السؤال
السلام عليكم
أنا شاب عشريني، بدأت قصتي بأني كنت أحلم أن أدرس تخصصا معينا يحتاج لدرجة عالية بامتحان الثانوية ولم أحصل عليه، مع العلم أني كنت متفوقا، ثم حاولت مرة أخرى ولم أنجح، ودخلت تخصصا آخر لم يكن ببالي أصلا، ومنذ أن دخلت الجامعة لغاية الآن وأنا أشعر بأن كل الذي مررت به أوهام، وأن تلك ليست الحقيقة.
تزوجت بعد تخرجي، مع العلم أن وضعنا المادي ليس بالجيد، ولكن الحمد لله الذي يسر، وكنت قد تعودت دائما أن أكون متفوقا، ولكني في الجامعة لم أدرس ولم أجتهد، وتخرجت بمعدل جيد، ودائما أشعر بالنقص، وأني فاشل، وأقارن نفسي بالآخرين المتفوقين كثيرا، وأشعر مهما عملت بأني لم أعمل شيئا، وأود إكمال الدراسة، ولكن الوضع المادي لا يسمح.
أسهر كثيرا، ولا أعمل شيئا مفيدا، ودائما كسلان، وزوجتي بدأت تشعر بالانزعاج من هذه العادات السيئة.
عملنا يستهلك وقتا كبيرا، ولا أعرف كيف أنظم وقتي؟ كل هذا يزيد من شعوري بالفشل واليأس، أتظاهر بالشعور بأي شيء، وأنا لا أشعر بأي شيء فعليا، فقط كل ما أفكر فيه أن أنجز عملا كبيرا، وأصبح مبدعا لكني لا أجتهد، أو أني متعب دائما، ولا شيء يحفزني لعمل أي شيء.
يتخاطر إلى ذهني أشياء كثيرة، منها السحر، أو الحسد، أو عدم التزامي، مع العلم أني كنت قبل الجامعة وخلال فتر منها ملتزم جدا، ولكني أصبحت أضيع الصلاة، وأشعر أن قلبي, قليل الكلام، لا أعرف كيف أتعامل مع الناس, أرجو منكم النصح وإسداء الرأي، مع كافة الاحتمالات لحالتي.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على تواصلك معنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه.
وأما ما يمكن أن نشير عليه به: فعليك بداية أن لا تستسلم لما آلت إليه من الكسل والدعة؛ لأن هذا لا يليق بمن يعول عليه في أن يكون صالحا ومصلحا في أمة الإسلام، فالأمة بحاجة إلى جهد الصالحين حتى تعود أمتنا عزيزة ممكنة في الأرض، ولهذا سأدلك على ما يبعث على الحماس وتقوية العزيمة.
عليك أن تحافظ على الصلاة في أوقاتها فهي خير معين للإنسان، ولو حصل فتور في بعض النوافل فهذا شيء طبيعي، ولكن لا يجوز التفريط في الواجبات، قال تعالى "واستعينوا بالصبر والصلاة ۚ وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" [ سورة البقرة اية ٤٥ ]، وعليك أيضا أن تكثر من الذكر والاستغفار، فقد أرشد نبي الله هود عليه السلام قومه فقال تعالى: "ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلىٰ قوتكم ولا تتولوا مجرمين" [ سورة هود اية ٥٢ ]، فالأبدان تضعف بالمعاصي وتقوى بالتوبة والاستغفار، وأنصحك أن تكثر من قول لاحول ولا قوة الا بالله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقال له: "حسبك قد هديت وكفيت ووقيت" فيتنحى عنه الشيطان، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟ رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 227، والشاهد في الحديث بأن من قال: لا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفاه الله ما أهمه، وأعطي قوة في إنجاز ما يريد.
كما أن عليك أن تكثر من الاستعادة بالله من العجز والكسل، فقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال" رواه البخاري برقم 6369.
أكثر من الدعاء والتضرع إلى الله في تحقيق ما تريد من خيري الدنيا والآخرة.
كما يمكن أن تعلم أن مما يبعث الحماس بأن تحذر من عواقب الكسل وضعف الهمة؛ لأنها تؤدي بالإنسان إلى البطالة والعبث وضياع العمر سدى، والإنسان محاسب على عمره يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه وعن علمه ما فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2531.
وإذا كنت تشعر بأنه يمكن لديك سحر أو حسد فهذا أمر محتمل، وبعض ما تشكو منه قد يكون سببه السحر والحسد، ولذلك يمكنك أن تقرأ على نفسك الرقية الشرعية، من قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات.
أما ما تشكو من عدم تنظيم حياتك، وحصول الاضطراب: فعلاج هذا يكون بحسن التخطيط لما تريده في حياتك، مع تحديد المدة الزمنية في أمور حياتك، فتحديد الأهداف وحسن التخطيط في الوصول لها كل هذه السبل لها دورها الناجع في بث الحماس وتقوية العزيمة.
وفقك الله لمرضاته.