السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أحييكم على هذا الموقع الرائع، والذي أثق به، وأنا على يقين بمساعدتكم لي لتجاوز مشكلتي.
أنا طالبة دراسات عليا، أعاني من صعوبة إلقاء وطرح الأبحاث أمام الجمهور، أو الطلاب، وأثناء الاختبارات الشفوية، رغم أنني أرغب بذلك، وأشجع نفسي لتجاوز تلك المخاوف والتحرر منها، ولكن بمجرد أن أتذكر تلك الأمور أخاف كثيرا، وأبقى قلقة، ولا أعلم السبب؟
في العام الماضي كانت لدي أول تجربة إلقاء، وكانت جيدة، حيث سألت زميلاتي عن رأيهم في إلقائي، فأخبروني: أنني كنت متمكنة، ولم تظهر علي علامات قلق أو توتر، رغم أنني كنت شديدة القلق والتوتر، وكانت نبضات قلبي متسارعة، وفي هذه السنة لا زلت أشعر بالأعراض ذاتها، وظننت أنني تخلصت منها في السابق.
عندما يكون لدي موعد هام، كالتحدث مع أستاذي، أشعر بالقلق والخوف، والأمر ذاته ينطبق على العمل، فأخاف من الفشل، ومن عدم قدرتي على التكيف، ولا أعلم هل هذه الحالة بسبب عدم عملي من قبل؟ فأنا لم أعمل، وإنما أكملت دراستي العليا مباشرة.
تسيطر علي علامات خوف وقلق ورهبة لا أعلم سببها، وأرجو النجاة منها، وأرجو منكم المساعدة لتجاوز تلك الأعراض، لكي أحقق النجاح، فأنا أحاول جذب الطاقات الإيجابية من حولي، والتخلص من الأفكار السلبية، وأرجو إفادتي بدواء له تجارب ناجحة مع الناس.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatima حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة، وثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا.
رسالتك طيبة وواضحة ورائعة، وأنا أقول لك أنه ليس لديك مرض ولا علة نفسية رئيسية، أنت لديك ما نسميه بقلق الأداء الرهابي، أو كما يسميه البعض (الرهاب الاجتماعي البسيط).
أولا: أعتقد خير وسيلة علاجية في حالتك، أن ترفعي درجة القناعة لديك بما تم ذكره من زميلاتك، وأخبروك أنه حين كنت في أول تجربة إلقاء لم تظهر عليك علامات القلق أو التوتر، وكنت متمكنة جدا، هذه حقيقة، وما ظهر عليك من قلق هي تجربة داخلية نفسية فسيولوجية، سببها أن الإنسان حين يكون في وضع مواجهة، أو يريد أن تقدمي شيئا بإتقان، هنا يتحرك نشاط فسيولوجي ونفسي عجيب في داخل الجسم، حيث تحدث حكمة وعملية عظيمة داخل الجسم: فالقلب يبدأ في التسارع ليضخ كميات أكبر من الدم، وذلك ليمكن الجسم من التمتع بكميات أكبر من الأكسجين، لأن الأكسجين هي الطاقة التي تحرك كل جهدنا، وترفع من يقظتنا، وهذا كله يحدث نتيجة لإفراز مادة الأدرينالين.
إذا العملية عملية فسيولوجية، هي طبيعية، لكن بعض الناس قد يزداد إفراز الأدرينالين لديهم؛ لأن لديهم شيء من التوجس والقلق التوقعي، وهذا يجعل الإنسان يعتقد أن أداءه سيء، وأنه يرتعش، ويتلعثم، وأنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، ويأتيه شيء من خفة الرأس، وهكذا.
أنا أؤكد لك أن ما ذكر لك سليم وصحيح، نعم هنالك قلق وخوف، وهنالك أعراض فسيولوجية، لكنها داخلية وتجربة شخصية، وليست مكشوفة للعيان، وهذا مهم جدا، لأن الكثير من الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي الشديد أو البسيط، يأتيهم دائما الشعور أنهم تحت الرصد ممن حولهم، أو ممن يشاهدونهم، وأن كل حركاتهم وسكناتهم ومشاعرهم، والتغيرات الفسيولوجية والجسدية كلها مكشوفة لديهم، وهذا ليس صحيح، فأرجو أن تطمئني.
النقطة الثانية: -وهي مهمة جدا-: أن القلق طاقة نفسية حبانا الله بها من أجل أن ننجح، فمن لا يقلق لا ينجح.
ثالثا: هذه الدفعة القلقية الرهابية التي تأتي في بداية الأداء، تنخفض تلقائيا بعد لحظات.
رابعا: خير وسيلة لعلاج الخوف هي المواجهة وليس التجنب، من يبتعد يفشل، من يواجه ينجح، والمواجهة -أيتها الفاضلة الكريمة-تكون في الخيال وفي الواقع، أريدك أن تطبقي هذا التمرين: تصوري أنك أمام حشد كبير من الطالبات والأساتذة، وتقدمين موضوعا معينا، وقومي بالفعل بتحضير الموضوع، وقومي بإلقائه أمام الحضور -طبعا لا يوجد حضور حقيقي، إنما هو شيء من خيالك-، وتحدثي وقدمي بكل إجادة كأنك أمام جمع وحشد حقيقي، هذا نسميه العلاج بالتعريض في الخيال، وهو علاج مهم جدا، ويجب أن تستغرق الجلسة ربع ساعة على الأقل، هذا يكرر يوميا، وقد وجدناه مفيدا جدا، وكثير من الشباب والشابات ننصحهم بأن يقوموا باستعراض ما يودون القيام به، أو تقديمه أمام الآخرين، لذويهم، أو لأصدقائهم، أو لأهلهم، هذا أيضا تمرين جيد، ومن ثم يطبقه الإنسان في الواقع.
أريدك -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تطبقي بعض التمارين الاسترخائية، إسلام ويب أعدت استشارة بهذا الخصوص رقمها (2136015)، والدواء المفيد هو إندرال، عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر واحد، ثم يمكنك التوقف عنه، هذا الدواء يكفي تماما من وجهة نظري في هذه المرحلة، وتوجد أدوية أخرى أكثر تخصصية وقوة، لكن لا أراك في حاجة إليها، فحالتك -إن شاء الله- بسيطة جدا، وأرجو أن تلتزمي بكل التوجيهات التي ذكرتها لك، وأسأل الله تعالى أن تعود عليك بالنفع والخير.
وللفائدة راجعي هذه الروابط: (280676 - 269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.