السؤال
السلام عليكم.
لقد توفي أبي منذ 4 سنوات، وتزوجت منذ سنتين، وبعد مرور ما يقارب السنة أصبحت أخاف جدا على زوجي، وأشعر أنه سوف يموت ويتركني وحدي؛ لأنه طيب، وأشعر أن الله -عز وجل- يأخذ الطيبين فقط، وأن الفرح ليس من نصيبي؛ لأني دائما تواجهني المشاكل في الحياة.
وأشعر أن زوجي سيموت خلال سنتين أو أقل؛ لأنه أتانا عقد عمل بالخارج، وأشعر أننا لن نلحق بالسفر، وأيضا عندما نقابل أي شاب من أصدقائنا الطيبين مثله أشعر أنه زوجي المستقبلي، وهذا يضايقني كثيرا! لأني لا أريد شخصا آخر ولا أفكر في ذلك، لكني أخاف من أن أصبح أرملة، وأسمع دائما في رأسي صوت الله يرحمه بعد اسمه، أو عندما أرى صورته أشعر أنها صورة العزاء، وكأني أرى العزاء، والغريب أني لا أبكي بل أسرح وأخاف، لكن يوجد بعض التبلد.
وأصبحت أترجم أي آية دينية على أن الله يقول لي أنه سوف يأخذ زوجي، فأصبحت أتجنب قراءة أي شيء ديني، ولا أحب أن أسمع أن فلانا مات أو مرض؛ لأن هذا يتعبني كثيرا.
ما الحل؟ أيضا يهيأ لي أني أشعر بالأحداث قبل حدوثها، فما صحة هذا أيضا؟
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على التواصل معنا، ونسأل الله أن يصلح شأنك، وأما الجواب على ما سألت فيكون عبر الآتي:
اعلمي أن من أركان الإيمان الإيمان بالقضاء والقدر، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن المؤمن له حالتان في حياته حالة سراء ووجب عليه أن يشكر فيزيده الله من فضله، وحالة ضراء وواجب عليه أن يصبر ولا يجوز أن يسخط.
ثم اعلمي أن لديك مفاهيم خاطئة مثل قولك أن الله لا يأخذ إلا الطيبين، هذه نظرة خاطئة، فإنه إذا حان أجل الإنسان فإنه يموت سواء كان صالحا أو طالحا، والصالح إذا سار إلى الله فإن له عند الله خير من الدنيا وما فيها، والقول أن الله لا يأخذ إلا الطيبين هذا من ادعاء علم الغيب، وتقول على الله، والواقع لا يسند هذا الاعتقاد، وعليه لا تكرري هذه المقالة لا في تفكيرك ولا على لسانك.
الخوف الزائد من الأمور المستقبلية وأن زوجك سيموت وبعد سنتين أيضا كما ذكرتي، وأن عقد العمل سيفشل، وأنك ستكونين أرملة، هذه التخوفات والهواجس مبنية على نظرة تشاؤمية سيئة، والمرأة المؤمنة لا بد أن يكون لديها تفاؤل، وتحسن الظن بالله تعالى، وتتوكل عليه، وتتوقع دائما الأحسن والأفضل والأجمل.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4315.
فعليك ترديد الكلمة الطيبة تقوليها في نفسك بأن حياتك إلى خير، وأن أمورك في تيسير مستمر -بإذن الله تعالى- عودي لسانك على الكلمة الطيبة، وفي المقابل تتركين التشاؤم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "لا عدوى ولا طيرة. ويعجبني الفأل: الكلمة الحسنة، والكلمة الطيبة" رواه مسلم برقم 2224.
واعلمي أيضا أن الاستمرار في النظرة التشأومية قادتك إلى أن تحولي الأمر إلى وسواس، وأصبح كل شيء من حولك يقودك إلى الشر والحزن وتوقع الأسوأ.
ولذلك عليك باتباع الآتي:
* تقوية الإيمان بالقضاء والقدر.
* المحافظة على الصلاة والأذكار.
* لا تفكري أبدا بما تأتي لك من أفكار سلبية، وإذا جاءتك فاقطعي التفكير فيها، واستعيذي بالله من شرها.
* أكثري من الدعاء لله تعالى أن يصرف عنك ما تجدين من خوف وهواجس.
* ولا بأس أن تقرئي كثيرا الفاتحة وسورة البقرة وآية الكرسي والمعوذات، وبإذن الله تعالى سيذهب عنك ما تجدينه.
وفقك الله لمرضاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور مراد القدسي (مستشار العلاقات الأسرية والتربوية )
وتليها إجابة الدكتور عبد العزيز أحمد عمر (استشاري الطب النفسي وطب الإدمان)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخت الكريمة: عند وفاة شخص عزيز لدينا أو قريب منا من الطبيعي أن يحدث حزن على هذا الشخص ويستمر لفترة من الوقت وننسى بعد ذلك، ولكن استمرار الحزن لفترة أو حدوث أعراض قلق أو اكتئاب أو وساوس بعد هذه الوفاة يكون شيئا غير طبيعي، لا أدري هل أصابك أي شيء من هذا بعد وفاة والدك أم حزنت عليه حزنا طبيعيا؟ هذا الموضوع؛ لأنه قد يكون له علاقة ما بالذي حدث الآن معك بعد أن تزوجت، إذا كان قد حصل لك حزن غير طبيعي واكتئاب وقلق بعد وفاة الوالد فهذا بالتالي انتقل بعد زواجك؛ لأن هنا دلالة رمزية فالزوج بمثابة الأب، فبعد الزواج حصل لك إيقاظ مشاعر الحزن التي حصلت بعد وفاة والدك، قد يكون هذا تفسير، أما التفسير الآخر قد يكون ليس له علاقة بين وفاة والدك وبين ما حصل لك بعد الزواج.
والآن الذي تعانين منه ما هي إلا وساوس، وساوس تأخذ أشكالا عدة في الشكل خوف شديد من وفاة الزوج، وتخيله أنه كما ذكرت أنه توفى ومات، هذه -يا أختي الكريمة- وساوس ويمكن علاجها بالعلاج النفسي أو ما يسمى وقف التفكير، ليس في إمكانك مقاومة هذه الوساوس أو الوقوف ضدها، ولكن في إمكانك التفكير في شيء آخر، كلما تأتي هذه الأفكار لك فكري في شيء آخر في أشياء جميلة حصلت معك، في مواقف قضيتها مع زوجك، في رحلة قضيتها، في إجازة سافرت إليها، التفكير في الأشياء الجميلة يحل محل هذه الوساوس هذا من ناحية، من ناحية أخرى كلما بدأت التفكير في هذه الأشياء ما عليك إلا أن تصرخي بصوت في داخلك قف، قف، قف ثلاث مرات، وإذا لم تفلح كل هذه المحاولات في التغلب على هذه الأفكار واستمرت فما عليك إلا اللجوء إلى معالج نفسي -يا أختي الكريمة- ليساعدك من خلال مهارات معينة للتخلص والتحكم في هذه الأفكار الوسواسية.
وفقك الله وسدد خطاك.