السؤال
السلام عليكم..
أريد الاستفسار عن حالة أحد أفراد عائلتي، وهي كالتالي:
محمد يبلغ من العمر 21 سنة، ويدرس في الجامعة، منذ فترة أصيب بحالة غريبة، حيث أصبح يظن بأنه انتقل إلى عالم آخر ثم عاد، أو أن باستطاعته معرفة خواطر الناس، ولكن لا وجود للهلاوس لا السمعية ولا البصرية.
شخصت حالته طبيب نفسي بأنه مصاب باضطراب ذهاني (بدون القيام بأي تحاليل أو اختبارات)، ووصف له مجموعة من الأدوية، ولكن بدأت تظهر عليه مجموعة من الأعراض من بينها:
1- تغير في المشية، والمشي بشكل بطيء.
2- خمول وشعور بالنوم.
3- فقدان الوجه لتعابيره (عبوس شبه دائم، عينان نصف مفتوحتين).
4- الرغبة في الخروج من البيت وشعور بضيق نفس كبير.
5- صعوبة في القراءة والكتابة والتفكير بشكل عام.
6- فقدان الرغبة في أي شيء.
7- بعض الأحيان: نوبات عصبية وأفكار انتحارية.
مع العلم أن الأفكار المذكورة سابقا ناتجة عن كون المريض مهتم بالمواضيع الروحانية (spirituality)، ويناقش هذه الأمور بطريقة فلسفية، حيث يطرح أسئلة تعد من أكبر الأسئلة في الفلسفة، مثل: ماهية الأنا؟ وماهية الروح؟ وهل نحن موجودون فعلا؟ والعديد مثل هذه الأسئلة الفلسفية (هذه الأسئلة كان يفكر فيها حتى قبل المرض).
أما ما عدا الأعراض المذكورة سابقا فهو يتحدث بشكل عادي، فما تشخيصكم لهذه الحالة؟ وهل الأعراض المذكورة هي أعراض جانبية للدواء؟ وما هي كيفية الرد والحديث مع المريض؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى العافية لهذا الأخ، ونشكرك على اهتمامك بحالته.
كثير من الناس قد يتبنون بعض الأفكار فلسفية وذات طابع خاص أو خلافه، ومن ثم يخرج نطاق التفكير هذا عن الواقع، يصبح تفكيرا غير واقعي، ويصبح دليلا على افتقاد البصيرة، وهنا تعتبر الحالة حالة مرضية.
طبعا يصعب علي أن أصل لتشخيص نهائي حول حالة هذا الأخ، بالرغم من أن ما ذكرته من معلومات مفيد، لكن الموضوع يحتاج –كما تفضلت– إلى شيء من الاستقصاء وإجراء بعض الاختبارات النفسية وكذلك تدارس شخصيته وتاريخه الماضي وتاريخه الأسري، أشياء كثيرة حقيقة تحتاج إلى معرفة ليصل الإنسان التشخيص النهائي، لكن أنا أقول – وحسب ما هو موجود من معلومات – بما أنه قد قام بالذهاب إلى الطبيب النفسي وشخص حالته أنها حالة ذهانية، أنا أميل أن هذا التشخيص تشخيص صحيح.
والأعراض التي ذكرتها ما عدا العرض السابع ناتجة من الآثار الجانبية للدواء، هذا أمر أكيد، ولا شك في ذلك.
العرض الرابع مهم، والذي قلت أنه يتمثل في الرغبة في الخروج من البيت وشعور بضيق نفس كبير: هذا ناتج من حالة نادرة تسمى بالتململ الحركي، وهذه أيضا أحد الآثار الجانبية.
أخي الكريم: هذه الآثار الجانبية يمكن أن تعالج وتعالج بسهولة شديدة جدا، وتوجد أدوية مضادة، أو يمكن أن ينتقل لدواء آخر مضاد للذهان وليس له آثار جانبية.
الحمد لله الآن توجد مجموعة كبيرة جدا من الأدوية يمكن الاختيار والتخير ما بين هذه الأدوية لنصل إلى العلاج الذي يناسب الحالة، فأرجو أن تراجعوا الطبيب مرة أخرى.
وبالمناسبة: أمر المتابعة مع الطبيب يعتبر أمرا أساسيا في مثل هذه الحالات.
بالنسبة لاهتمام هذا الأخ قبل أن تعتريه هذه الحالة، اهتمامه بالمواضيع الروحانية: نعم كثير من الأفكار الظنانية والمرضية والاضطهادية تكون خلفيتها ميول وأفكار الشخص، ما هي نوعية المعلومات التي اكتسبها؟ ومن ثم يتعمق ويفرض الأمر ليصل إلى مرحلة الذهان، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لهذا الأخ.
هذا الأخ يعامل معاملة عادية بقدر المستطاع، نقدره، نحترمه، لا نقلل من قيمته أبدا، لكن يجب ألا نناقشه حول أفكاره، الجدال في مثل هذه الأفكار يثبتها، يزيدها، وفي ذات الوقت لا يؤدي إلى تحسن حالته، وربما يدخل في إشكاليات مع الناس، ويبدأ يتهمهم كجزء من مرضه الظناني الذي يعاني منه.
النقطة السابعة – وهي النوبات العصبية والأفكار الانتحارية -: قطعا أن يلفت نظر الطبيب إليه، الأفكار الانتحارية بالنسبة لشخص يعاني من ظنان مرضي ليس أمرا هينا، يجب ألا تجهل، ويجب أن تعالج، ويجب استقصائها بصورة أدق، فأرجو أن تذهبوا به إلى الطبيب من أجل المتابعة والمراجعة، لكن على وجه الخصوص للمزيد من الاستبيان حول أفكاره الانتحارية، ومن ثم اتخاذ القرار العلاجي المناسب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.