الرهاب قتلني وأفقدني الثقة بنفسي، فما نصيحتكم لي؟

0 140

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 27 سنة، أعيش حياة الجحيم بسبب الرهاب الاجتماعي والخوف، لقد ضعت، لقد يئست، أشعر بأنني لست حيا، كنت في الثانوي إنسانا متفوقا؛ ثم دخلت الجامعة، وتدنى مستواي إلى الحضيض بسبب الخوف من تلك البحوث التي كنت ألقيها أمام الطلبة، فأنا أعيش الموت قبل ذلك لأسابيع قبل أن يحين الموعد تخرجت، ولازمتني هذه المشكلة، فأنا أدرس في مدرسة ونقوم باجتماعات أحيانا عندما يأتي دوري للكلام أتلعثم وأرتعش وأحس أني كالأبله الحقير التافه، والله لا أدري لا أفعل، أنا أحس الدنيا مظلمة، لا أمل لا رجاء، لا شيء يستثيرني، أصبحت لا شيء.

أتمنى أن أعيد الثقة بنفسي كل مرة أحاول ذلك بالتناسي وقراءة القرآن، ومطالعة كتاب، لكن عندما أتذكر أنه سوف يقع لي ما وقع لي في الاجتماعات المقبلة من ارتعاش وتلعثم وتوقف عن الكلام أكره نفسي، وأمقت ذاتي، فأنا لا شيء، أتمنى أن أستريح، لدي أمل، لكنه مغلف باليأس، وعدم الجدوى، خاصة عندما أرى زملائي يتضاحكون ويتكلمون بكل ثقة أحس بالخسة، وأن اللعنة نزلت علي، هذا الخوف سبب لي العزلة، والانطواء وهو ما دفعني إلى ممارسة العادة السرية لمدة 12 سنة إلى حد الساعة، تخيل أن نفيستي تتدهور كأنني مرمي في بحر لجي، لا أدري خلاصا!

قبل 5 سنوات اتصلت بطبيب نفسي وأعطاني أدوية أحسست أنها لم تقدم لي شيئا، وهذا لمدة 5 أشهر صرفت أموالا وازدادت حالتي سوءا، أرجوكم هل من أمل، فحتى الكلام مع نفسي بكلام إيجابي لم أعد أصدقه.

أتمنى أن تساعدني، وإلا سأموت هما ونكدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأنا أتعاطف معك جدا؛ لأني أعرف أن الخوف والقلق والتوتر واهتزاز الثقة بالنفس أو الذات تجعل الإنسان في حالة من الكدر والضجر.

أول ما أؤكده لك أن هذه الحالة يمكن أن تعالج، والتغيير يأتي من الإنسان ذاته، اجلس مع نفسك، انظر لهذه المخاوف من منظور مختلف تماما، منظور أنك يمكن أن تتخلص منها، وصحح مفاهيمك حول ذاتك، انظر إلى الإيجابيات، أقنع ذاتك بأنك شخص ذو قدرة، ولست بأقل من الآخرين أبدا، واقبل ذاتك؛ لأن قبول الذات يساعدنا على تطورها، لكن الإنسان إذا تمرد على ذاته واستنكر ما به وحقر ذاته هذا يسبب إشكالية كبيرة جدا من الناحية السلوكية.

فأريدك أن تتصور نفسك إيجابيا، وأن تسعى للتخلص من هذا الخوف الاجتماعي.

أنا أعتقد أن مقابلة الطبيب النفسي ستكون مفيدة جدا لك، لكن إذا كان ذلك ليس ممكنا يجب أن تتحصل على أحد الأدوية المفيدة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال الذهاب إلى الصيدلي، وأفضل دواء مفيد في حالتك هو العقار الذي يعرف تجاريا باسم (ديروكسات CR)، مضاد للخوف الاجتماعي، ومحسن للمزاج، وفي ذات الوقت هذا الدواء يتحكم تماما في الوسوسة والقلق التوقعي.

الجرعة هي أن تبدأ بـ 12.5 مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة وتجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوميا، وهذه هي الجرعة الوسطية التي تناسب حالتك، استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم اجعل الجرعة 12.5 مليجرام يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا دواء سليم، ودواء فاعل ومفيد، له بعض الآثار الجانبية البسيطة، منها: أنه في بعض الأحيان قد يفتح الشهية نحو الطعام قليلا، وبالنسبة للمتزوجين: ربما يؤخر القذف المنوي قليلا عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤثر على الهرمونات الذكورية أو الصحة الإنجابية عند الرجل.

أنا بدأت بالدواء في حالتك لأني أحس أن مستوى الضجر والقلق والتوتر لديك عال جدا، وقد لا تستفيد كثيرا من العلاجات السلوكية في بداية الأمر، الدواء من المفترض أن يؤدي فعاليته الكاملة بعد ثمانية أسابيع من بداية العلاج، في هذه المرحلة – أي بعد انقضاء ثمانية أسابيع – سوف تحس بارتياح نفسي، سوف يقل القلق والتوتر، وهنا ابدأ في أن تدفع نفسك فيما يسمى بالتواصل الاجتماعي الفعال، وأفضل تواصل اجتماعي فعال تبدأ به دائما هو أن تصلي الصلوات الخمس في المسجد مع الجماعة، هذا تواصل اجتماعي رفيع جدا، وذو خصوصية، لكنه أثبت وأثبت أنه العلاج الأنجع للخوف الاجتماعي.

ثانيا: عليك بممارسة رياضة جماعية مع مجموعة من أصدقائك مثلا، اتفق معهم، بمعدل ثلاث مرات على الأقل يكون هنالك لقاء رياضي، كممارسة كرة القدم مثلا، أو أي رياضة أخرى.

ثالثا: مشاركة الناس في مناسباتهم – الأفراح، الأتراح، حضور الأعراس، زيارة المرضى في المستشفيات، المشي وحضور الجنائز والصلاة عليها – هذا كله يعطيك ثقة قوية جدا في نفسك.

رابعا: الحرص على بر الوالدين، هذا وجدناه من أفضل الوسائل العلاجية التي تحسن المزاج وتزيل القلق والخوف الاجتماعي.

فإذا العلاج موجود، والطرق سهلة، وأسأل الله أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات