السؤال
السلام عليكم
أنا شاب بعمر 18 سنة، أخاف على أمي من أن تموت، لأنها تدعو على نفسها بالموت بسبب إخوتي الكبار، وهي على هذه الحال منذ أن توفي أبي قبل سنة.
أنا لا أعرف ماذا أفعل لو ماتت فعلا؟ أنا أخاف على إخوتي الصغار، فلا يوجد غيري يهتم بهم، لأن إخوتي الأكبر مني يعاملونهم بشكل سيئ، ولا يهتمون إلا بأنفسهم.
لا أستطيع تحمل مسؤولية كبيرة، مثل رعايتهم، وأمي دائما توصيني بهم إذا ماتت، وأنا خائف، وتأتي نوبات هلع وغضب، ومشاعر غريبة.
أرجوكم دلوني على ما يجب علي فعله؟ فلقد تعبت من هذا الوضع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا على حرصك على أسرتك، وبرك بأمك وخوفك على صحتها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حسن تربيتك ورفعة أخلاقك.
الموت حق، وهو نهاية محتومة للبشرية دون استثناء، ولو كان أحد يخلد في هذه الدنيا لكان أنبياء الله ورسله.
ينبغي أن تجتهد في نصح إخوانك وتوجيههم التوجيه الصحيح، كي يبروا بأمهم ويتعاونوا في لملمة الأسرة، فلا ترهب منهم ولا تيأس من تعديل سلوكياتهم، فتلك أمور غير مستحيلة.
اقترب من إخوانك أكثر، وتلمس حاجاتهم، وتعرف على الأسباب التي تجعلهم يسيئون التعامل مع إخوانهم، فلربما كان بسبب حرمانهم من أشياء يرون أن أمهم تعطيها للصغار ويمنعون منها.
اجتهد في صرف رفقاء السوء عن إخوانك، واستعاضتهم برفقاء صالحين، يدلونهم على الخير ويعينونهم عليه، فالصاحب له تأثيره السلبي والإيجابي على الإنسان، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة) ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.
بإمكانك الاستعانة بعد الله في إصلاح إخوانك الكبار بأعمامك وأخوالك، وأبنائهم إن وجدوا، وخاصة من يحترمونهم ويقبلون توجيههم، وكلما تنوعت أساليب توجيههم كان لها نفع بإذن الله.
اجتهد مع والدتك في حسن توجيه إخوانك الصغار، وألحقهم بمدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وتابع أداءهم، وتعرف على سلوكياتهم، واحذر أن يرافقوا السيئين.
لعل ظروف الحياة أثرت على والدتك فجعلت صدرها ضيقا، فلا تتحمل تصرفات أبنائها، فتلجأ للتنفيس عن نفسها بالدعاء عليهم أو على نفسها، فلو أنك بطريقة حكيمة تصبرها وتوصل إليها أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الدعاء على النفس أو المال أو الولد، فقال: (لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم أن توافقوا ساعة إجابة فيستجاب لكم).
دعوة الوالدة مستجابة، فاطلب منها أن تكثر من الدعاء لأولادها بالصلاح والهداية، ولا تستبق الأحداث، ونسأل الله تعالى أن يقر عينيك بحياة والدتك، وأن يمتعك بصحتها وعافيتها، ولتكن على يقين أن الله بعباده رؤوف رحيم، وإن نزل بأمك قضاء الله وقدره فسيهيئك بإذن الله تعالى في حينها للقيام بتربية إخوانك على أكمل وجه.
لا تكثر من التفكير في موت والدتك، ودع الأمور لله تعالى، فكثرة التفكير لن تقدم ولن تؤخر بل ستؤثر على حياتك وصحتك.
وثق صلتك بالله تعالى واجتهد في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
أكثر من تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، كما قال ربنا جل وعلا: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).
نسأل الله تعالى أن يمتعك بحياة والدتك، ويقر عينيك بصلاح إخوانك، إنه سميع مجيب.