السؤال
السلام عليكم
أنا سيدة متزوجة وموظفة، وأم لثلاثة أبناء أعمارهم 20، 15، 8 سنوات، زوجي طيب ومسالم، ودخلنا المادي متوسط.
مشكلتي: أني كثيرة الغضب والبكاء، أصرخ لأتفه الأسباب، مثل تأخر أبنائي في النوم، أو تكاسلهم عن أداء واجباتهم، وهكذا كل يوم، وأشعر بالملل، وأتهمهم أنهم سبب شقائي، علما أن الجميع يشهد لهم بحسن التربية، لكني أرى فيهم العناد، عرضت عليهم ممارسة الرياضة، حفظ القرآن، الدروس الخصوصية، وكل طلباتي قوبلت بالرفض، ووالدهم يقف في صفهم، ويرفض أن يفرض عليهم شيئا لا يريدونه، وأنا أحب النظام والترتيب في كل شيء.
راجعت طبيبا نفسيا بدون علم زوجي؛ لأنه يرى أن الأدوية النفسية مخدرات، وعلي بالإكثار من الذكر، علما أنني محجبة وأصلي الفرائض في وقتها، وكذلك أذكار الصباح والمساء.
كان الطبيب قليل الكلام، ووصف لي scitap، وalpraz، الدواء الأول استعملته لمدة سنة، والدواء الآخر لمدة ثلاثة أشهر، وعندما توقفت عن أخذهما عدت أسوأ من السابق.
أحب أبنائي وزوجي، ولا أريد أن أهدم بيتي بكثرة مقاطعتهم، بحيث تعودوا على ذلك، ويحاولون إرضائي ومصالحتي لكني أرفض، وأغلق الباب على نفسي وأبكي، علما أني أتناول glucophage لمرض السكري، ولا أستطيع مراجعة الطبيب مرة أخرى.
أرجوكم ساعدوني، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا عما تعانينه من خوفك الكبير على أولادك وأسرتك، أعانك الله وخفف عنك.
عادة في مثل هذه الحالات من عصبية الأم وخوفها الكبير على أولادها، وخاصة أنهم وكما قلت على "تربية عالية" عادة أسأل هذه الأم سؤالا واحدا: ما هي هواياتك؟ وفي العادة تقول لي هذه الأم، أنا ليس عندي هوايات لأنني أم متفانية في رعاية أسرتي وأولادي، فأقول لها: أي تشعرين بأنك شمعة تحترق لتنيري الدرب للآخرين، أولادك وزوجك؟! وهنا ربما لب المشكلة.
يبدو من خلال وصفك أن أسرتك وأولادك في حالة جيدة ولله الحمد، وقد ربيتهم التربية الموفقة، وزوجك وهو أبوهم يشهد لك ولهم بذلك، إلا أن عندك ربما شيء من القلق الزائد، بحيث أنك دائمة الخوف والقلق عليهم.
أنصحك بما نصحنا به رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- عندما قال لنا "إن لنفسك عليك حقا"، فحاولي أن تصرفي شيئا من طاقتك عن أولادك، واصرفيها في رعاية نفسك، مثلا بتنمية هواية من الهوايات، أو الاهتمامات التي كنت تتمنين تحقيقها طوال حياتك، غير أولادك طبعا، وحاولي أن تصرفي اهتمامك ووقتك فيها، لقد ربيت فأحسنت التربية، ولله الحمد، فخذي الآن قسطا من الراحة، واتركي أولادك ليختبروا الحياة، وليعتمدوا على أنفسهم، وخاصة أن والدهم هناك يتابعهم معك، ووجهي قلقك واهتماماتك لنفسك، وبذلك، واسمحي لي بهذه الكلمة، ترتاحين وتريحين الآخرين!
لماذا تعيدي تعليماتك عليهم كل يوم، وأنت تعلمين علم اليقين أنها لا تنفع بشيء، وإنما تفيدك أنت، لا هم، عندما تشعرين بأنك تقومين بواجبك، بينما في الواقع ربما لا يحتاج أولادك لهذا الدرس اليومي.
العناد بشكل عام أمر جيد في أولادنا، فهذا يعدهم لمسؤوليات الحياة خارج البيت، وأنا أكثر ما أخاف ليس على الولد العنيد، وإنما على الولد المطيع جدا، فهذا يمكن لرفقاء السوء أن يؤثروا عليه بشكل سهل، بينما العنيد يمكن أن يرفض ويقول "لا" بأعلى صوته، فلا تخافي من عناد أولادك طالما أنهم يقومون بشكل عام بما هو مطلوب منهم، وإن كان بطريقتهم الخاصة.
إن تدبير أمرك ليس بالعلاج الدوائي، وفي هذه الحالة لا أنصحك بالدواء، إلا دواء السكري طبعا، وإنما عن طريق تغيير موقفك ونظرتك لنفسك ولأولادك وأسرتك والحياة عموما.
وفقك الله، وحفظ الله أولادك والأسرة، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة.