السؤال
السلام عليكم
دكتورنا الغالي، أسأل الله العظيم أن لا يحرمك الأجر على ما تقدمه لجميع الأشخاص من استشارات نافعة ومفيدة، وأن يبارك لك في عمرك.
دكتورنا العزير، مشكلتي تتمركز حول قلق المخاوف، فأنا أخاف من مرض السرطان خوفا شديدا، لا أستطيع التوقف عن التفكير فيه، هذه الحالة معي منذ خمس سنوات، أكابد فيها هذا الخوف.
أصبحت منطويا غير منتج في عملي، على الرغم من أنني مدير مدرسة، وأدرس ما جستير، وأنا مشغول لحد كبير، ومتزوج، وعندي طفلة، ومع جميع هذه المشاغل يداهمني الوسواس بصورة غير طبيعية، يجعلني أتوقف عن كل شيء.
حين أسترسل مع الوسواس لا أستطيع أن أنام إلا أن أقراء عن أعراض مرض السرطان، والعياذ بالله.
عند ما يموت أحد أسأل عنه، هل هو مريض بالسرطان أم وفاة بأي شيء آخر؟! فأنا أخاف يا دكتور من هذا المرض، فأرجو منك بعد الله أن تنقذني، علما أني أستخدم دواء سبرالكس، وأحس بتحسن من الخوف لكن تبقى وساوس المرض.
وأيضا يا دكتورنا الغالي، في عملي عند ما أوكل لأي شخص عملا لا أرتاح، بل أتابعه بصفة مستمرة، وأخاف أن يخطئ، وعندي تأنيب للضمير بدرجة غير طبيعية، عند ما أعمل شيئا خطأ أو ذنبا أخاف أن يعاقبني الله بهذا العمل، ولا أرتاح.
أرجو أن تكون رسالتي واضحة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك –أخي- على كلماتك الطيبة، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا.
أخي الكريم، من الواضح جدا أنك شخص مرهف وحساس وطيب القلب، ومنظومتك القيمية أراها -بفضل الله تعالى- ممتازة، وفي المقابل هنالك ثمن تدفعه الشخصيات التي تحمل سمات شخصيتك الكريمة وهي المخاوف المرضية.
هذا الأمر موجود، والانضباط الوسواسي الذي ذكرته كسمة ملازمة لك هذا نشاهده كثيرا لدى أصحاب المنظومات القيمية العالية.
أخي الكريم، أنت لست مريضا، هذه -إن شاء الله تعالى- رحمة في القلوب، أفضل من القلب القاسي، لكن في ذات الوقت يجب أن تعالج هذه المخاوف، أتفق معك تماما أنها مزعجة، وأن الإنسان حين يحاصر بالخوف مشكلة، وأعتقد بقليل من التفكير والعميق الإيجابي يمكن للإنسان أن يحقر من هذه الأفكار.
أخي الكريم، المبدأ النبوي واضح، ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك، هذه حقيقة يجب أن يأخذ بها الإنسان أخذا قطعيا، والأمور المقدرة سوف تقع وتقع ولا شك في ذلك، لكن نحن فتح الله تعالى لنا نعمة الدعاء، الدين الإسلامي العظيم من أحد الأمور التي يجب أن يتمسك بها الإنسان هي الدعاء، الدعاء أخي الكريم، يسري في النفس ويلبس الإنسان لباس الطمأنينة، هذا جربناه وقد جربه الكثير، فأسأل الله أن يحفظك -أخي الكريم- من سيء الأسقام.
هذا يجب أن تأخذه يقينا، الأمر الآخر عش حياة صحية أخي الكريم، النوم الليلي المبكر، النظام الغذائي المنضبط، القراءة، الاطلاع، الترويح عن النفس، الصلاة في وقتها، تحسين النسيج الاجتماعي.
أخي الكريم، هذا سوف يزيح كثيرا من الفكر القلقي الوسواسي الذي يهيمن عليك، وعليك -أخي الكريم- أن لا تقرأ كثيرا عن هذه الأمراض، ما الذي تستفيده منها وسوف تجد أن هنالك معلومات متضاربة كثيرة، حتى نحن الأطباء أحيانا نكون في حيرة من بعض المعلومات التي تساق هنا وهناك.
بكل أسف حتى بعض الدوريات العلمية المشهود لها ربما تعطي معلومات تجعلك غير مطمئن لما يقال، فيا أخي الكريم، لا تقرأ عن هذا المرض أو غيره، توكل على الله، وأسأل الله أن يحفظك، وأن يطيل عمرك في عمل الصالحات، هذا يجب أن تأخذه تقينا ويقينا وتعيش الحياة السليمة.
الرياضة اجعلها جزءا أساسيا في حياتك، وأنا أريدك أن تنخرط في عمل اجتماعي تطوعي، هنالك جمعيات في كثير من الدول تساعد مرضى السرطان، لماذا -يا أخي الكريم- لا تفكر في أن تكون عضوا في هذه الجمعيات، وهذا سوف يكون فيه نوع من التعريض بالنسبة لك، أي أنك تتعرض لما تخافه، وتساعد الآخرين، مقترحي هذا أرجو أن لا تراه مستحيلا أو غير قابل للتطبيق، فيه خير كثير لك.
لقد نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم، بالنسبة لقسوة القلوب أن نعالجها بالمسح على رأس اليتيم، نعم حين تنظر لليتيم وتتأمل وتتفكر فيه هذا يدر عليك خيرا كثيرا، العاطفة والوجدان الإيجابي وهكذا، إذا انخرط الإنسان في نوع من العمل الذي يخاف منه أو من مصدره هذا يجعل فيه خيرا كثيرا، عموما فكر في الموضوع.
العلاج الدوائي لا بأس به، (السبرالكس) ممتاز، واصل تناوله. وأسأل الله أن ينفعك به.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
وبالله التوفيق والسداد.