السؤال
السلام عليكم
أنا بعمر 37 عاما، أعاني من الرهاب الاجتماعي والانعزالية منذ سنوات عديدة، وأريد أن ينتهي كل هذا؛ لأنني تعبت نفسيا، وبحثت فعلمت بوجود دواء لسترال، وإنه أفضل علاج للرهاب، فبعثت لأخي في السعودية ليشتريه، وقد اشتراه -جزاه الله كل خير- وأنا أريد أن أستخدمه في أقل مدة ممكنه أبدأ فيها وأنتهي من الدواء خلالها، فالدواء غالي ولا أريد أن أكلف على أخي وأزعجه، الله أعلم بحاله في الغربة.
أرجو إعطائي الجرعة المطلوب اتباعها خلال هذه المدة، وأشكركم على جهودكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ انتصار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يمكنك التغلب على الرهاب الاجتماعي، وهذه الانعزالية بتغيير نمط حياتك، والدواء سيساعدك، لكنه لا يمثل الحل الوحيد، والدواء دون تعزيز سلوكي لا يفيد، فحتى تخففي العناء على أخيك وحتى على نفسك أرجو أن تلجئي للتطبيقات السلوكية.
أول تطبيق سلوكي هو أن تحقري فكرة الخوف، وتناقشي ذاتك: (ما الذي يجعلني أرهب؟ أنا لست أقل من الآخرين، أنا أحمل الكفاءة الاجتماعية، لدي المقدرات، أنا مسلمة، أنا مؤمنة، أنا في حفظ الله وكنفه، لماذا أنا هكذا؟) يجب أن تكون هنالك حوارات قائمة مع نفسك على هذه الشاكلة، وليست حوارات حول الخوف نفسه، لأن ذلك سوف يثبته. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: أرجو أن تصححي مفاهيمك حول الرهاب الاجتماعي، كثير من الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي حين يتسارع قلبهم في المواقف أو عند المواجهات يحسون بخفة في الرأس، ويشعرون بأنهم سيفقدون السيطرة على الموقف، وهذا ليس صحيحا، وفي ذات البعض يقول لك أنا أرتجف أمام الآخرين، أنا أتلعثم، أنا أتعرق، أنا وأنا ... هذا كله ليس صحيحا.
نعم قد تكون هنالك بعض التغيرات لكن الطرف الآخر لا يشاهدها ولا يحس بها، إنما هو إحساس داخلي لصاحب الأمر الذي يعاني من الخوف الاجتماعي، وجدنا من خلال ممارستنا العملية أن إدراك هذه النقاط من جانب الشخص الذي يعاني من الرهاب الاجتماعي يساعده كثيرا في العلاج.
النقطة الثالثة هي: أن تكون لك برامج يومية تتفاعلي فيها اجتماعيا.
أولا: اتصلي مع بعض صديقاتك أو قريباتك تليفونيا، هذا نوع من المواجهة.
ثانيا: لا بد أن تبحثي عن مركز لتحفيظ القرآن مثلا، وتذهبي لهذا المركز، ظروف اليمن الآن مغايرة -أسأل الله تعالى أن يحفظ اليمن وأهل اليمن- لكن إن أتيحت لك فرصة الذهاب إلى أحد هذه المراكز القرآنية سوف تحسين فيها بالأمان، هناك تفاعل اجتماعي من نوع ممتاز جدا في محيط آمن، فاحرصي على ذلك.
ثالثا: النشاطات الأسرية اليومية، تحدثي معهم، كوني صاحبة مبادرات، رتبي، نظمي، اطبخي، هذا مهم جدا.
رابعا: القراءة والاطلاع وحسن إدارة الوقت، هذا كله يطرد الخوف الاجتماعي.
أما بالنسبة للدواء فالزولفت بالفعل دواء رائع، وأعتقد أنك سوف تحتاجين لجرعة صغيرة، الجرعة الكلية أربع حبات في اليوم، أعتقد أن حبة واحدة تكفيك تماما. ابدئي بتناول الدواء بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما – استمري عليها يوميا ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم اجعليها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء. دواء سليم، رائع، غير إدماني، جرعتك جرعة صغيرة وبسيطة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وإن شاء الله تعالى التكلفة المادية لن تكون باهظة على أخيك.
نسأل الله تعالى أن يكتب له الأجر على ما قدمه لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.