السؤال
السلام عليكم..
أبلغ من العمر ٢٨ عاما، منذ عام ٢٠٠٧ أصبت باختلال الأنية والكثير من الأعراض، حيث كنت أعاني منذ الصغر من الخوف الاجتماعي والقلق والوساوس، ولا زلت أستخدم معظم الأدوية ولكن بدون جدوى، فمنذ ٦ أشهر تقريبا وأنا أستخدم البروزاك ٤ حبات، وفالوكسان حبتين، وريسبال نصف حبة ١ملغم، وبفضل الله تعالى تحسنت كثيرا، وذهبت الكثير من الأعراض الجسدية والنفسية، وحتى اختلال الأنية خفت عما قبل، وأنا مستمر على العلاج الدوائي، وأضفت إليه العلاج السلوكي، ولكن عندي بعض الاستفسارات، لأني أثق بكم وأثق بالدكتور/ محمد عبد العليم بما أمده الله من علم، فأنا من أشد المعجبين به، فأنا الآن أعاني من بعض الأعراض، وأود أن أستفسر عنها:
- اختلال الأنية يحدث معي ولا زال مع أنه خف عن قبل.
- دائما أشد على أعصابي وأسناني ومتوتر بدون سبب، وبسبب ذلك تأتيني الكثير من الوساوس القهرية، حيث أصبحت أدخن كثيرا مع أني غير مقتنع به، وأنا والحمد لله شاب ملتزم، ولكن أشعر أن التدخين يزيد الحالة، لكني وبفضل الله قررت من بداية السنة بالتوقف عنه.
- أيضا أعاني من أمر يزعجني كثيرا، وهو أني أنسى كل شيء، فأنا لا أتذكر الأحداث الجديدة إلا إذا ذكرني بها أحد، مع أني أتذكر الماضي بشكل جيد جدا، وهذا مؤثر على عملي، حيث أن عملي يتطلب التركيز والانتباه وسرعة البديهة.
- وأعاني أيضا من الرؤية الضبابية، حيث أصبحت أستعمل النظارات، لكني متأكد تماما أنها ليست علة طبية، إنما هي نفسية، وأعتقد أنها من آثار اختلال الأنية، فأريد منكم أن تعطوني انطباعاتكم عن هذه الأعراض، وهل ستزول؟
وكيف أسترجع الذاكرة؟ وكيف أتخلص من اختلال الأنية بشكل نهائي؟ وكيف أتخلص من الأعراض التي ذكرتها؟
وللعلم: فأنا مستمر على العلاج الدوائي والعلاج السلوكي، وإلى متى يجب أن أستمر على الدواء؟ لأنه باهظ الثمن، وأدفع جزءا كبيرا من راتبي للدواء، وكيف أتخلص من كثرة التثاؤب وسرعة دقات القلب والبرود الجنسي؟ فأنا لا أحس بشيء مع أني غير متزوج، فهي تزعجني كثيرا، حيث أنني إذا أردت أن أقوم بأي عمل أتثاءب وأشعر بالنعاس والإرهاق وأذهب إلى النوم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ a k s حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الأخ الكريم: اختلال الأنية هو إحساس الإنسان بالغربة في داخله، أو عدم الإحساس بمشاعره، أو ينظر لنفسه كأنه شخص غريب منها، والأشياء من حوله أيضا قد تغيرت.
قد يكون اختلال الأنية عرض من أعراض القلق النفسي، وقد يكون اضطربا في حد ذاته، ويسمى (اضطراب الأنية).
إذا كان الاختلال اضطرابا أنية فلا يكون مصحوبا بأي أعراض أخرى، يكون اختلال الأنية هو العرض المسيطر على الشخص، ولا تكون معه أي أعراض قلق أخرى. وإذا كانت هناك أعراض قلق أخرى يكون اختلال الأنية جزء من أعراض القلق النفسي، وهذا ما يحدث معك -يا أخي الكريم-. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: البروزاك فعال ضد الاكتئاب والوسواس، وغير فعال في الخوف الاجتماعي والقلق والتوتر.
الفالدوكسان أيضا دواء للاكتئاب، وقد يكون مفيدا للقلق، أما الرسبال فهو مضاد للذهان، وبجرعة صغيرة قد يكون مفيدا للوسواس القهري الاضطراري الذي لم يستجب لأدوية الـ (SSRIS).
الشيء الآخر: لا أحبذ أنا شخصيا وصف أكثر من دواء، وأحبذ دائما أن يتعاطى الشخص دواء واحدا بأقصى جرعة وللوقت الكافي، وأحيانا قد يضطر الشخص إلى إضافة دواء آخر إذا كان هناك تحسنا جزئيا بتناول دواء واحد، وبأقصى جرعة ممكنة، ولكن مشكلة الأدوية الكثيرة التي تعطى في نفس الوقت أنك في النهاية لا تعرف ما هو الدواء الذي تمت الاستجابة له، وأيضا الشخص يكون عرضة للآثار الجانبية ولا تعرف من أي دواء كانت هذه الآثار الجانبية، وأيضا قد يكون هنالك تفاعلا مع هذه الأدوية مع بعضها البعض.
على أي حال: واضح أنك ما زلت تعاني من بعض الأعراض -بقايا الأعراض النفسية- وإن تحسنت شيئا ما، وظهرت عليك بعض الآثار الجانبية من الأدوية.
كثرة التثاؤب، والبرود الجنسي قد يكون له علاقة بالأدوية التي تتعاطاها.
أما موضوع مشكلة التركيز وفقدان الذاكرة للأشياء القريبة: فهذا يأتي من القلق والتوتر، فالشخص عندما يكون قلقا ومتوترا، أو يعاني من وساوس يؤثر على الانتباه والتركيز، وينعكس ذلك على الذاكرة القريبة، لأن مكونات الذاكرة هي: التسجيل - تسجيل المعلومة -، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الشخص منتبها، ثم تخزين المعلومة، ثم استدعائها.
فالتسجيل يعتمد على التركيز والانتباه، والقلق والتوتر النفسي يؤثر على التركيز والانتباه، ومن ثم يشعر الشخص بأنه لا يستطيع أن يتذكر أو عنده فقدان للذاكرة.
لابد من علاج بقايا القلق والتوتر والوسواس الذي عندك حتى تتحسن ذاكرتك، وأرى أن تراجع طبيبا نفسيا آخر ليقوم بمراجعة هذه الأدوية التي تتعاطاها، ويسحب ما يراه من أدوية غير مفيدة، ويعطيك دواء آخر، أو يركز على دواء معين، ولابد من العلاج النفسي، العلاج النفسي مع العلاج الدوائي، وقد ذكرت أنك مارست علاجا نفسيا سلوكيا معرفيا، ولكنك قد تحتاج علاج بالاسترخاء، لإزالة التوتر الذي تعاني منه.
العلاج السلوكي المعرفي قد يكون مفيدا في الوسواس القهري، لكنه غير فعال للقلق والتوتر، القلق والتوتر يحتاج إلى علاج بالاسترخاء والطمأنينة، وهناك أشياء معينة يمكن فعلها تساعدك في الاسترخاء، مثل الرياضة - خاصة رياضة المشي - أو عمل تمارين رياضية معينة تمارس في البيت، أو هوايات حركية، ولا تنسى -يا أخي الكريم- قبل ذلك الالتزام بالصلاة والدعاء والذكر وقراءة القرآن، حيث هذه الأمور تطمئن القلوب، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
وللفائدة راجع: العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 262031 - 265121)، والعلاج السلوكي للقلق: (261371 - 264992 - 265121)، وعلاج التشتت وعدم التركيز سلوكيا : (226145 - 264551 - 2113978).
وفقك الله وسدد خطاك.