السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أتقدم لحضراتكم بالتقدير والشكر الجزيل على ما تقدمونه للناس من مساعدة وعلاج وأجوبة لاستشاراتهم، أسأل الله أن يسدد به خطاكم ويجعله في ميزان حسناتكم.
منذ فترة عرفت هذا الموقع الأكثر من رائع عن طريق المصادفة من خلال بحثي في قوقل عن بعض المواضيع التي تشغلني، فكنت كلما بحثت وجدت إجابات مقنعة ورائعة جدا في هذا الموقع، فأصبحت أرتاده بين الحين والآخر لمطالعة بعض المواضيع وقراءة بعض الاستشارات التي تجيبون عليها، فأردت أن أرسل استشارة على أمل أن أجد جوابا شافيا كحال الكثيرين اللذين وجدو ضالتهم في موقعكم الكريم.
أنا فتاة عمري 19 عاما، كنت متفوقة جدا في الدراسة، ودائما أكون الأولى على دفعتي، ولكني لم أكن اجتماعية ولا أحب الأماكن العامة كالأسواق أو المستشفيات، رغم أني أحب التسوق وشراء الأغراض، ورغم ذلك لم تكن لدي مشاكل والحمد لله، لكن مشكلتي ظهرت عندما دخلت إلى كلية الطب البشري السنة الماضية، حيث إنها كانت مختلطة، فاكتشفت أن لدي خجلا شديدا من الجنس الآخر؛ لأنني في الاعدادي والثانوي درست في مدرسة للبنات فقط.
أما في البيت فلم أكن أرى أولادا إلا إخوتي وأقاربي، ولكن عندما بدأنا نكبر قليلا في سن 12 تقريبا، أصبح أقاربي لا يدخلون البيت إلا في الحجرة المخصصة للرجال والتي تكون منفصلة عن باقي البيت، فلم أكتشف وجود المشكلة. هذا في الماضي، ولكن عندما نذهب للسوق أحاول تجنب الأماكن التي فيها عمال، وإن قال لي أحدهم أن هذا الحذاء هو ماركة أو أي شيء للترويج أشعر بخجل وضيق شديد، وأحاول الخروج من المحل في أسرع وقت، وبالرغم من هذا أنا لا أظهر خجلي ولا يلاحظ أحد أني منزعجة، بل أحاول أن أتصرف كما لو أني مرتاحة تماما.
والأن صارت حالتي أسوأ بكثير، فإذا أتيت متأخرة للمحاضرة مثلا فلا أستطيع الدخول، وأنا أعلم أن الجميع سيلتفت ليراني، عندها أفضل البقاء خارجا وتفويت المحاضرة مما يجعلني أشعر بضيق شديد جدا، فأنا أعلم أن ما أفعله ليس صحيحا، ولكني لا أستطيع فعل أي شيء تجاه الأمر، ولكن مشاعر الخجل الشديد هذه لا تنتابني عندما يكون الشباب غرباء ولا أعرفهم ولم أرهم من قبل، رغم أن معرفتي بزملائي أيضا معرفة سطحية جدا، فأنا لا أعرف عنهم سوى وجوههم، وأحيانا أسماءهم ولم يسبق لي أن تحدثت لأحد منهم.
فمثلا عندما أريد الذهاب لطباعة أوراق مهمة أو مستعجلة فأجد زملائي جالسين على المقاعد المجاورة أقوم بتأجيل الذهاب لوقت آخر، وأحيانا أطلب من صديقاتي أن يحضرنها معهن إن ذهبن لطباعة أوراقهن، فأنا لا يمكنني أن أمر من جانبهم ونضراتهم تلاحقني، وأنا لا أستطيع حتى الإلتفات لأرى إن كانوا حقا يرونني أم هذا من نسج خيالي، بينما أتمكن من الذهاب إذا كان الجالسون غرباء -لم يسبق أن رأيتهم أبدا- رغم شعوري ببعض الخجل، ولكني لا أهتم، وعندما أكون في المحاضرة لا أستطيع التركيز أبدا، خاصة إذا رأيت أحدهم نظر إلي ولو بالصدفة، أشعر بضيق شديد جدا وأفقد تركيزي تماما.
وأحيانا أحاول اختلاس النظر لأتأكد أنه لا أحد ينظر إلي وأبقى متجمدة في مقعدي، وأحاول دائما أن أجلس في أبعد مقعد عن مكان جلوسهم، فأجد نفسي في طرف القاعة وبالكاد أستطيع سماع صوت الدكتور.
وما يزيد الأمور تعقيدا هو مشكلة أخرى، وهي مظهري الخارجي، فأنا طويلة ونحيفة، ولكني لا أرتدي سوى العباءة التي اعتدت ارتداءها منذ عمر 13، والتي تجعلني أبدو أطول بكثير مما أنا عليه في الواقع، وأيضا تجعلني أبدو أكبر سنا من بقية زميلاتي، كما أنها تشعرني أني مختلفة عن باقي الطالبات، وأتمنى أحيانا أن أجد شيئا يجعلني خفية فلا يراني أحد.
هذا الأمر يؤلمني كثيرا، ولكني عندما حاولت مصارحة والدتي قالت لي: أنت ذاهبة لتدرسي وليس لتعرضي الملابس! أنا حقا لا أريد سوى أن أكون مثل باقي الطالبات، فكون الشخص مختلفا عن الجميع هو شعور مؤلم حقا لا يفهمه إلا من جربه، والآن أنا أعاني من فقدان الثقة، كما أني أعاني من الرهاب الاجتماعي، فهل السبب هو ما ذكرته لكم أم هناك أسباب أخرى؟ وهل العامل الوراثي يلعب دورا في هذا أم لا؟ وهل الرهاب هو ما أدى لفقدان الثقة أم أن فقدانها هو الذي أدى للرهاب؟
وأتمنى من حضرتكم أن ترشدوني لعلاج الرهاب، لكن بدون استخدام أي أدوية، فلقد سمعت أن هناك ما يعرف بالعلاج السلوكي عن طريق التخيل وغيره، أريد أن تخبروني كيف أقوم بهذه الطرق للتخلص من الرهاب، فلقد ذكرت لكم كل هذا على أمل أن تدرسوا حالتي وتعطوني أفضل علاج للتخلص من كل هذا، فأنا الآن فعلا أفكر في ترك الدراسة، فكل يوم بالنسبة لي هو عذاب وألم كبير، ولكني أستعيذ بالله من الشيطان وأحاول إقناع نفسي أن السنة رغم آلامها ستنتهي، فأنا أعلم أني إن تركتها فسوف أدمر مستقبلي وحياتي، بدل أن أكون طبيبة، وهذا شيء يغضب الله، ولكني حقا أصبحت أشعر بالعجز، وقد تدهور تحصيلي الدراسي بشكل غريب، ولم يعد بإمكاني أن أدرس مثلما كنت سابقا.
أعتذر كثيرا عن الإطالة، وأتمنى أن تفيدوني، فأنتم أملي بعد الله، وبارك الله فيكم وحفظكم، وجعله في ميزان حسناتكم.
دمتم في حفظ الله ورعايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.