السؤال
السلام عليكم..
في البداية أشكركم على مجهودكم، جعله الله في ميزان حسناتكم.
الموضوع بدأ منذ الدراسة الجامعية بأحاسيس غريبة، وشعور بعدم الثقة وبالدونية، وحب للعزلة، وتجنب الاجتماعات البشرية، وبعد بحث طويل علمت مسمى ما أعاني منه وهو (الرهاب الاجتماعي والاكتئاب) وبعد بحث طويل في الموضوع قررت أن أعالج نفسي بنفسي، وبدأت بتناول الفافرين بالتدريج، وحتى الآن بجرعة 100 جرام يوميا حبة قبل النوم، وأضفت إليها علاجا سلوكيا، وقراءة واستماعا في التنمية البشرية، ولا أخفيك سرا حياتي وشخصيتي تغيرت مليونا في المائة إلى الأفضل، وأصبحت شخصا اجتماعيا مرحا ناجحا في عملي وزواجي على مدار التسع سنوات.
المشكلة أنني خلال التسع سنوات وأنا أتناول الفافرين بجرعة100 حبة يوميا، وكثيرا ما أتعمد نسيانها، وأحيانا أوقفها بالشهور وأعود إليها مرة أخرى.
أحيانا ينتابني القلق واكتئاب متوسط ورهاب بسيط، لا أعلم هل أستمر على الفافرين وبنفس الجرعة أم أزيدها، أم أوقفها، أم أستبدلها بعلاج آخر يؤخذ عند الشعور بالأعراض فقط؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي: الفافرين عقار جيد، وبالرغم من أنه ليس الدواء المثالي لعلاج الرهاب الاجتماعي، لكنك بفضل الله تعالى استفدت منه كثيرا، وأما من ناحية علاجه للاكتئاب فهو يعتبر دواء جيدا.
وأعتقد أن ما تعلمته من آليات سلوكية واطلاع حول التنمية البشرية قد ساعدك كثيرا، وأعتقد أن التركيز على هذه البرامج سيكون أمرا مهما وأساسيا؛ لأن العلاج السلوكي يمنع الانتكاسة، الدواء قد يساعد الإنسان كثيرا، لكن بعد التوقف منه ربما يصاب الإنسان بالانتكاسة.
فيا أخي الكريم: احرص على هذه الآليات السلوكية، وأنت قطعا مقدم -إن شاء الله تعالى- على النضوج النفسي، فأدخل على حياتك إدخالات إيجابية جديدة: تنظيم الوقت، العلاقات الاجتماعية الممتازة، تطوير الذات، تطوير المهارات، أن يكون الإنسان نافعا لنفسه ولغيره، ... كل هذا يهزم الاكتئاب والقلق وكذلك الرهاب، فكن حريصا على ذلك.
ومن تجاربنا وملاحظاتنا: اتضح أن الصلاة مع الجماعة في المسجد لها دور عظيم في هزيمة الرهاب الاجتماعي، وشعور النفس بالطمأنينة، فاسع نحو ذلك، وإن استطعت أيضا أن تمارس أي رياضة جماعية مثل كرة القدم مثلا أو الجري مع مجموعة من الزملاء، أو المشي، أو أي شيء من هذا القبيل سوف يساعدك كثيرا، فقو هذه الآليات.
بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك: إن الفافرين جيد جدا، أنت الآن على جرعة مائة مليجرام، أريدك أن ترفعها، اجعلها مائة وخمسين مليجراما لمدة أسبوعين، ثم اجعلها مائتي مليجرام يوميا، يمكنك أن تتناولها مع بعضها البعض، أو حبة في الصباح وحبة في المساء، استمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر.
الهدف من ذلك –أخي الكريم– هو أن تبني قاعدة علاجية كيميائية صلبة، جرعة الفافرين يمكن أن تكون حتى ثلاثمائة مليجرام، جرعة المائة مليجرام هي جرعة وقائية، وجرعة المائتي مليجرام هي الجرعة العلاجية الوسطية، أعتقد أنك تحتاج لمثل هذه الجرعة.
بعد انقضاء الأربعة الأشهر خفض الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراما لمدة شهرين، ثم بعد ذلك اجعلها مائة مليجرام يوميا، ولا مانع أن تستمر عليها لأي مدة، فالدواء سليم، والحمد لله تعالى فاعل، والجرعة صغيرة، هذا هو الذي أنصحك به.
أما إذا أردت دواء تستعمله عند اللزوم فقد يكون عقار (دوجماتيل/سلبرايد) جيد، لكنه قطعا ليس بنفس فعالية الفافرين، والدوجماتيل يمكن أن تكون جرعته خمسين مليجراما صباحا ومساء مثلا لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله، لكن أفضل الاستمرارية على عقار الفافرين بالكيفية التي تحدثنا عنها، وفي ذات الوقت تدعيم آلياتك العلاجية.
وإيجابياتك كثيرة –أخي الكريم– هذا النجاح الممتاز في مجال العمل، وفي حياتك الزوجية، يجب أن تضعه دائما نصب عينيك للمزيد من النجاحات والتوفيق والسداد بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.