السؤال
السلام عليكم
أتقدم لكم بالتقدير والشكر الجزيل على ما تقدمونه للناس من مساعدة، وأسأل الله أن يسدد خطاكم، ويجعله في ميزان حسناتكم وأنا والله معجب كثيرا بهذا الموقع، ووجدت فيه إجابات كثيرة في مواضيع متعددة.
أنا شاب عمري 25 سنة، وأريد أن أسألكم عن مشكلة تسبب لي إحراجا كبيرا، وسأحاول تفسير الأمر جيدا.
المشكلة هي في الانفعالات النفسية والعصبية التي تأتيني في مواقف معينة دون سواها، وتظهر على أعراض معينة، ثم تختفي تماما عندما يمر الموقف، ومن هذه الحالات:
عند التكلم أمام الآخرين.
عند الشعور بالخوف.
عند مقابلة أشخاص غرباء.
عندما تتجه الأنظار إلي.
عندما أقابل شخصا أحبه كثيرا.
عند الغضب.
عند الفرحة الكبيرة.
أما الأعراض فهي اهتزاز في كامل الجسم، ورعشة وتقطع في الصوت، وأحس أن طاقة كامنة في داخل جسمي تريد أن تخرج.
الشيء الإيجابي هو أنني صرت أتفهم المشكلة، وأجاهد نفسي كثيرا للابتعاد عن المواقف الصعبة، وخاصة الغضب، حتى أن أصدقائي يصفونني بالهادئ والرصين، وقلما أدخل في مشاحنات، وأحاول جاهدا أن أسيطر على نفسي، لكني أشعر أن هذا غير كاف وأحيانا أحس أن ردة فعل جسمي مبالغ فيها رغم معرفتي الباطنية أن الأمر لا يستدعي كل هذا الانفعال.
هذا المشكل ليس بجديد عندي، فعندما كنت مراهقا كنت شديد الغضب، ومتوترا حتى عندما أتحدث في موضوع ما يلاحظ الناس عندي توترا شديدا.
ونفسيتي تميل كثيرا للقلق والسلبية رغم أني أجاهد نفسي كثيرا، لكن لا أفهم لماذا رد الفعل مبالغ فيه؟ هل هو أمر وراثي؟ وهل هي مسألة ثقة في النفس وتنمية ذاتية؟
أرجو منكم أن تفيدوني في هذا الموضوع، وتقدموا لي النصائح، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكرك على مشاعرك وكلماتك الطيبة في حق استشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا، أول ما أبدأ به كأمر جوهري في إجابتي على استشارتك أنني أطمئنك تماما أنه ليس لديك علة أساسية، ما تحدثت عنه هو شيء من طاقات القلق، طاقات التوتر، وهي طاقات نفسية إيجابي.
مطلوب للإنسان أن ينجح في حياته، الذي لا يقلق لا ينجح، الذي لا يوسوس قطعا لا ينضبط، الذي لا يخاف لا يحمي نفسه، لكن هذه الطاقات حين تزيد بالفعل قد تؤدي إلى شيء من عدم الارتياح، أنت لديك بعض الأعراض النفسوجسدية، وقد سردتها بصورة رزينة جدا، وبالنسبة لي تمثل درجة بسيطة جدا مما يسمى بالرهاب الاجتماعي أو الخوف الاجتماعي، لكنه ذو درجة بسيطة جدا، وليس حالة مرضية إنما هي مجرد ظاهرة كما ذكرت لك.
بالنسبة لموضوع الغضب والانفعالات التي تحدثت عنها -أيها الفاضل الكريم- أرى أن البناء النفسي لشخصك الفاضل هو على هذه الشاكلة، وأنت تحدثت بالفعل أنه منذ طفولتك لديك شيء من الميول نحو سرعة الاستثارة، وهذا أيضا ليس مرضا أبدا، كل الذي يجب أن تقوم به هو أن تعبر عن ذاتك، وأن لا تكتم، وأن تكون شخصا متواصلا مع الآخرين، التواصل الاجتماعي دائما يؤدي حقيقة إلى تطوير الذات بصورة إيجابية واجتماعية جدا، الكتمان مشكلة كبيرة، كثيرا ما لا نعبر عن مشاعرنا وكثيرا ما نسكت عن بعض الأمور التي لا ترضينا، خجلا أم أدبا أم حياء، وهذه قد تتراكم وتؤدي إلى احتقانات، وهذه الاحتقانات قد تظهر في شكل انفعالات.
ويا أخي الكريم دائما الإنسان الذي يكون سريع الغضب يجب أن يتصور ويتخيل أن شخصا ما غضب في وجهه، فما هي ردة فعلك، طبعا هي عدم القبول، إذا ما لا أرضاه لنفسي يجب أن لا أرضاه للآخرين، ودائما يذكر الإنسان نفسه بأن أن تكون في أنفسنا سعة وقبولا للآخر هذا من مكارم الأخلاق، وأنا أرى أن ممارسة الرياضة مهمة جدا في علاج مثل هذه الحالات البسيطة التي تحدثت عنها؛ لأن الرياضة تمتص الطاقات الغضبية والطاقات السلبية والطاقات الانفعالية، فاحرص على ذلك أخي الكريم، الإكثار من الاستغفار عظيم ومفيد، وتطبيق التربية النبوية العظيمة في علاج الغضب مفيدة، الإنسان حين يرى البداية الأولى للغضب يجب أن يغير وضعه، إن كان جالسا يقف، وإن كان واقفا يجلس وهكذا، وأن تتفل على شقك الأيسر ثلاثا، ويا حبذا لو توضأت، الوضوء حتى ولو لمرة واحدة وجد أنه مفيد تماما في مثل هذه الحالات، بر الوالدين -أيها الفاضل الكريم- ينمي الإنسان تنمية إنسانية راقية جدا، الإكثار من الاطلاع أخي الكريم، أن ترفه عن نفسك بما هو جميل هذا كله يؤدي إلى نوع من الانصهار الاجتماعي الإيجابي، وبناء الشخصية وتكوينها على أسس طيبة.
الانخراط في أي عمل اجتماعي أو ثقافي أو تطوعي هذا أيضا خيره كثير وكثير جدا، والإكثار من المواجهات الاجتماعية دائما يؤدي تماما إلى زوال الأعراض النفسوجسدية المصاحبة للخوف الاجتماعي البسيط، فيا أخي الكريم كن مشاركا، كن فعالا، شارك الناس أفراحهم وأتراحهم ومناسباتهم، صل رحمك.
أخي الكريم: ممارسة رياضة كما ذكرنا إيجابية جدا، ويا حبذا لو جعلتها رياضة جماعية هذا يعود عليك بخير كبير وكبير جدا.
والله الموفق.