السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله بكم على هذا الموقع المفيد.
أنا شاب عمري 16 سنة، متفوق في دراستي, كنت ملتزما، ولكنني تركت الصلاة قبل فترة، وأحاول التوبة، لكني أعاني من اضطرابات فكرية في عقلي، وكلها مشوشة وغير واضحة، أشعر أني غريب أحيانا، ولا أستطيع أن أتخذ قرارا.
أفكر كثيرا في نظرة الناس إلي، وانطباعهم عني، أحيانا أتجنب المواجهة الصفية والإذاعة المدرسية، وأشعر أني مصاب بالرهاب الاجتماعي.
أعاني من الوسواس القهري، حيث لدي شكوك كثيرة حول الأمور، ولا أتقبلها إلا بالأدلة، وأنا حساس جدا، أتأثر من أية كلمة، وأشعر بالتعاسة حين أفكر بما يقال عني من أشخاص معينين، وأسعى إلى الكمال، أريد أن أكون قويا ووسيما ومتميزا ومشهورا تتهافت عليه الفتيات.
واقعي مختلف عن الأماني التي أتمناها، لذا أشعر بالتعاسة، فأنا أتعرض لمضايقات في المدرسة تشعرني بضعف شخصيتي، وعدم وصولي لبناء الشخصية القوية، وأفكر كيف أخبر أبنائي في المستقبل عن ضعفي، ولا أرضى بقدر الله تعالى، وأفكاري سلبية، أتخيل أني أرتكب جرائم قتل، وأتخيل أني سأفقد أقاربي كأبي وإخوتي في يوم من الأيام بالموت، وأبدأ حينها بالبكاء لهذه التخيلات، كما أني أخاف من المستقبل.
مشكلتي الأساسية عدم تقبلي أني مريض نفسي، لأني كنت شخصا طبيعيا، وكان تفكيري سليما، فهل أنا طبيعي؟
أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك لك التواصل مع إسلام ويب.
لا شك أنك في مرحلة التكوين النفسي والوجداني والجسدي والهرموني، وهذه الفترة أو المرحلة قد تكون مصحوبة بتغيرات نفسية كثيرة، من أهم هذه التغيرات هو أن يعاني الإنسان من القلق والوسوسة وتضارب الأفكار وتطايرها، وعدم التأكد من الذات، هذا هو الذي تعاني منه، وذلك بجانب المخاوف، أنا أراها أنها مجرد مرحلة، و-إن شاء الله تعالى- بتجاهل هذه الأعراض والبحث عن بدائل ممتازة مثل الاجتهاد في الدراسة، وممارسة الرياضة، وأن تكون بارا بوالديك، وأن تكون لك صداقات ممتازة، هذه -إن شاء الله- تعيدك إلى الطمأنينة والأمان.
وآلمني كثيرا أنك قد تركت الصلاة، هذا أمر جلل، هذا أمر خطير جدا، ابحث عن الوسائل التي من خلالها تطمئن نفسك، والصلاة والذكر هي من عوامل الاطمئنان ولا شك في ذلك، أرجو أن ترجع لصلاتك من هذه اللحظة، وأن تصلي مع الجماعة، وأن تطلع على الفقه من مصادره الصحيحة، لا تحرم نفسك من هذه النعمة العظيمة، واسأل الله أن يثبت قلبك، وأن يربط عليه، وأن يصرفه إلى طاعته ورضاه، وأن يجعلك من المتميزين.
هذه هي الوسائل العلاجية المهمة في هذه المرحلة بالنسبة لك، وأريد أن تكون لك أهداف، وأهم أهداف في هذه المرحلة هي أن تلتزم بدينك، وأن تلتزم بالتحصيل العلمي حتى تكون من المتميزين، تصور نفسك بعد سبع أو ثماني سنوات من الآن، من أي الجامعات قد تخرجت؟ ما هي الدرجة التي تحصلت عليها؟ ما هو العمل الذي تريد أن تمارسه وتتجه نحوه؟ السعي حول الدراسات العليا، اكتساب مهارات علمية ووظيفية، وهكذا.
اجعل حياتك على هذا النمط، هذا كله يزيح هذه الوساوس وهذا القلق وهذا التوتر الذي أنت فيه.
قطعا أنت شخص طبيعي وطبيعي جدا، وهذه الأفكار التي تأتيك لا أقول لك أنها أفكار شاذة، لكنها مزعجة، وقد لا تكون هي الأفكار التي تريدها ويريدها أي شاب في حياته، لكنها تحدث، وأنا لا أعتبرها مرضية إذا قاومتها وطردتها وتجاهلتها واستبدلتها وطبقت السلوكيات الإيجابية التي تحدثنا عنها، هنا سوف تحس أنك بالفعل شخص طبيعي، وسوف تكون عندك المقدرة أن تطور نفسك، وتفهم نفسك، وتقبل نفسك، وهذا مهم جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.