معاناة نفسية وتفكير في الانتحار!

0 126

السؤال

السلام عليكم.

أريد اليوم أن أطلعكم على بعض من معاناتي النفسية التي أعيشها وأتجرع مرارتها كل يوم، أنا مصاب بالاكتئاب والقلق واضطرابات نفسية أخرى، الله أعلم بها، قصتي أني كنت أعاني كثيرا لمدة سنوات، وكنت أعاني من اكتئاب وخجل شديد، واضطراب نفسي، وكانت عندي أفكار نحو ذاتي تتسم بالكره وعدم تقبل نفسي، وانعدام للثقة بالنفس.

كنت ولا زلت أفكر في الانتحار، وكل يوم أستيقظ فيه إلا والفكرة راسخة، وأفكر جديا في تطبيق الفعل، أنا كنت شابا ملتزما، لكن اليوم أصبحت شابا مضطربا فكريا ونفسيا، حتى أني تركت الصلاة، تركت كل شيء مرتبط بالدين، لكن –أحبتي- مشكلتي أكثر من ذلك، فأنا دائما ألوم نفسي وأحتقرها، وأحس أني إنسان فاشل في كل شيء، وفشلت عن دراستي الجامعية، ولا أستطيع المتابعة بسبب قلة التركيز، وتشتت الفكر، والضغط النفسي الرهيب.

تزداد الأمور تعقيدا عندما أرى شبابا في سني قد بنوا مستقبلهم، بينما أنا ليس لي في هذه الحياة سوى المعاناة والألم النفسي الذي أتجرع مرارته كل يوم.

الانتحار فكرة قد أطبقها وأرتكبها في أي لحظة، لأني سئمت الحياة، وسئمت البقاء على هذا الوضع، وأصبحت منفصلا عن ذاتي، وأحس كأن شيئا ما بداخلي، يدفعني لقتل نفسي!

حتى الإمكانيات لا تسمح لي بمتابعة طبيب نفسي، خاصة وأني شاب عاطل عن العمل، هذه القصة أحبتي كتبتها لكم لكي أنظر إلى نصائحكم وإرشاداتكم لعلي أجد فيها حلا.

أعاني من عدة أمور وصلت إلى اكتئاب حاد، وأخشى على نفسي وعلى العار والحسرة التي سأخلفها لأهلي إذا ارتكبت فعل الانتحار، وخاصة أمي التي تعاني السكري.

علما أن أهلي لا يعلمون بحالتي، ولكن يحسون ويدركون أني لست سويا، وقد لاحظوا ذلك على ملامحي، وجسدي الذي أصبح عبارة عن هيكل عظمي نتيجة قلة الأكل.

أتمنى –أحبتي- ألا أكون أزعجتكم بهذه الكلمات، لكن فضلت أن أبوح بها لكم، فثقتي فيكم كبيرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، لا شك أن التفكير في الانتحار أمر مؤسف جدا، ومن خلال ممارستنا للطب النفسي لسنوات طويلة نسمع هذا يوميا ونشاهده.

أيها الفاضل الكريم: الإنسان حين تأتيه هذه الأفكار الشريرة يجب أن يتيقن أنه لا يمكن أن يحل مشكلة بمشكلة أسوأ منها، والأمر الآخر -كما تفضلت- كم من حسرة سوف تصيب الأهل والأصدقاء والأحباب! وفوق ذلك كله المآل العجيب والمآل الرهيب الذي يلاقيه المنتحر يوم القيامة، والله بذلك أعلم.

أخي الفاضل، ما أجمل أن تتشبث بالآية الكريمة، (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) مهما ضاقت الدنيا في نظرك فأنت أفضل مما تتصور، وأنت أفضل من أناس كثيرين، والفرج يأتي أيها الفاضل الكريم.

أنا أعرف أنني من خلال هذه الكلمات لا يمكن أن أغير فكرك، لكنني وددت أن أذكرك بأن الأمل والرجاء دائما موجود، وأن المنتحر هو الذي يخسر ويخسر كل شيء، فراجع نفسك في هذا السياق، وابدأ بدايات متفائلة لتدخل من بوابة الحياة مرة أخرى.

ابحث عن عمل -أيها الأخ الكريم- حتى وإن كان عملا بسيطا، ابن علاقات وصداقات مع من تعرف، أي أن تقوم بإحياء علاقتك الاجتماعية، لأن النسيج الاجتماعي مهم، والإنسان الذي له نسيج اجتماعي يستطيع أن يحس بطعم الحياة الجميل، والإنسان يجب أن يسعى دائما أن يحب وأن يحب، تحب أي شيء -أيها الفاضل الكريم- تحب دينك، تحب والديك، تحب زوجتك، تحب العلم، هذا كله متاح، والإنسان الذي يحب لابد أن يحب من قبل الآخرين، وهذه قيمة عظيمة جدا في الحياة.

أخي الفاضل، أريدك أيضا أن تلتفت لحياتك البيولوجية والاجتماعية، حياتك البيولوجية أعني ما يتعلق بنومك بشربك بأكلك كل هذا مهم جدا، اسع للنوم الليلي المبكر، لأنه يؤدي إلى ترميم عظيم في خلايا الدماغ.

مارس الرياضة، فالرياضة هي من أفضل مضادات الاكتئاب، ويا أيها الفاضل الكريم يجب أن تغلق الباب أمام الشيطان، لا تتركه يتلاعب بك ارجعك لصلاتك تواصل مع إمام مسجدك، وكن في صحبة الصالحين هذه أشياء متاحة.

التغير لا بد أن يأتي منك أنت، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وأريدك أن يكون لك أنشطة على مستوى العائلة، والدتك التي تعاني من مرض السكري حاول دائما أن تذهب أنت معها للطبيب هذا إنجاز لا تعتبره سهلا أبدا، وفيه كثير من البر لها، اطرح بعض الأفكار داخل أسرتك لا تكن شخصا مهمشا، كن شخصا فاعلا في داخل الأسرة.

أيها الفاضل الكريم، ممكن أن تتناول أحد محسنات المزاج وهي كثيرة جدا، عقار مثل بروزاك قد يكون جيد أو الزيروكسات مثلا قد يكون جيدا، فتناول أي من هذه الأدوية لفترة معقولة، وإن لم تستطع أن تتواصل مع الطبيب النفسي تواصل مع الطبيب العمومي، هذه الأدوية معروفة تماما لكل الأطباء.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات