أعاني من الضيق الشديد ورغبتي الدائمة بالبكاء

0 154

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من العمر 23 سنة، عندما تخرجت من الجامعة تقدمت لوظيفة وقبلت فيها، وقعت عقد التدريب لمدة ثلاثة أشهر.

قبل مباشرة العمل أحسست بشعور غريب وتوتر، ورجحت السبب بذلك لأنها تجربة جديدة، وعندما بدأت العمل بدأت في التأقلم قليلا، ولكن مشاعر التوتر والكبت وضيق الصدر ظلت موجودة، حتى عندما أذهب إلى زيارة الأقارب أو الأصدقاء أجد نفسي أفكر في العمل، علما أنه لا يوجد ضغط عمل، فأنا أستطيع أن أنجز العمل وأنتهي منه بنفس الوقت.

تعبت من هذا الشعور، حتى إن تحدثت مع أحد ما في العمل وصمتنا قليلا، ثم رأيته يضحك أشك بأنه يضحك علي، ويدبر لي مؤامرة، في السابق لم أكن هكذا، تغيرت نظرتي بعدما رأيت صديقاتي اللاتي أثق بهن كثيرا يتحدثون عني بسوء ويضحكون، وكانوا يسخرون من صديقة أخرى ويشتمونها، وإذا حضرت يصمتون ويتحدثون معها بشكل عادي، صدمت حقا، ولم أعتقد أنهم هكذا، وليس لدي ثقة بأي واحدة اليوم.

الأحداث التي تمر في العمل كنت أقول بأنها مجرد أوهام، ولا وجود لها، وأحيانا أرجع لحالتي وأبكي وأرتجف ولا أنام، أكثر الأيام في العمل لا يوجد بها مهام أفعلها، فأجلس بالساعات وأنا مكبوتة ولا أفعل شيئا، تحدثت مع أقرب صديقاتي وشكوت لها حالتي، فقالت لي: "أنت حساسة، وتدققين بالأمور".

في نهاية الشهر الثاني ازدادت حالتي سوءا، فقدت رغبتي في الأكل، ونزل وزني عن المعتاد، وبهت وجهي، ولم يعد به أي حياة.

كنت أستيقظ من النوم وأصرخ وأبكي كثيرا، لا يوجد أي سبب لذلك، فجأة أرى نفسي بهذه الحالة، قررت ترك الوظيفة، لأنني أحسست بأنها السبب في معاناتي، وبالفعل تركت العمل، وبعد أيام وجدت بأنني أفكر به، وأستيقظ والحال كما هو.

أكملت مدة أسبوعين وأنا لا أنام، أفكر كثيرا في الماضي، وأجلس بالساعات أفكر، أشعر بأن رأسي بات ثقيلا من التفكير، صرت أفكر بأن الجميع يكرهني وأنهم ينتقدون تصرفاتي، أشعر بأنني لا أنفع لشيء، وأظن بأنهم يقولون أنها تركت وظيفتها ولا تصلح لشيء، انحصر تفكيري بهذا الأمر، حاولت إقناع نفسي بأنها مجرد أوهام، والله سيرزقني بوظيفة أخرى، ولكن لا فائدة.

قرأت القرآن كثيرا، ودعوت ربي أن يبعد عني هذا الشعور، وتلك الضيقة، ومشاعر القلق المستمرة، -الحمد لله- خفف ربي عني، أنا خائفة كثيرا من الحصول على وظيفة جديدة فترجع لي الحالة نفسها، صارت أفكاري محصورة بهذا الجانب، فكلما أستيقظ من النوم أفكر بشعوري وهلعي والخوف من المستقبل، مر على ما حدث ثلاثة أشهر، وأنا على هذه الحال إلى الآن، فهل أراجع العيادة النفسية، ولو عرض الطبيب تناول الأدوية هل تحدث آثار جانبية مثل السمنة؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن شاء الله المشكلة بسيطة بالرغم من أنك صعدت أو صعبت الأمر جدا، ولم تستطيعي مواصلة هذه الوظيفة، الذي أراه أن شخصيتك حساسة بعض الشيء، وحين بدأت هذه الوظيفة في مراحلها التدريبية واجهت واقعا جديدا، وحدث لك ما يمكن أن نسميه (عدم القدرة على التكيف)، والشخصيات الحساسة تواجه مثل هذه الصعوبات، عدم قدرة على التواؤم، وقد تظهر بعض الأفكار الظنانية الشكوكية ذات الطابع الوسواسي مثل ما حدث لك.

فأنت لست مريضة، هذه ظاهرة، والذي أراه بالفعل أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا، ويجب أن تحقري هذا الفكر، فكر أن الآخر يكرهك، وأنك شخص غير مرغوب فيه، أنهم يضحكون عليك، هذا فكر شكوكي وسواسي ويجب أن يحقر، ويجب ألا تعطيه أي اعتبار، حين تأتيك الفكرة حقريها، ولا تدخلي في نقاشها، ولا تدخلي في حوارها، لأنك إذا حاولت أن تخضعيها للمنطق وتفسريها وتحاوريها سوف تثبتيها أكثر.

وأنصحك -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تكثري من التواصل الاجتماعي، مثلا الالتحاق بأحد مراكز تحفيظ القرآن، هنا يحدث نوعا من التواصل الاجتماعي المتميز، في محيط لا بد أن تبنى لديك ثقة بالآخرين، كوني نشطة في البيت، مشاركة للأسرة، بل صاحبات مبادرات إيجابية داخل الأسرة، مارسي شيئا من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، هذا كله -إن شاء الله تعالى- فيه خير لك.

وأعتقد أنك محتاجة لأحد الأدوية البسيطة، قليلة الآثار الجانبية، دواء مثل عقار (رزبريادون)، مثلا بجرعة واحد مليجرام ليلا، قد يفيدك، وتتناولي معه جرعة صغيرة أيضا من عقار (زولفت)، والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين)، هذه أدوية بسيطة وطيبة وقليلة الآثار الجانبية، ولا أعتقد أنك في حاجة إليها.

ما اقترحته لك من أدوية هو مجرد مقترحات، وتوجد أدوية أخرى، وإذا رأى الطبيب أن يعطيك دواء آخر فلا تمانعي في تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات