كيف أتخلص من الفتور وأقبل على العلم والعبادة دون ملل؟

0 236

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة جامعية في السنة الثانية، لدي عدة مشاكل رغم توافر أغلب المقومات والنعم الكثيرة التي حباني الله بها.

أولا: أريد أن أمضي في طريقي إلى الله، لكنني بعد يوم أو يومين أتشتت، سمعت وقرأت عددا لا بأس به من الدروس والعلم، وأخطط لتنفيذ الواجبات العملية، وحينما تشغلني الظروف، ولا تسمح لي أن أبدأ أنسى الأمر وأتجاهله، أريد أن أسير في طريقي إلى الله، أتعبني الفتور والبعد عن الله، أحتاج إلى خطوات عملية محددة وأولية، سمعت عدة خطوات عملية، ولكن وقت الدراسة لا يكفي، فما هو الأولى والأفضل، وما هو زاد الطريق؟

ثانيا: معاصي القلب أكثر أمر يواجهني الآن، وهو حب الظهور، ففي كثير من الأحيان تراودني هواجس إثبات نفسي أمام الناس والطلاب، وأنا لا أريد أن أكون كذلك -يا شيخي-، بل أتمنى أن أكون كفقراء المهاجرين الذين تحدث عنهم رسولنا الكريم، أتمنى أن أكون شخصا غير ظاهر، كالأشخاص الذين لا يكاد يعرفهم أحد، وأن يكون جل همومي الله، لا أريد التفكير في الناس، مشكلتي أنني أشعر بالسعادة عند سماع المديح، ويتأثر قلبي به، ولو أنجزت الامتحان، شيء في قلبي ينسب الفضل لنفسي، أحاول كبح ذلك الشعور بالتسبيح وتذكر النعم.

مؤخرا أصبحت لا أركز في الصلاة كثيرا، بسبب التفكير في الدنيا أو أي شيء آخر، وكلما واجهت مشكلة أبحث في الإنترنت، وفي موقعكم خاصة -جزاكم الله خيرا- عن الحل، لكنني مللت الوضع، فلا شيء يتغير، ما عدت اقرأ الحلول بتمعن كما في السابق، اقرأ الحل بشكل سريع وأصور الإجابة لكي أتذكرها فقط، مللت حالي مع الفتور والبعد عن الله، بدأت أشعر بأنني سمعت الكثير ولم يتغير أي شيء، علما أنني في اللحظة التي أستمع فيها للدروس والعلم أشعر بأن الشيخ يتكلم عن حالي، أسعد كثيرا وأنوي التغير، لكنني كما ذكرت سابقا إما أنني أتكاسل ولا أنفذ، أو أنسى وأقضي الوقت في أي شيء آخر.

أرجو الرد في أسرع وقت متاح، تعبت من نفسي التي لا تتغير، أفكر بأنني حينما سأسمع أمرا ما يشبه حالتي ويشبهني، خاصة بما يتعلق بالذنوب الباطنية، فإنني سوف ألتزم به ليلا، وأتناساه عند الصباح ولا يسعني الوقت لتنفيذه، فلن يدوم مفعول ما سمعت سوى يوم أو يومين، وبعدها أعود لتمضية الأيام وكأنني لا أحاسب عليها على الرغم من أنني أخشى الوقت كثيرا.

أعتذر وبشدة عن الإطالة، وأتمنى الوصول إلى حل مناسب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حسنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك مع موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله أن يصلح شأنك، ومن خلال ما ذكرت فأنت على خير عظيم، وتملكي نفسا قابلة للخير والرقي في سلم المعالي.

أما ما سألت عنه حول الفتور وعدم الاستمرار في تحقيق واجباتك ومهامك كما ينبغي: فمما نرشدك عليه حتى تكوني جادة نشيطة: عليك بداية أن تحددي أهدافك فيما ترغبين فيه، وتكمن الأهداف في المحافظة على الطاعات، وكذلك الاستمرار في الجد في دراستك، وطاعة الوالدين، وعليك بحسن التخطيط لما تريدينه، مع تحديد المدة الزمنية في أمور حياتك، فتحديد الأهداف، وحسن التخطيط في الوصول لها، كل هذه السبل لها دورها الناجع في بث الحماس وتقوية العزيمة.

وأنصحك أن تحافظي على الصلاة في أوقاتها، فهي خير معين للإنسان، ولو حصل فتور في بعض النوافل، فهذا شيء طبيعي، ولكن لا يجوز التفريط في الواجبات، قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة ۚ وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}، [سورة البقرة آية ٤٥].

وعليك أيضا أن تكثري من الذكر والاستغفار، فقد أرشد نبي الله هود -عليه السلام- قومه فقال: {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلىٰ قوتكم ولا تتولوا مجرمين}، [سورة هود آية ٥٢]، فالأبدان تضعف بالمعاصي، وتقوى بالتوبة والاستغفار.

وأنصحك أن تكثري من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله)، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله فيقال له: حسبك قد هديت وكفيت ووقيت فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟)، رواه أبو داود، والشاهد في الحديث بأن من قال (لا حول ولا قوة إلا بالله) كفاه الله ما أهمه، وأعطي القوة في إنجاز ما يريد.

كما أن عليك أن تكثري من الاستعاذة بالله من العجز والكسل، فقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال)، رواه البخاري.

وأنصحك أيضا أن تكثري من الدعاء والتضرع إلى الله في تحقيق ما تريدين من خيري الدنيا والآخرة.

كما ينبغي أن لا تستسلمي لما آلت إليه نفسك من الكسل والدعة؛ لأن هذا لا يليق بفتاة متدينة يعول عليها في أن تكون صالحة ومصلحة في أمة الإسلام، فالأمة بحاجة إلى جهد فتياتها الصالحات حتى تعود أمتنا عزيزة ممكنة في الأرض.

كما يمكن أن تعلمي أن مما يبعث الحماس، بأن تحذري من عواقب الكسل وضعف الهمة، لأنها تؤدي بالإنسان إلى البطالة والعبث وضياع العمر سدى، والإنسان محاسب على عمره يوم القيامة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه وعن علمه ما فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه)، رواه الترمذي.

أما مسألة الظهور الذي لا تحبينه: فهذا أمر فيه تفصيل، الأصل في المرأة المسلمة أن لا تحرص على طلب الظهور، ولا حب المدح والثناء من الناس؛ لأن هذا من الرياء، لكن إذا تميزت بشيء، وأظهر تميزها وأثنى عليها الآخرون دون حرص منها فهذا ليس فيه شيء، وليس من الرياء، ولا من حب الظهور، فقد جاء في الحديث قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن)، وفي رواية: (ويحبه الناس عليه) وفي رواية: (ويحمده الناس)، رواه مسلم.

أما مسألة الذنوب الباطنة من الرياء والكبر والعجب وغيرها: فالذي ننصحك به عليك أن تقرئي كثيرا في الكتب التي تتهم بإصلاح القلوب، حتى تعرفي أهمية صلاح القلب، وكيف يكون، ثم قومي بحصر ما تجدينه في نفسك من الذنوب الباطنة، وتبدئين بالخلاص منها بشكل متدرج ومتوازن، وعليك أيضا للخلاص من هذه الذنوب بكثرة الدعاء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى: أن يجدد الإيمان في قلوبكم)، رواه الحاكم وصححه الألباني.

وفي الحديث: (كان أكثر دعائه -صلى الله عليه وسلم- يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، فقيل له في ذلك؟ قال: (إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ)، رواه الترمذي.

كان الله في عونك.

مواد ذات صلة

الاستشارات