السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا دكتور، وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع.
عمري 26 عاما، وأشتغل في مدرسة، ولدي عدة مشاكل:
أولا: كثرة التفكير، أشعر بأنني أحلل الأمور كثيرا وبشكل دقيق، تفكيري أصبح صعبا ومعقدا، في رأسي سلسلة من الأفكار السلبية، والتي يصعب وقفها، وأعاني من قلة التركيز، لا يمكنني التفكير بهدوء ووضوح، ولا أستطيع أن أسترخي بسهولة، أفكر بكل شيء أفعله، وبأدق الأشياء، أفكر بكل شيء في وقت واحد، فأتوتر.
ثانيا: أنا متسرعة أحيانا، حتى أنني أتناول الطعام بسرعة، لو لم أكن جائعة، حينما أتطلع لأحدهم عند التحدث معه تبقى عيني في حالة تركيز مستمرة حول نقطة معينة دون حركة.
عند التعرف على شخص جديد، أول شيء أفكر به بأن هذا الشخص لا يمكنه أن يحبني، لا أثق بنفسي، ولا أستطيع أن أحب ذاتي، فكيف للناس أن تحبني؟ لذلك أتوتر كثيرا وأقلق كثيرا، ولا يمكنني التصرف على طبيعتي، وأظهر شخصية جامدة، أمزح طوال الوقت لأنني حزينة من الداخل، ولا أركز في كلام الشخص الجديد، وأتحدث بسرعة، وقلبي يخفق، ويضيق تنفسي، ويزيغ بصري، أتعرق، ولا يمكنني التحدث، وأحيانا أشعر بالألم في رأسي، كل تلك الأعراض تعيق قدرتي على التعبير، فأترك انطباعا ضعيفا للشخص الذي يجلس معي.
ولو حاولت إعادة اللقاء لتوطيد الصداقة، أقوم بمراقبة كل كلمة بقولها عني، وحينما أرى بأن انطباعه كما فكرت بأنني غير مميزة، أشعر بالحزن وأتضايق كثيرا، وأرغب بقطع علاقتي معه، لأنني لم أتمكن من التعبير عن حالي، مثل الصورة التي رسمتها بخيالي عن نفسي، وهذا هو الصراع الذي أعيشه، لذلك أتجنب الصداقات والتجمعات، لأنها تخضعني للضغط والقلق والتوتر.
أتمنى وأحاول أن أكون عفوية مع الناس، وأن يكون لدي صداقات، وأكون على طبيعتي دون تفكير وقلق.
أصبحت أغفو بالليل وأتأخر بالصحو في الصباح، بسبب مللي من كل شيء، ولدي فكرة سابقة عن كل شيء دون أن يصير، فسبق وقضيت كل أيامي بالتفكير.
أجريت التحاليل العامة وكانت سليمة، عدا نقص فيتامين (د)، وكلس (ف) فماذا يمكن أن أفعل؟
أحاول أن أغير نمط حياتي، غذائي صحي، وأمارس الرياضة، وإلى الآن لا يمكنني موازنة حياتي، وأن أركز بشكل أفضل، حياتي غير منتظمة، وأغلب أوقاتي حزينة بسبب هذا الشيء.
آسفة على الإطالة، وبانتظار نصيحتك -يا دكتور-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
واضح أن الإطار العام لأعراضك يتمركز حول القلق والوسوسة، والقلق طاقة نفسية إنسانية مهمة جدا للإنسان، وهي تساعد على النجاح، ولكن القلق حين يزداد يجعل الأفكار مشوشة، مضطربة، متداخلة، يفقد الإنسان التركيز، وتأتيه الكثير من الهواجس، وهذا تقريبا هو الذي تعيشينه الآن.
القلق حين يهيمن على الإنسان بالفعل يجعله في حيرة من أمره، ويصعب عليه الاستقرار النفسي أو حتى الجسدي.
أيتها الفاضلة الكريمة: إن كانت هناك أسباب للقلق حاولي تدارسها وأن تصلي إلى حلول وعلاجات لها، وإن لم تكن هناك أي أسباب فهذا يعني أن القلق جزء من البناء النفسي لشخصيتك، وهذا لا نعتبره مرضا، إنما هي ظاهرة من الظواهر المهمة، لأنها تزعج صاحبها.
مبدأ أنك تعيشين بصورة متوازنة يجب أن يكون هو الأساس نحو أي محاولة للتغيير، والتوازن يعني: أن تعيشي وتطوري مقدراتك ومهاراتك لإدارة وقتك، هذا هو التوازن الذي أقصده.
النوم الليلي مهم جدا، ويجب أن تتجنبي النوم النهاري، ممارسة الرياضة أمر طيب، وأن تمارسين الرياضة، وهذا أعجبني كثيرا، حسن إدارة الوقت يجب أن تشمل وقتا للترفيه عن النفس، أوقات للعبادة، أوقات للتواصل الاجتماعي، وبهذه الكيفية تصلين لمرحلة التوازن في حياتك، وهذا يؤدي إلى استقرار نفسي كبير جدا.
نقص فيتامين (د) علاجه بسيط جدا، وهذا يجب ألا يسبب هاجسا لك، هنالك علاجا تعويضيا، دعي الطبيبة تكتبه لك.
ونقص (وكلس ف) غير مفهوم بالنسبة لي، إذا كان المقصود هو الكلسيوم فالكلسيوم تعويضه يكون أيضا من خلال تناول الأجبان وشرب الحليب والرياضة والتعرض للشمس.
من المهم جدا أن تعبري عن نفسك، أنت ذكرت أنك عجولة وسريعة الكلام وتتشابك لديك الأفكار، دربي نفسك على البطء في الكلام، ويمكن أن تقرئي بعض المقاطع بصوت عال وببطء، دربي نفسك على هذا.
تعلمي أيضا تمارين الشهيق والزفير، وهي تمارين بسيطة جدا: اجلسي في مكان هادئ، أغمضي عينيك، وفكري في شيء جميل، وافتحي فمك قليلا وخذي نفسا عميقا عن طريق الأنف، ويجب أن يستغرق أخذ الهواء ثمان ثوان على الأقل، ثم بعد ذلك أمسكي الهواء في صدرك لمدة أربع ثوان، ثم أخرجيه ببطء وقوة عن طريق الفم، وهذا يجب أن يستغرق ثمان ثوان أيضا، إذا شهيق وزفير بهذه الكيفية يؤدي إلى استرخاء كبير جدا، كرري ذلك خمس مرات متتالية بمعدل مرة صباحا ومرة مساء، ومن خلاله سوف تحسين أن مقدرتك على ترتيب الكلام أصبحت أفضل بكثير.
أنت محتاجة لأحد الأدوية المضادة للقلق، وهي كثيرة جدا، عقار مثل (سيرترالين)، والذي يعرف تجاريا (زولفت)، بجرعة صغيرة سوف يكون مفيدا لك. تواصلي مع الطبيب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.