السؤال
السلام عليكم
أنا شاب بعمر 23 سنة، أصابني وسواس الموت والمرض، عند ما شعرت بألم في باطني، وذهبت إلى أكثر من طبيب وطمأنوني، وأرتاح فترة قليلة ثم يأتيني القلق مرة أخرى، وأستشعر وأتذكر مرض والدي الذي توفاه الله، هو وشخص آخر قريب لي، وهو ورم، وكل ما أتخيل نفسى أتخيل المرض، وأني مصاب به، وأفكر كثيرا في أيام مرضهم، وكيف كانوا؟ ومدة المرض.
أحيانا يذهب الوساوس وعلى الأكثر مستمر، ذهبت لأكثر من طبيب ووصفوا لي أدوية للقولون، وأدوية للاكتئاب، ولكني لما أستمر في أدوية الاكتئاب؛ نظرا لأن إخوتي ووالدتي يرفضون أن أتناول أدوية اكتئاب، وكل لحظة أفكر أني سأمرض وتنتهي حياتي نتيجة المرض، مثل أبي وقريبي!
أخذت أفكر كثيرا، وكل شيء كانوا يفعلونه أخذت أتجنبه، وكل موقف أو شراب أو طعام كانوا يأكلونه أخذت أتجنبه، وأخذت أخاف عند ذكر الحديث عنهم، وأفكر في المرض، ووصلت لمرحلة أني كل صباح أحمل أشياء ثقيلة، لكي أتأكد من وجود قوة لدي، وكل شيء يؤلمني في جسمي أبحث على الانترنت عن السبب، وأخاف جدا إذا نقص وزني، لأني ممكن أن أكون مصابا.
الأصدقاء الذين يحدثونني أخاف أن أتكلم معهم، لإحساسي أنه خوف من الموت، لم يعد للحياة طعم لدي، وكل تفكيري في المرض، وأني مصاب به، ونهايته الموت، ولم أعد أفكر مطلقا في المستقبل، وإنما ينحصر التفكير على الماضي، وكيف كنت أضحك وألعب؟!
ساعدوني، فالهم مسيطر علي، ومن حين وآخر أبحث في موقعكم الكريم، لعلي أرتاح وأرتاح جدا عند قراءة أنها وساوس، وأن الشخص يمر بهذه الحالة ويذهب للأطباء، ويقولون: هو مرض نفسي، وأنا أخذت أشك في كلام الأطباء، وأي تصرف يدل على أنهم يخفون عني مرضي، وأنها النهاية، أنهار في تفكيري.
والدتي تعبت جدا لأني تعبان، ولا تعرف ماذا تعمل، وفي حين وآخر تطمئنني، وتقول: هي وساوس، وأنا لم أقتنع، فساعدوني ما الحل؟ هل هذا مرض نفسي أم عضوي؟ لأني أشعر بآلام في الصدر، وأسفل البطن والظهر، وعظمة الظهر والرقبة، وتحت الإبط الأيسر، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمشكلتك اضطراب نفسي يتمثل في القلق والتوتر والمخاوف الوسواسية، والمخاوف الوسواسية خاصة من الأمراض، وهذا عادة معروف أن الإنسان يخاف من المرض الذي أصيب به شخص قريب منه، كما ذكرت بأن والدك أصيب بالمرض، فينتابك خوف من أنك تصاب بنفس المرض.
هذه مخاوف وسواسية معروفة – يا أخي الكريم – ومن شدة المخاوف الوسواسية والشك المستمر بأنك عندك مرض تذهب إلى الأطباء، والشك في قول ورأي الأطباء نفسه جزء من المرض لا شك في ذلك، ففحوصاتك قد تكون كلها سليمة؛ لأن هذا ليس مرضا عضويا، بل هو اضطراب نفسي واضح.
العلاج يبدأ بالتوقف عن الذهاب للأطباء، لأن الذهاب إلى الأطباء بكثرة يدعم هذا الشك ولا يساعدك في العلاج، وحتى الآلام التي تشكو منها جزء من المخاوف الوسواسية المرضية، فالقلق والتوتر النفسي له أعراض بدنية، ولا يعني هذا أنك مصاب بمرض عضوي، نعم أنت تحس بهذه الآلام، لا تتوهما ولا تتخيلها، أنت تشعر وتحس بها، لكنها ليست عضوية، إنما هي نتيجة للقلق والتوتر النفسي.
الحل طبعا هو الذهاب إلى طبيب نفسي، ولكن كما ذكرت إخوتك يعارضون في ذلك، وهذه طبعا مشكلة؛ لأن كثيرا من الناس ليس عندهم تصور واضح للمرض النفسي، والشيء الآخر كثير منهم يعتبرون الذهاب إلى طبيب نفسي وصمة اجتماعية؛ إذ يظن الناس أن الإنسان إذا ذهب إلى طبيب نفسي أنه مجنون أو فقد عقله، وهذا طبعا فهم خاطئ. أتمنى أن يغير إخوانك تفكيرهم هذا الفهم المغلوط حتى يمكنك أن تراجع طبيبا نفسيا.
وبصفة عامة نصيحتي لك: التوقف عن مراجعة الأطباء – أطباء الباطنة والطب العام – لأنه كما ذكرت يدعم المرض ولا يزيله.
الشيء الآخر: عليك بالاسترخاء، الاسترخاء بممارسة الرياضة، خاصة رياضة المشي، والتمارين الرياضية البسيطة في المنزل، وممارسة الهوايات الحركية التي لا يكون فيها تفكير.
الاسترخاء العضلي أو الاسترخاء بالتنفس (الشهيق والزفير): أغمض عينيك لمدة خمس دقائق، وخذ نفسا عميقا وأخرجه بهدوء، وفي أثناء ذلك تخيل أنك في منطقة جميلة أو أنك تتحدث إلى شخص تحبه، وكرر هذا التمرين ثلاث مرات في اليوم، هذه تساعد على الاسترخاء، وإن لم تستفد من كل هذه الأشياء فيجب عليك عن طريق والدتك أن تقنع إخوانك بالذهاب إلى طبيب نفسي؛ لأنه قد يصف لك بعض الأدوية التي تساعدك ويقنع إخوانك باستعمالها.
الأدوية النفسية أدوية آمنة وفعالة، وآثارها الجانبية لا تذكر، ولا تؤدي إلى الإدمان، وفي كثير من الأحيان ومن خلال ممارستنا العملية والتحدث مع أهل المريض استطعنا إقناعهم بوضع الحقائق أمامهم عن الأمراض النفسية وعن علاجها وعن الأدوية النفسية.
وفقك الله وسدد خطاك.