السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم:
أعاني من بعض المشاكل في شخصيتي في السنوات الأخيرة والتي بسببها أواجه مشاكل في عملي وحياتي، بعضها استطعت تشخيصه كالقلق والخوف المجتمعي والتسويف، وبعضها لم أستطع تشخيصه بعد:
- عدم القدرة على الانتهاء من الأعمال طويلة المدى التي تحتاج إلى مثابرة، والتوقف عن القيام بها بعد بضعة أسابيع، مثلا كتعلم لغة جديدة أو دراسة مادة علمية معينة، والتحجج بضيق الوقت تارة، وبالرغبة في الراحة تارة أخرى، حتى يضيع الوقت ثم البدء من الصفر من جديد في نفس الهدف مرة أخرى!
- القلق والتفكير المفرط في الأشياء، والخوف من الأعمال والأشخاص الأغراب، والتعرق الملحوظ عند خوض تلك التجارب. (لقد بدأت في دواء Cipralex، وبدأ الخوف والقلق يقلان بشكل ملحوظ).
- مثلا أنا في سن 30، ولست متزوجا، فقط بسبب أني لا أريد تغيير نمط حياتي الحالي.
لا يوجد عندي سيارة، بالرغم من أني أستطيع القيادة، وأملك مالا لشراء سيارة معقولة، لكن لا أريد أن أبحث عن أعمال الصيانة، وأماكن اصطفاف وما إلى ذلك.
- بالرغم من أني مسؤول عن أسرتي ولم أقصر معهم بشهادتهم، فإذا كنت أهرب من المسؤولية فلماذا لا أهرب منهم؟
هل هذه مشاكل في شخصيتي سببها نفسي؟ حيث إني أؤمن كثيرا أن كثيرا منها بسبب الحسد، علما أن هذه المشاكل لم تكن ملحوظة قبل 7 سنوات تقريبا، لكن أعتقد أن أحد أسبابها هو البعد عن الله، حيث إني كنت دائما أحلم بسقوط أسناني.
ما التشخيص؟ وما علاج كل هذا؟
شكرا لسعة صدركم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا أرى أنك تعاني من مرض نفسي، لديك ظاهرة نفسية تفضلت بذكرها، ومنها: القلق، والخوف، والتوترات، أما موضوع التسويف وتأجيل الأمور فهذا ناتج من ضعف الدافعية وعدم استشعار أهمية الأمر، من يحس بأهمية الشيء ينجزه ولا شك في ذلك، ويعرف أن القلق حين يكون قلقا سلبيا يؤدي أيضا إلى الكثير من التردد وضعف الإنجاز.
أيها الفاضل الكريم: اجعل لنفسك ضوابط من خلال تحديد الأهداف بوضوح، يجب أن يكون لديك أهداف آنية، أهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى، هذا هو الضابط الأساسي لعلاج مثل حالتك هذه.
الهدف قصير المدى يجب أن يحقق في خلال أربع وعشرين ساعة، مثلا أن تزور مريضا في المستشفى، هذا هدف وهدف سامي جدا، حين تنجزه ستحس بمردود إيجابي، والمردود الإيجابي يؤدي إلى المزيد من الإنجاز.
والهدف متوسط المدى يجب أن يكون في خلال ستة أشهر، كأن تعقد العزم على أن تحفظ ثلاثة أجزاء في تلك الفترة، أو أن تأخذ كورسات في مواد أو علم معين أو تعلم لغة مثلا، أو شيء من هذا القبيل.
والهدف بعيد المدى يجب أن يكون في خلال عام أو عامين أو ثلاثة أو أربعة كأن تتحصل على الشهادة الجامعية مثلا، أو الدكتوراه، ثم الزواج وإنشاء أسرة مسلمة طيبة، أو هكذا...
والإنسان يجب ألا يحكم على نفسه بمشاعره، ولا أفكاره، قد تكون مشاعره وأفكاره سلبية، وقد تكون سوداوية، لذا الحكم على أنفسنا يجب أن يكون من خلال الأعمال، الإنجاز، إلى أي مدى أنا نافع لنفسي ولغيري؟ ما الذي أريد أن أقوم به؟ ويجب أن يكون هنالك التزاما – أخي – ودائما ابدأ ببسم الله الرحمن الرحيم، وأعقد النية الصادقة، لأن النية هي العزم والإصرار، ومن خلالها يصل الإنسان إلى مبتغاه.
تقوى الله تعالى يجب أن تكون دائما على رأس الأمر، والحرص على طاعته وطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم. وعليك بالتوكل – أخي الكريم – وتأخذ بالأسباب وتضع الآليات التي توصلك إلى ما تتطلع إليه في حياتك.
تطوير نسيجك الاجتماعي، وأن تكون لك علاقات متميزة مع أشخاص من ذوي الهمم العالية، لا شك أن ذلك سوف يمثل دفعا نفسيا ومعنويا ومعرفيا إيجابيا بالنسبة لك.
ممارسة الرياضة، الرياضة – أخي الكريم – تزيل تماما الطاقات النفسية السلبية، وترفع من الهمة والمقدرات والتفكير الإيجابي، احرص على ذلك أخي الكريم. احرص على النوم الليلي المبكر، لأن فيه خير كثير، خلايا الدماغ تنشط ويتم ترميمها، ومن هنا يبدأ الإنسان صباحه بداية ممتازة.
ودائما ابدأ أن تجعل الصباح فاعلا، (بورك لأمتي في بكورها) ابدأ بصلاة الفجر، وابدأ إنجازاتك، واجعل الصلوات هي الأعمدة التي ترتكز عليها من خلال إدارة الوقت والإنجاز، بمعنى آخر: ما الذي تود أن تقوم به قبل الصلاة؟ ما الذي تود أن تقوم به بعد الصلاة؟ ما الذي يجب أن تفعله ما بين الصلوات؟ ... وهكذا. الذين انتهجوا هذا المنهج فلحوا ونجحوا وتفقوا، تجدهم في ساحات الحياة يعيشون بفعالية ونفع للناس ولأنفسهم، وانطلاقاتهم دائما إيجابية.
أخي الكريم: كما ذكرت لك أنت لست مريضا، لكن توجد ظواهر قد تكون مرتبطة بشخصيتك أو البناء النفسي لشخصك الكريم، اسعى لتطويرها. وأرجو أن تقرأ عن الذكاء العاطفي، الذكاء العاطفي أفضل من الذكاء الأكاديمي، لأن الذكاء العاطفي يتطور، الذكاء العاطفي يعلمنا كيف نعامل أنفسنا إيجابيا، وكيف نعامل الآخرين إيجابيا، وهذا مهم جدا.
أخي الكريم: اقرأ عن تنمية الذات، هنالك مؤلفات كثيرة جدا في هذا الخصوص، وإن شاء الله تعالى تجد فيها فائدة.
السبرالكس لا بأس به، سوف يساعدك، لكني لا أريد أن تعتقد أن العلاج الدوائي هو العلاج الذي سوف يغير فيك كل شيء، لا، التغيير يأتي من خلال ما ذكرته لك، والدواء يساعد، السبرالكس دواء رائع، تناوله بجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.
بارك الله فيك – أخي الكريم – ونحن سعداء جدا أنك تثق في استشارات الشبكة الإسلامية.