أعيش في قلق وهم عند سماعي لهموم من يهمني أمرهم

0 164

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي القلق الدائم والتفكير المستمر على من حولي، فمثلا أخي حدثت له مشاكل، وتعرف على أصحاب سوء في فترة المراهقة أثرت على نفسيته، والحقيقة أنه تعداها، وأصبح شخصية متزنة، ولديه عمله، ولكن بعض الأشياء التي حدثت له بالماضي أثرت للآن على شخصيته، مثل: شرب الدخان، وما إلى ذلك، ولكن أفكر كثير ماذا لو ساعدناه قبل حدوث ذلك، ومنعنا ما حدث؟ فأحزن لذلك.

وعندما أرى بعض الانفلات الديني والخلقي من إخوتي الرجال أحزن كثيرا، وأحمل همهم رغم أنهم أكبر مني، وناجحون في أعمالهم وحياتهم، مع وجود هذه المشكلات، ولكن يوجد شعور في أنهم لو منعوهم والدي ما حدث ذلك في مراهقتهم، ولم يخطؤوا، ولم يصبحوا هكذا.

صديقتي ضعيفة الشخصية، وفي كل مرة تتشكي أرجع للمنزل وأنا أفكر فيها، وفي حل مشاكلها، ولا أستطيع أن أكمل يومي.

أحب والدي كثيرا، ومع مرور الزمن بدأ يكبر وتظهر عليه معالم الكبر، وبدأت أقلق من أن أفقده يوما لا قدر الله.

شخصيا أنا طالبة علم نفس، وتمر علينا بعض الحالات النفسية، مثل: حالات تعرضت للإساءة، أو الاغتصاب، ولا أستطيع نسيان تلك الحالات، وأحزن كثيرا لوضعها.

أعلم جيدا أن ما يحدث لإخوتي ليس خطئي، أو ما يحدث مع صديقتي، أو الحالات النفسية، ولكن أشعر بأنه من واجبي مساعدتهم على أن لا يخطئوا، أو إيجاد حل لمشكلتهم، وأشفق كثيرا عليهم.

أعلم أن مشكلتي غريبة، ولكني أصبحت متعبة كثيرا من التفكير بالآخرين، وخصوصا أنهم قريبون جدا مني ومن محيطي.

أرجو مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع .ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بعض القلق والهم الذي تشعرين به طبيعي وإيجابي، ففي الأثر: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، فهمك واهتمامك هذا مطلوب، وخاصة أنه متعلق بأقرب الناس إليك.

ولكن إن استمر هذا القلق بهذه الشدة، فهذا ليس لمصلحتك ومصلحة أحد، وستتعبين كثيرا من هذا القلق المبالغ فيه.

وعندما نقرأ في الحديث بأن: "لو تفتح عمل الشيطان"، فربما مثل هذه "اللو" تأتي هنا، فما حدث في الماضي قد حدث وانتهى... نعم يمكننا تعلم دروس للمستقبل، إلا أن الماضي قد أصبح تاريخا، ونسأل الله العافية والسلامة.

كم سررت عندما قرأت وسط سؤالك أنك طالبة في علم النفس، فقد كنت سأقول لك بأنه يمكنك تحويل همك واهتمامك إلى مهنة مساعدة الآخرين، كعلم النفس أو الإرشاد النفسي والأسري، فإذا بي أقرأ أنك كذلك.

كلنا ممن يعمل مع علاج مشاكل الناس وأغراضهم، وقضاياهم، لا بد له من أن يطور ما نسميه آليات الدفاع النفسية، والتي تعرفينها من دراستك لعلم النفس، وخاصة منها الآليات الناضجة المتطورة، لنحمي أنفسنا من تأثير ما نسمعه من مشاكل الناس وأحداثهم، وكما ذكرت كقصص الاعتداء والاغتصاب وما شابه ذلك، وإلا فإننا لن نستطيع أن نحافظ على صحتنا البدنية والنفسية، ولن نستطيع المتابعة في تقديم النصح والعلاج والاستشارات لكل هؤلاء الناس الذين يطرقون بابنا.

وسوف تلاحظين من خلال دراستك واستماعك لمشاكل الناس أنك بدأت بتطوير مثل هذه الآليات الدفاعية النفسية، بحيث أنك تتعاطفين ولكن لا تتأثرين كثيرا، أي تتفهمين وتشعرين بمشكلة المصاب وبحاجته للمساعدة، إلا أنك لا تتأثرين ولحد يمنع عنك النوم ويشعرك بالقلق الدائم.

ومما سيساعدك على تجاوز الحال الذي أنت عليه، هو فهمك لما ذكرته لك أعلاه، فهذا الفهم والاستيعاب، سيساعدك كثيرا على التخفيف من هذا القلق والهم.

ولا شك أن الاعتماد والتوكل على الله تعالى سيفيدك جدا، فلله حكمة فيما يجري في حياتنا، "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم".

وأدعوه تعالى أن ييسر لك أمرك، ويهدأ هذا القلق، ولتصبحي أخصائية نفسية تساعدينا في تقديم الاستشارات النفسية على هذا الموقع.

واسمحي لي أن أذكر لك كتابان من كتبي، الأول: "المدخل الميسر إلى علم النفس"، والثاني: "الاستشارات النفسية والتربوية عن بعد" وكلاهما وغيرها من كتبي متوفرة في مكتبات جرير في الخليج.

مواد ذات صلة

الاستشارات