خوف وتفكير ووسواس في الذات الإلهية.. ما علاج كل ذلك؟

0 211

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سوف أسرد ماذا حصل معي، شفى الله جميع المرضى.

عندما كنت شابا عمري 18 سنة، وهذه فترة تقديم الامتحانات الثانوية، وهذه السنة مهمة كثيرا؛ لأنك بعدها تدرس بالجامعة إذا حصلت على معدل جيد، خلال هذه السنة كنت أدرس بشكل كبير، وعندي خوف كبير أن لا أنجح وأسبب الإحراج لأهلي؛ لأن النتائج تنشر بالجريدة.. إلخ، كنت أدرس بشكل متواصل كثير، ولدي خوف وقلق، وفي ليلة معينة جاءني فكر لا أعرف كيف دخل مخي! قال لي: من خلق الأرض؟ ثم من خلق الإنسان؟ حتى وصلت -والعياد بالله- إلى من خلق الله! ولم أجد إجابة أبدا وقتها، وانتابني خوف شديد وبكاء شديد؛ فأخذني أبي إلى جميع المستشفيات، قاموا بفحص الدم وتخطيط القلب، وأغلب الفحوصات سلمية، ولكن لم أقل لهم إن سبب خوفي وبكائي هو هذا التفكير الذى لا يغادر رأسي، ومن وقتها وإلى الآن أشعر أني لست إنسانا طبيعيا أبدا.

كان الخوف بشكل كبير في الليل، أما في النهار عندما كنت أفكر أقول: أنا لا أعرف لماذا أنا أخاف في الليل عندما أفكر بهذا الموضوع! وأجد الموضوع غاية بالبساطة، وأحاول أن أقنع نفسي وأقول "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" وأنسى الموضوع تماما، وبعد ذلك تأقلمت على الموضوع وعشت بشكل عادي.

وبعد ذلك تقريبا بثلاث سنوات جاءني نفس الخوف والتفكير والقلق، وضيق النفس، وبعد أسبوع رجعت طبيعيا ونسيت الموضوع تماما، وكنت وقتها في بلدي.

والآن سافرت لدولة في أوروبا، ولي هناك تقريبا ثلاث سنوات، مررت بسنوات صعبة جدا، وضغط شديد وحزن كبير وأيام سوداء -والعياد بالله-، لا أفكر بشيء، ولكن منذ تقريبا عشرين يوما وحتى الآن أشعر أني خائف جدا، وقلق ومتوتر، وأحس كأن جبلا فوق صدري، ومخنوق جدا، حتى أني أحيانا أحاول أن أسحب هواء بفمي بشكل كبير، وأشعر بصداع شديد على جانبي الرأس من الجهة الأمامية يأتي فترة ويختفي، وأحيانا أيضا أضغط على أسنان بشكل لا إرادي!

عمري تقريبا 32 سنة، وأحيانا أكون جالسا مثلا على الكمبيوتر، فيأتي التفكير: من أين أتى هذا المكان أو الكمبيوتر؟ وأحاول أن أقنع نفسي أني اشتريت مثلا من محل كذا وبسعر كذا، وأن هذا المكان أي الغرفة التي أعيش بها حصلت عليها من فلان، وأدخل بهذه الجدالات مع النفس.

اليوم قست مستوى السكر في الدم فكان 80
والضغط SYS 151 mmhg
DIA 88
Pulse 99

الرجاء الإفادة، بارك الله فيكم، وجعل الله هذا في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية.
أخي: من الواضح أنك تعاني من وساوس قهرية منذ مدة، والوساوس هذه تأتي في شكل موجات، تزداد وتنخفض من وقت لآخر.

التساؤلات الشكوكية ذات الطابع الديني التي بدأت عندك دليل واضح على وجود الوسواس، وبعد ذلك أصبح يأتيك شيء من المخاوف، والوسواس أحد مكوناته الخوف وكذلك القلق.

الآن –أخي الكريم– ما تعاني منه من تساؤلات سخيفة تطرح نفسها عليك هي تساؤلات وسواسية، والوسواس قطعا يؤدي إلى شعور بالضجر، إلى شعور بالتوتر، إلى شعور بالكتمة في الصدر؛ لأن القلق مكون له، وكل أعراضك التي ذكرتها –أخي الكريم– تأتي في نطاق القلق الوسواسي الذي أدى إلى اكتئاب ثانوي.

ولابد أن تتعالج، والعلاج ممكن جدا. ليس لديك أي مشكلة طبية، فحوصاتك التي أوردتها جيدة، وكل الذي أطلبه منك هو أن تذهب إلى طبيب نفسي، الأمر في غاية البساطة، وتبدأ في تناول أحد مضادات قلق الوساوس، وتوجد لدينا أربعة إلى ستة أدوية متميزة جدا، فلا تتردد –أخي الكريم– في قبول العلاج الدوائي لعلاج الوسواس.

ولا أريدك أبدا أن تتعايش مع هذا الوسواس أكثر مما تعايشت معه سابقا؛ من أخطر الأشياء أن يقبل الإنسان الوسواس كجزء لا مناص منه في حياته، لا تقبل ذلك، حقر الوسواس وارفض الوسواس، لكن حالتك تحتاج لعلاج دوائي، وأنا أبشرك بشرى عظيمة أن الوساوس تستجيب للعلاجات الدوائية بصورة ممتازة جدا.

عقار (بروزاك) ممتاز، وعقار (فافرين) أيضا متميز جدا، وعقار (زيروكسات)، وعقار (زولفت) هذه كلها أدوية ممتازة، وأنت لا تحتاج إلى كل هذه الأدوية، أنت تحتاج إلى دواء واحد، وربما يضاف له دواء آخر في وقت آخر.

فأرجو –أخي الكريم– دون أي تردد أن تذهب لمقابلة الطبيب، والدول الأوروبية التي أنت فيها قطعا بها أطباء نفسيون، وإن أردت أن تتحصل على الدواء فقط، فأنا أقول لك: عقار (فلوكستين) سيكون ممتازا جدا لك، ويسمى تجاريا (بروزاك)، أبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهر، ثم اجعلها ثلاث كبسولات في اليوم –أي ستين مليجراما– تتناول كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلا، استمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

لا أتوقع أي فعالية حقيقية للدواء قبل مضي ستة أسابيع من العلاج المتواصل، ومواصلة العلاج مهمة جدا ليتم البناء الكيميائي الصحيح، ولابد أن تتبع الجرعة المقررة وكذلك المدة العلاجية.

البروزاك دواء سليم جدا، ليس له أي آثار جانبية، فقط ربما يؤخر القذف المنوي قليلا مع المتزوجين عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤثر على الهرمونات الذكورية أو الصحة الإنجابية عند الرجل.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات