاكل أسرية، فحصل التعلق به لأنه ملأ لديك الفراغ العاطفي، ولكنه ملأه بمحرم، وفيه مخاطر كبيرة، فنرجو الحذر من هذا.
من المعلوم -أختي الكريمة- أن المرأة المسلمة تحرم على غير المسلم، فقد أجمع العلماء على أنه لا يحل للمسلمة أن تتزوج غير المسلم، سواء أكان مشركا أو من أهل الكتاب نصرانيا أو يهوديا، ودليل ذلك قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ۖ الله أعلم بإيمانهن ۖ فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار ۖ لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ۖ وآتوهم ما أنفقوا ۚ ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ۚ ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ۚ ذٰلكم حكم الله ۖ يحكم بينكم ۚ والله عليم حكيم"[ سورة الممتحنة اية ١٠ ].
قال تعالى:" ولا تنكحوا المشركات حتىٰ يؤمن ۚ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ۗ ولا تنكحوا المشركين حتىٰ يؤمنوا ۚ ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ۗ أولٰئك يدعون إلى النار ۖ والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ۖ ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون"[ سورة البقرة اية ٢٢١ ].
الحكمة من منع زواج المسلمة بالكافر: أن للرجل حق القوامة على زوجته، وأن عليها طاعته فيما يأمرها به من معروف، وفي هذا معنى الولاية والسلطان عليها، وما كان لكافر أن يكون له سلطان على مسلم أو مسلمة.
يقول الله تعالى: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" [ سورة النساء اية ١٤١ ]؛ ثم ان الكافر لا يعترف بدين المسلمة، بل يكذب بكتابها، ويجحد رسالة نبيها، ولا يمكن لبيت أن يستقر ولا لحياة أن تستمر مع هذا الخلاف الواسع والبون الشاسع.
أما الكتابية اليهودية والنصرانية فيجوز أن يتزوج بها المسلم إذا كانت عفيفة، ولم يجد أفضل منها من المسلمات، لقوله تعالى" اليوم أحل لكم الطيبات ۖ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ۖ والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ۗ ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين"[ سورة المائدة اية ٥ ]، فالمسلم إذا تزوج بكتابية، فإنه يعترف بدينها، ويجعل الإيمان بكتابها وبنبيها جزءا لا يتم إيمانه إلا به، ثم يمكن أن يدعوها للإسلام فتصبح مسلمة، وهذا خير لها.
على هذا لا يجوز التفكير في هذا الشاب للزواج منه لأن هذا محرم، وعليه حتى تسلمي من هذا الانزلاق الخطير أن تقطعي كل وسائل الاتصال معه، وادعي الله تعالى أن يصرف عنك كيد الشيطان، وأن يبعد عنك الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحرصي على مجالسة الأخوات الصالحة، وحضور حلقات أهل العلم حتى تتفقهي في دينك، حتى تحقق لك السعادة في الدنيا والآخرة.
كان الله في عونك.