أشك في إيماني وعباداتي كثيراً، فهل المعاصي القديمة هي السبب؟

0 206

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهز

أنا شاب في العشرينات من عمري، لا أدخن، ولا أشرب، ولكن كنت أتحدث مع الفتيات هاتفيا عن الجنس، وأشاهد المقاطع الإباحية، وأمارس العادة السرية بشكل يومي تقريبا، ولا أصلي، فكنت أخاف من الزنا فأعتذر عن الذهاب ولقاء الفتيات، بأنني مشغول، أو أي عذر آخر، وكان يأتيني إحساس بالذنب بأنني سوف أفسد شرف الفتاة إن لمستها، رغم موافقتها.

مرت الأيام، وتعددت الفتيات، وكنت أرفض دائما، وأتعذر مهما كانت الفتاة قمة في الجمال والإغراء، بعد مده فتح لي أهلي موضوع الزواج، فبدأت أفكر وأقول: أليس من الأحسن أن تكون لي زوجة بالحلال، فأعجبتني الفكرة، وتركت الفتيات اللاتي أعرفهن، وبدأت أصلي، وتركت العادة السرية، ولكنني لم أوفق في الخطبة، فعدت لما كنت عليه في السابق لفترة قصيرة، ثم عدت للصلاة مرة أخرى لكي أردع نفسي، وتركت العادة السرية نهائيا، وأصبحت لا أعطي للفتيات أي فرصة، فواظبت على الفروض، وتلاوة القرآن وترتيله، وقيام الليل، والنوافل، مثل صلاة الضحى، وركعتي التوبة والحاجة والشروق، وأصبحت أتصدق، وأردد آيات من سورة البقرة باستمرار.

رغم ما أفعله أشعر بالتقصير، وأشك في إيماني، فهل يعقل أنني أبكي في الدعاء، وأتوسل لله، وأقوم الليل، وأنا غير مؤمن؟ أشك في كل ما أفعله، هل هو حرام أم حلال؟ حتى عندما أقوم الليل أحيانا أصلي ركعتين، وأوتر بالثالثة، وأقول: يجب علي ألا أتخاذل، وأكثر من الركعات، وأحيانا تفوتني صلاة المغرب وأنا في طريق العودة من العمل، وعندما أصل للبيت أتردد في أن أصليها بعد وصولي للبيت، أم أجمعها مع العشاء، وإذا قررت جمعها، أتهم نفسي بالتخاذل، مع أنني أحس أنها فاتتني، ولا يمكنني إلا أن أجمعها مع العشاء، فهل أنا غير مؤمن، أو أنني بسبب ما ارتكبت من معاص فلن يتقبل الله مني؟

أرغب في الاستمرار في الطاعات، ولكن الوسواس يقهرني، فما توجيهكم الحالتي؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:

ينبغي أن تتوب توبة نصوحا من كل ما كنت تفعله مع الفتيات، ومن ممارسة العادة السرية، ومن شروط التوبة النصوح الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فعلت، والعزم على ألا تعود مرة أخرى.

التائب من الذنب كمن لا ذنب له، شريطة أن تحسن توبته، ومهما كان ذنب العبد فالله يغفره لعبده، ويفرح بتوبته، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، ومن توفيق الله لك أنك عدت إلى الله، وحافظت على أداء الصلاة المفروضة، وبعض النوافل، والإحساس بالتقصير أمر طبيعي، فمهما فعل الإنسان من الطاعات، ولو لم يعص الله تعالى فإنه يجب أن يكون دائما يشعر بالتقصير في جنب الله، وخائف ألا يقبل منه، ولذلك قال الله تعالى: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلىٰ ربهم راجعون)، قال أهل التفسير: (والذين يجتهدون في أعمال الخير والبر، وقلوبهم خائفة ألا تقبل أعمالهم، وألا تنجيهم من عذاب ربهم إذا رجعوا إليه للحساب).

لقد أغواك الشيطان في المرحلة الماضية، فأوقعك في ذنوب كبيرة، ولما تبت إلى الله وتركت تلك الذنوب غضب غضبا شديدا، وها هو أتى إليك من أبواب أخرى يريد أن يخذلك عن فعل الطاعات، ويوسوس لك بالأفكار الخاطئة من أجل أن تترك، ومن ذلك تشكيكك في نفسك هل أنت مؤمن أم لا، وهل ما تفعله حلال أو حرام؟ فعليك أن تكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كلما أتاك بوساوسه، وسوف ينهزم ويخنس عنك، إن وجد فيك إصرارا وشجاعة وثباتا في مواجهته، وعدم الإصغاء إليه، والتحاور معه، فإن ضعفت أمامه ونال منك مطلوبه انتصر عليك.

امض على بركة الله في أداء الطاعات، وإن كانت قليلة، فأحب الأعمال إلى الله أدومها، وأن قلت كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-أد صلاة المغرب في أحد مساجد الطريق، أو أوقف سيارتك جانبا وافرش سجادتك وصل المغرب ثم واصل السير، وإن لم تتمكن من أداء صلاة المغرب في الطريق فصلها أول ما تصل إلى البيت، ولا تؤخرها حتى يدخل وقت العشاء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك، وتلا قوله تعالى: وأقم الصلاة لذكري)، وإن لم تصل إلا وقت أذان العشاء، أو قد أذن، فابدأ بصلاة المغرب منفردا، ثم صلاة العشاء مع الجماعة، ولا يشكك الشيطان في إيمانك، فأنت -إن شاء الله- مؤمن لأنك تؤدي الصلاة، وتخاف الله تعالى، لكن الشيطان لم يرض بتوبتك، فهو يريد أن يثنيك عن ذلك بكيده الضعيف، فلا تستلم له، وردد قائلا أنا مؤمن -إن شاء الله-، أنا مسلم.

الوسوسة هي غاية مقدور الشيطان، وهي من كيده، والله تعالى وصف كيده بأنه ضعيف فقال: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)، فأكثر من الحسنات، فإن الإكثار منها يذهب السيئات، كما قال تعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ۚ إن الحسنات يذهبن السيئات ۚ ذٰلك ذكرىٰ للذاكرين)، ووثق صلتك بالله تعالى، واجتهد في تقوية إيمانك، فإن الله وعد من فعل ذلك بالحياة الطيبة فقال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

نسعد كثيرا بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالاستقامة، وأن يذهب عنك الشيطان الرجيم، ويرزقك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات