السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم وفي علمكم.
موضوع أتعبني وأرقني كثيرا في الآونة الأخيرة وشغل كل تفكيري.
أحببت فتاة كانت تدرس معي بالجامعة حبا عفيفا طاهرا لا يشوبه أي شيء لا يرضي الله، فدينها وأخلاقها السامية جعلاني أرى فيها زوجة المستقبل التي تعينني على طاعة ربي في زمن قل فيه من يفعل ذلك.
بعد افتراقنا من الجامعة أخبرتها بحسن نيتي، وأني أود إن شاء الله إكمال حياتي معها، وما كنت لألجأ لهذه الخطوة لولا خوفي من ضياعها، وقصر ذات اليد، وعدم القدرة للتقدم لها حاليا، فطلبت منها أن تنتظرني ريثما تتحسن أموري قليلا وأسوي وضعيتي تجاه الخدمة الوطنية، فلم أجد لديها أي مانع، فقد اكتشفت أنها تبادلني المشاعر ذاتها، ولكن المشكل في عائلتها التي ترفض تماما هذا المقترح، فهل أحاول إقناعهم بهذا أم أتقدم لخطبتها وأنا غير مستعد لذلك؟ دلوني على الصواب.
حفظكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نصر الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها -الأخ المبارك- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:
الزواج رزق مقسوم يسير وفق قضاء الله وقدره، ولا يستطيع الإنسان أن يتحكم به، قال ربنا جل في علاه: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، ولما خلق الله القلم قال له اكتب، قال وما أكتب؟ قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.
رزقك سيأتيك وفي الوقت وبالمرأة التي قدرها الله أن تكون زوجة لك، فإن كانت هذه الفتاة من نصيبك فسوف تتزوج بها، وإن وقفت الدنيا كلها في وجهك، وإن لم تكن من نصيبك فلن تتمكن من الزواج بها، وإن بذلت كنوز الدنيا، وتذكر حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف).
قد يحب الإنسان شيئا وهو شر له، وقد يكره شيئا وهو خير له، فالعبد لا يدري أين يكون الخير له؟ قال تعالى: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
أوصيك أن تصلي صلاة الاستخارة، وتدعو بالدعاء المأثور، ثم تتقدم لخطبة هذه الفتاة، وخذ معك والدك وبعض الوجاهات التي ترى أنها يمكن أن تؤثر على والدها بعد التحري والبحث عن تلك الشخصيات. فإن كان لك فيها نصيب فسوف تسير الأمور بيسر وسهولة، وإن انسدت الأبواب فذلك مؤشر أن الله صرفها عنك، وربما لم يأت الوقت المقدر لك بالزواج بها.
إن كانت هذه الفتاة من نصيبك وإن رفضك أهلها في الوقت الراهن فإنك ستذهب لترتب وضعك، وسوف لن يتقدم لها أحد، وإن تقدم فلن تتم الخطبة، وسوف تتمكن فيما بعد من التقدم لها والزواج بها.
إن تزوجت هذه الفتاة قبل أن تتمكن من ترتيب وضعك فكن على يقين أنها ليست من نصيبك، ولعل الله أن يعوضك من هي خير منها، ويجعل لك فيها البركة.
إياك أن تعلق نفسك بفتاة بعينها مهما كانت مواصفاتها، فإنها إن لم تكن من نصيبك ورفضت أصبت بالحزن والاكتئاب، وعليك أن تكون راضيا بقضاء الله وقدره.
اجعل في مقدمة المعايير لشريكة حياتك أن تكون صاحبة دين وخلق، وما تبقى من الصفات فهي تابعة وليست أصيلة.
أسأل الله لك التوفيق، وأن يعطيك من الخير ما تتمنى، ويصرف عنك كل مكروه، والله الموفق.